إجازة الأزواج.. عطلة تنغصها شـــــــجارات
بدلاً من أن تكون الإجازة فرصة لاستمتاع العائلةفي أجواء حميمية، تغيبها انشغالات العمل عن العائلة طوال أشهر السنة، تتحول لدى أزواج الى فترة مليئة بالمشاحنات والمشاجرات، بسبب اختيار مكان الاقامة في أثناء الاجازة، إذ يواجه كثير من المقيمين العرب تلك المشكلة حين يعودون الى بلدانهم في الإجازة، فالبعض يتقبل بقاء الزوجات لفترة في منازل أهلهن، فيما آخرون لا يتفهمون هذه الحاجة، ويطلبون ملازمة الزوجات لهم طوال أيام العطلة، ما يحول تلك الفترة الى كابوس من المشكلات والمشاجرات.
قالت فرح إبراهيم: «لست من الذين يواجهون هذه المشكلة، لأن أهلي يقيمون في الإمارات، وبالتالي عند
تقسيم قال الدكتور محمد النحاس، إنه يجب على الزوجين تقسيم الاجازة الى ثلاث فترات، فيقيمان في مكان مستقل وحدهما، ولو في فندق في الفترة الأولى من الاجازة، ثم لاحقاً في الفترة الثانية تذهب الزوجة لأهلها، وكذلك الزوج، كي يتمكنا من رؤية متطلبات أهاليهما النفسية وليس المادية، وكذلك لكي يقوما بتفريغ المكبوتات والتي تعرف بالإفراغ الوجداني، وهذا مفيد جداً ـ حسب النحاس ـ الذي أشار إلى أن الجزء الثالث من الإجازة يجب أن يخصص للواجبات الاجتماعية، إذ يتبادل الزوجان الزيارات العائلية والعزائم ليبقيا على تواصل مع من يعرفهما لأنهما في النهاية سيعودان الى وطنهما. |
ما نخرج في إجازة نقيم عند أهل زوجي في سورية، ولم نفكر يوماً في أن نقيم في فندق، لأن معظم إجازاتنا صغيرة، كما أنني لم أواجه أي احتكاكات مع العائلة، فأسرة زوجي صغيرة، والحياة معهم مريحة»، مشيرة إلى أنها لا تشعر بأن وجودها وزوجها يسبب إزعاجاً لأحد، ولكن من الممكن أن تشعر بذلك ربما مع وجود أطفال قد يقلقون العائلة، معتبرة أنه يجب على المرأة تقسيم الإجازة بين الطرفين، إذا ما كانا يعيشان في البلد نفسه.
أما اللبنانية، أديل عيسى دياب، فأكدت أنها لا تشعر بهذا الأمر، لأن أهلها وأهل زوجها كذلك يعيشون في الإمارات، وبالتالي قد تزور الأردن بلد زوجها أو لبنان لرؤية الأقارب لفترة قصيرة، لافتة الى أنها تحبذ الإقامة في فندق، لأنها ترى أن هناك خصوصية للأزواج يجب أن تحترم، وبالتالي الإقامة المستقلة تمنح الزوجين الحرية التامة في الإجازة، لاسيما إن كانت طويلة الى حد ما حسب دياب.
خلافات
اللبناني سامر ريشا رأى أن «وجود الزوجة في منزل الأهل ليس من الأمور التي تزعجني، ولكنني غالباً ما أسأل أقاربي عن زوجتي، فهم أحياناً يظنون أنها لا تحبهم، ولكنني شخصياً أتفهم أن هناك احتياجاتها كي تكون مع أهلها بسبب عيشها خارج البلد لفترة قد تمتد إلى ما يقارب السنة». ولم ينفِ ريشا تعرضه وزوجته لبعض المشاجرات نتيجة إقامتها عند أهلها لفترة طويلة جداً، موضحاً أنه «على الرغم من أنني مقتنع بوجوب إقامة زوجتي عند أهلها الا انني أحياناً كنت أشعر بالضغط من كثرة تساؤلات المحيطين فتحدث الخلافات بيننا».
بينما أكدت العراقية، نور الدليمي، التي لم تعد تزور وطنها بسبب الأحداث الأخيرة، أن إجازاتها الماضية كانت تقضيها في بيت بالإيجار، أو في منزل اهلها أو عائلة زوجها، واصفة الخلافات التي قد تحدث بأنها طبيعية وبسيطة وليست كبيرة. وذكرت أن المرأة حين تذهب وحدها في الإجازة تقضيها في منزل أهلها، وتكون مرتاحة أكثر.
واتفقت مع الدليمي، العراقية ايمان حسن، التي تقضي معظم إجازتها عند أهلها، والتي أكدت أنها ترتاح في منزل أهلها ولا تتقيد، كما أنها تعوض في هذه الفترة عن الحنان الذي تفتقده في الغربة، منوهة بأن أهل الزوج مهما كانوا مريحين في التعامل، لن يكونوا كالأهل إطلاقاً.
وقالت الفلسطينية ليلى عواد: «أقضي الاجازة في الضفة عند أهلي، وغالباً ما أواجه مع زوجي الكثير من الخلافات، إذ إنه من سكان الأردن، وبالتالي يطلب تقسيم الإجازة»، مشيرة إلى أن الاقامة في بيت أهل الزوج تجبر المرأة على المجاملة.
أما الأردنية بسمة عرفات فرأت أنها تفضل أن تسافر الى بلد أوروبي بالمال الذي تخصصه للإجازة، تجنباً للخلافات التي قد تحدث حول تقسيم الاجازة والاقامة عند من، كي تكون مرتاحة، معتبرة الاجازة العائلية من الأمور المهمة جداً، وبالتالي يمكن لاحقاً لكل من الطرفين أن يزور أهله مستقلاً.
آلية إنسانية
أكد مدير المركز الدولي للاستشارات النفسية، الدكتور محمد النحاس، أنه لابد من وجود مساحة للإجازة للطرفين مع بعضهما بعضاً، دون الأهل، إذ يمكن لكل فرد الاستمتاع بكينونته الخاصة به، مضيفاً أنه «من الضروري أن تكون الفترة الأولى مع الأطفال، كي يشعر الأطفال بالحميمية التي يفتقدونها طوال فترة العمل، لاسيما أن الوافدين يأتون من أجل المال، الأمر الذي يجعلهم يعملون أكثر، فهم منشغلون في تجويد عملهم ما يجعل مساحة الأسرة غير موجودة». ولفت النحاس الى افتقاد كثير من الأسر الى الدفء والحميمية، والاحساس بالكينونة الذاتية، وبالتالي تعتبر الاجازة فرصة لاستعادة نشاطه الانساني بشكل طبيعي، لأن معظم الناس الذين يعيشون في روتين العمل، يعيشون في شبه آلية انسانية، والتي هي عبارة عن العيش دون الاستمتاع بالمشاعر، فيما إنسانية الانسانية تعني الشعور بكل ما نقوم به في الحياة.
واعتبر الإجازة فرصة للعيش مع الزوجة بشكل متكامل، وكذلك العودة للمشاعر التي هدفها المودة والرحمة، مشدداً على أهمية اقامة الزوجين المشتركة في منزل مستقل في الفترة الأولى، ثم الاقامة المستقلة لكل منهما عند أهله في الفترة التالية، وذلك كي لا يحدث احتكاكات نتيجة اختلاف البيئة. أما الأطفال فيفضل أن يقيموا في المكان الذي يناسبهم، لأن الاجازة يجب أن تكون مصدر متعة لهم، وليس العكس كي لا يعكسوا توترهم على الأم والأب.
تناقضات
من جهته، أوضح رئيس قسم علم الاجتماع في جامعة الشارقة، الدكتور أحمد العموش، ان الإجازة السنوية تحمل الكثير من التناقضات، بالنسبة للآباء والأبناء، فغالباً ما يريد الآباء الالتزام بالعادات الاجتماعية، بينما يفضل الابناء قضاءها في الترفيه، لذا لابد من إعادة النظر في كيفية تقسيم الاجازة السنوية، فهي غالباً ما تكون مخصصة للواجبات الاجتماعية. ونوه بأن المكان الذي سيقضي فيه الأزواج الاجازة، غالباً ما يحدث إشكالات، وقد يلجأ بعض الازواج الى إلغاء الاجازة، بسبب عدم وجود الاستقرار المنزلي، بالإضافة الى أن المجتمع العربي لا يرحم الزوج إن أمضى العطلة عند أهل زوجته، باعتبارها من الأمور التي تنتقص من رجولته. واعتبر أن المرأة هي التي تكون ضحية كل هذه القيود الاجتماعية، فلا يسمح لها الزوج بقضاء الوقت الكافي عند الأهل، وبالتالي هذا ينعكس على نفسيتها، ويؤثر في صفاء الإجازة. ولفت العموش الى أن الأولوية يجب أن تمنح للترفيه، فيجب ألا يغفل الزوجان الجانب الاقتصادي بل يكونان عقلانيين في ترتيبهما للأولويات والمصروفات. كما أنه لابد من وضع جدول للإجازة ينظم النشاطات كافة.