محترفو الطــــوابير.. مهنة جــديــدة فـــــي أوكرانيا
الوقوف في طوابير هو جزء من الحياة اليومية في أوكرانيا، فعادة هناك مئات الأشخاص يقفون في طوابير أمام المكاتب الحكومية في الجمهورية السوفييتية السابقة. ويجني رجل أعمال شاب أموالاً الآن من مهمة الانتظار في الطوابير التي لا يرغب فيها أحد من خلال إمداد السوق «بمحترفي الوقوف في طوابير».
وفي صبيحة كل يوم تقريباً، يقف إيجور في طابور على رصيف المشاة أمام سفارة المجر في كييف. درجة الحرارة وصلت إلى نحو 30 درجة مئوية ولم يحن موعد الظهيرة بعد.
الشمس مشرقة ولطيفة، لكن إيجور، الذي لا يرغب في ذكر اسمه الأخير، يواصل الانتظار بشكل رزين منتظراً دوره، فرغم كل هذا لاتزال هذه هي مهنته، إذ إن الشاب (34 عاماً) محترف في الوقوف في طوابير. ولايزال الوقوف في طوابير في أوكرانيا، خصوصاً أمام المصالح الحكومية والجامعات والمستشفيات أمرًا شائعاً حتى بعد مرور 20 عاماً على سقوط النظام الشيوعي. إلا أن هذا أوجد فرصة تجارية يهتم بها أندري ماتيشفيتس (25 عاما) أيما اهتمام، فهو يوفر منذ شهرين أشخاصاً محترفين في الوقوف في الطوابير.
وتولدت الفكرة لدى ماتيشفيتس بعد أن اضطر للوقوف بنفسه لنصف يوم مرات عدة أمام عدد من المصالح الحكومية. ولا تقوم المصالح الحكومية في أوكرانيا بتعليق لائحة بساعات العمل الخاصة بها. وبالتالي أصبحت الغابة البيروقراطية كابوساً حتى لمواطني أوكرانيا الأكثر صلابة. وقال ماتيشفيتس «عندما ترغب في تسجيل سيارتك في أوكرانيا، تحتاج إلى 15 ورقة مختلفة، جميعها تختم من مكاتب مختلفة».
وتعد فكرة توفير خدمة الوقوف في طوابير أمراً بسيطاً. عدة يتقاضى محترفو الوقوف في الطوابير 39 هريفنيا (4 يورو) في الساعة. وقبل فترة وجيزة من بلوغ محترف الوقوف لدوره يستدعي الشخص الذي يمثله لكي يتسنى له الحضور للمكتب وإنجاز المهمة التي حضر من أجلها. وعلى مدار الأسابيع الأخيرة، وقف إيجور، عامل موسمي، أمام سفارتي المجر وبولندا كل يوم تقريباً. ويرغب الأشخاص، الذين يقف بدلاً منهم في الطابور، في تقديم طلب للحصول على تأشيرة دخول أو تأشيرة عمل.
وقال الرجل النحيل الذي فقد عمله في حانة صغيرة قبل نحو عامين «ما لم تمطر، فلا أمانع من الانتظار في الطابور... هاتفي المحمول معي وأمضي الوقت في لعب الألعاب عليه». وتعد الأموال التي يكسبها كافية نوعًا ما وفقاً للمعايير الأوكراني ، إذ إن البلد الذي تضرر بشدة جراء الأزمة الاقتصادية العالمية، يكاد يكون مفلساً وفقد ملايين الأشخاص وظائفهم في السنوات الأخيرة، كما أنه لا توجد مستحقات تدفع للعاطلين عن العمل أو مساعدات اجتماعية أخرى في هذا البلد.
ويعمل في شركة ماتيشفيتس، التي يعني اسمها شركة تقديم خدمات سريعة، 10 أشخاص آخرين من محترفي الوقوف في الطوابير. ولا يلقى الوقوف في الحر على الأرصفة أمام المنشآت الحكومية أو في الممرات المظلمة المكتظة داخل تلك المنشآت استحساناً لدى كثير من راغبي الحصول على عمل. وقال ماتيشفيتس «أوظف حالياً فقط الرجال الذين يبدو أنهم أكثر تحملاً وأشد بأساً».