«اليوغا» و«التنفس السليم» يخففـان التوتّر
يعد الضغط النفسي من أكثر الأمور التي تؤثر سلباً في طاقة الإنسان وراحته، ما ينعكس على معظم تفاصيل حياته، سواء المهنية أو الاجتماعية. ويركز اختصاصيون على أمور تساعد على التخلص من التوتر، ومنها تمارين التنفس واليوغا، لتخفيف الضغوط اليومية.
وأكد خبراء أن التنفس السليم وحركات اليوغا البسيطة التي لا تستدعي من المرء تخصيص أكثر من دقائق معدودة من نهاره لممارستها كفيلة بتحرير الجسم من الطاقات السلبية داخله وتأمين حياة صحية، مشيرين خلال ورشة التخلص من الضغط التي نظمتها مؤسسة الإمارات لالتهاب المفاصل، بالتعاون مع جمعية أصدقاء مرض التهاب المفاصل، أخيرا في نادي دبي للغولف، أن التنفس بطريقة صحيحة، واليوغا يحتاجان إلى تعود وتدريب كي تكون لهما الفائدة المرجوة منهما.
ونبهت المدربة على التنفس في شركة فن العيش، سانديا براكاش، إلى وجوب التنفس بطريقة سليمة، كونه السبيل للحفاظ على الصحة الجيدة، لافتة إلى أن أول فعل يقوم به الإنسان حين يولد هو التنفس، وآخر فعل في حياته هو التوقف عن التنفس، «ما يعني أنه سبب حياتنا». وقالت «التنفس غالبا ما يكون سطحيا لدى البشر، لأن مشاغل الحياة تنسيهم التنفس على نحو طبيعي، بينما في المقابل نرى أن الأطفال يتنفسون فطريا بالطريقة الصحيحة التي أساسها نفخ البطن مع الشهيق وملأها بالهواء ثم تفريغها بشكل كامل مع الزفير».
ارتباط نظمت مؤسسة الإمارات لالتهاب المفاصل، ورشة التخلص من الضغط بهدف تعريف المرضى بأهمية الرياضة والتمارين البسيطة التي تخفف من توترهم الذي يزيد من آلامهم. وأوضح الاختصاصي بأمراض الروماتيزم الدكتور أيمن مفتي، أن هناك علاقة بين أمراض المفاصل والضغط النفسي، لأن الضغط يؤثر كثيرا في الجهاز المناعي، وأثبتت دراسات أن 80٪ من المرضى هم الذين يحددون بداية مرضهم. وأضاف أن «العلاقة بين الضغط وأمراض المفاصل هي علاقة متبادلة كون المرض يسبب ضغطا للمريض، ما يجعل المريض يدور في حلقة مفرغة بين الاثنين، لذا لا بد من التخفيف من الضغط كون استمراره يؤدي إلى تهييج المرض». وأكد أن الدراسات أثبتت أن الذين مارسوا اليوغا لمدة شهر تحسنت حالتهم بشكل لافت، وكانت هناك نتائج ملموسة في علاجهم. |
انفعالات
ربطت براكاش بين التنفس والانفعالات العاطفية، فـ«الأول يتغير مع الإحساس بالغضب فيصبح سريعا، أو شبه متوقف عند الخوف أو بطيئا عند الحزن، الأمر الذي يشير إلى أنه من خلال التنفس يمكن التحكم في المشاعر». وأكدت أن «جسم الإنسان حيوي في عمله، ولهذا ينبغي احترامه وإعطاؤه ما يحتاج إليه من الهواء، والتمرين على التقنيات الصحيحة سيجعل التنفس السليم عادة».
وتؤثر العادات الخاطئة بالتنفس في كمية الهواء التي تصل إلى الرئتين، إذ إننا كراشدين نستخدم 30٪ من الرئتين، بينما يستخدم الأطفال ما يصل الى 90٪ منهما، حسب براكاش التي أوضحت أن من بين التقنيات التي تقود الى تنفس سليم «التنقل بين التنفس السريع والبطيء، وفن الهدوء الذي يجب أن يبتعد المرء فيه عن الضجيج، وينعم بالطبيعة لأربعة أيام، أو تمرين قوة التنفس الذي يقوم على تحريك اليدين والتنفس بالتزامن مع الحركة».
وبحسب الخبيرة لا يتوقف تأثير التوتر عند حدود التنفس بل يؤثر أيضا في الضحك، لذا تساءلت لماذا نفقد الابتسامة مع التقدم في العمر؟ وأفادت بأن الطفل يضحك نحو 300 مرة في اليوم، بينما يضحك المراهق نحو 15 مرة، فيما الراشدون لا يضحكون أكثر من ثلاث مرات في اليوم.
تمارين
بينما أشار مدرب اليوغا فيشواز شابرا، إلى وجود العديد من تمارين اليوغا التي يمكن إدخالها إلى نظام الحياة اليومية، وأثناء ممارسة الشخص لعمله، وعددها يقارب الـ69 تمرينا، وتشغل مختلف أعضاء الجسم، مشيرا إلى وجود ما يقارب الـ30 تمرينا للأقدام، ونحو 17 تمرينا للأكتاف، معتبرا أن هذه الحركات يمكن أن ترافق النشاطات اليومية، «فمن الممكن تحريك الأكتاف أو الأرداف أثناء تنظيف الأسنان، أو حتى يمكن العمل على العنق والأقدام في أثناء إعداد وجبة الطعام، فهذه الحركات اليومية تحافظ على العمود الفقري مستقيما، ما يضمن الشباب الدائم».
وذكر شابرا أن إعطاء المرء وقتا لهذه التمارين يعني أنه يقيم علاقة مع ذاته، وبالتالي سيكون سعيدا في حياته وبعيدا عن التوتر، مشيرا إلى أن الانشغال بالعمل غالبا ما يبعدنا عن الأشياء التي نحبها. وأكد أن اليوغا تساعد على زيادة الشعور بالسعادة، كونها تؤمن الهدوء النفسي الداخلي، ما ينعكس على الجسم الذي أثبتت الدراسات أن مناعته ضد الأمراض تزداد مع الراحة النفسية.
وقدم مدرب اليوغا جورج اسطنبولي، مفاهيم اليوغا على الكرسي، والتي يمكن أن يقوم بها المرء وهو جالس في مكتبه، أو في منزله، للتخفيف من الضرر الناتج عن التوتر، والذي قد يقود للروماتيزم أو عدم انتظام دقات القلب، أو حتى السرطان، معتبرا ان الضغوط باتت من أكثر الأمراض خطرا في العالم. وأشار إلى أنه من الضروري أن يعرف المرء كيف يحدث التوتر ليتمكن من إيقافه، وقال «يتعرف العقل إلى وجود الخطر في الحياة اليومية، ثم يقوم الجسم بإفراز الأدرينالين والكورتيزون وهرمونات التوتر والسكر والكوليسترول، وبالتالي يتصرف الانسان بشكل حضاري يكبتها داخل الجسم، الأمر الذي يؤدي الى بروز الأمراض».
وقت للرياضة
أفاد اسطنبولي بأن أساس اليوغا على الكرسي تقوم على التنفس البطيء والعميق والواعي الذي يهدئ الحالة النفسية ويخلص الجسم من الهرمونات التي أفرزت، فيما التخلص من السكر والكوليسترول الذي أفرز نتيجة الضغط يكون من خلال الرياضة. وشدد على أن الشخص الذي لا يعطي وقتا للرياضة، سيعطي في حياته المستقبلية وقتا للمرض. وقال ان «البشر يقضون حياتهم على الكرسي، ولهذا أقدم تلك التمارين الخاصة، التي تشمل التمدد وتشغل جميع عضلات الجسم»، مشيرا إلى أن الرياضة التي يمارسها الناس حاليا ليست رياضة، لأن كثيرين يمارسون الرياضة وهم منشغلون في سماع الموسيقى، ما يعني أن الوعي مشتت، وبالتالي يؤثر ذلك في عملية حرق الدهون.
وأكد اسطنبولي أن اليوغا عملية موازنة بين التنفس والحركات، وتشمل الجسد والعقل. وقدم تمارينه التي تقوم على الموازنة بين الشهيق والزفير، مع الانتباه إلى تشغيل الجهاز العصبي، كما أعطى تمارين التمدد للعنق وتمارين المرونة، وهي بحسب المدرب السوري تمارين لا بد من ممارستها من خمس إلى 20 دقيقة وثلاث مرات في الأسبوع على الأقل.