الصحة ليست دائماً تاج الأثرياء
قال فريق من خبراء الاجتماع البريطانيين إن ما لمح اليه أحد كبار مستشاري الرئيس الاميركي باراك أوباما الاقتصاديين، من أن الدول الغنية هي أيضاً الأكثر تمتعاً بالصحة ليس صحيحاً بالضرورة. ودرس فريق الباحثين بيانات 22 دولة طوال نصف قرن لاختبار المبدأ القائل إن تحفيز النمو الاقتصادي يحسن بشكل تلقائي مستويات الصحة العامة خصوصاً في العالم النامي.
وخلص الفريق الى أن هذه الفكرة مبسطة بدرجة مبالغ فيها، وأنه في بعض الأحوال ساءت الصحة العامة رغم صعود الاقتصاد الوطني. وقال الباحثون إن هذا يرجع الى تجاهل واضعي السياسة للفقر وعدم المساواة نظراً لانشغالهم أكثر بالنمو الاقتصادي وهي استراتيجية قد تتسبب في نهاية المطاف في ازهاق أرواح.
وقال لاري كينغ من قسم الاجتماع في جامعة كيمبردغ، الذي نشرت دراسته في دورية علم الاجتماع والطب «المنطق القائل بأن الأغني يتمتع بالصحة يدور حول فكرة انه اذا كان هناك نمو اقتصادي فأنت لديك الموارد التي تساعد على تحسين الصحة العامة بشكل عام. دراستنا اكتشفت ان الثراء ليس وحده كافياً. اذا كان واضعو السياسة يريدون تحسين الصحة فعليهم ان يدرسوا عن كثب الأثر الذي يحدثونه على مستوى حياة الأفراد».
وقال كينغ إن الصلة بين النمو الاقتصادي وتحسين الصحة العامة وردت للمرة الأولى في بحث مهم صدر عام 1996 شارك في كتابته المدير الحالي للمجلس الاقتصادي القومي في الولايات المتحدة لاري سامرز وهو من مستشاري الرئيس البارزين. ومنذ ذلك الحين أصبحت هذه «صيغة ارشادية» لوزارات الصحة وكثير من الاجهزة المالية العالمية التي تدعم النمو الدولي.
ودرس الفريق الذي قاده باحثو كيمبردغ أثر الفقر وعدم المساواة في 22 دولة من دول أميركا اللاتينية من عام 1960 حتى عام .2007 وركزت دراستهم على ثلاثة قياسات تقليدية للصحة العامة وهي متوسط العمر ومعدلات وفاة المواليد ومعدلات الوفاة بالسل مقارنة بنصيب الفرد من اجمالي الناتج المحلي كمقياس للنمو الاقتصادي. وقال الباحثون إن النتائج الاولية أيدت في ما يبدو هذه النظرية. فكل زيادة بنسبة 1٪ في اجمالي الناتج المحلي ارتبطت مع خفض بنسبة 1٪ في معدل وفيات المواليد وزيادة في متوسط العمر قدرها نحو 22 يوماً. لكن حين درس الباحثون العلاقة بين الثراء والصحة في الفترة كلها بما في ذلك توزيع الثروة ظهر نموذج مختلف. فخلال فترات زادت فيها هوة عدم المساواة، على سبيل المثال وجدت الدراسة ان زيادة اجمالي الناتج المحلي بنسبة 1٪ أدت الى خفض معدل الوفيات بنسبة 0.9٪ فقط، ولم يكن لها اي تأثير في حالات الوفاة بالسل او على متوسط العمر.
وقال كينغ: «الأزمة الاقتصادية الراهنة اثارت قلق رجال السياسة والبنوك المركزية والمنظمات المالية الدولية حتى يستعيدوا معدلات نمو مرتفعة. لكن طبقاً لنتائج (الدراسة)، فإن التركيز على النمو لا خفض مستويات الفقر وعدم المساواة قد يؤدي فعلياً الى ازهاق أرواح».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news