حليمة الصايغ: خناجري ذات «رسالة وطنية». تصوير: جوزيف كابيلان

حليمة الصايــغ.. خناجــر مرصّعة برموز

حتى الأسلحة لم تبتعد عن لمسات الأيدي الناعمة، التي أكسبتها لمحات من الرقي والأناقة توارت خلفها خطورة تلك الأسلحة، فقد اختارت الإماراتية حليمة الصايغ السيوف والخناجر لتضع عليها بصماتها وتصميماتها، لتصبح بذلك اول مصممة تتخصص في تزيين السيوف والخناجر في الخليج، وهي الوحيدة في هذا المجال حتى الآن.

وأوضحت الصايغ في حوارها مع «الإمارات اليوم» ان توجهها لهذا المجال ليس غريبا؛ إذ إنها تنتمي إلى عائلة عرفت منذ سنوات طويلة باحترافها مهنة الصاغة والعمل في اللؤلؤ والمجوهرات والذهب، بل وتخصص والدها عبدالله الصايغ وآخرون من أفراد عائلتها في تصميم الحلي والمجوهرات الخاصة بشخصيات مهمة في الإمارات.

بفخر تشير الصايغ إلى انها نجحت في ان تستعيد الخنجر التقليدي من طي النسيان، وتنفض عنه غبار الزمن، لتعيده في أبهى حلة، بعد ان تقوم بتزيينه بصور لرموز إماراتية، ما جعل هذه الخناجر تحمل «طابعا وطنيا»، حسب تعبيرها، مضيفة «لا تقتصر تصميماتي على تطعيم الخنجر بالأحجار الكريمة فقط، ولكن لدي مجموعة متميزة من الخناجر زينتها بصور شيوخنا، في مقدمتها خنجر يحمل صورة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، وآخر يحمل صورة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وهما من القطع التي اعتز بها كثيرا في مجموعتي».

مقتنون

ترصع المصممة الإماراتية الخناجر والسيوف، التي غالبا ما تصنع من الفضة، أو تطلى بماء الذهب، بالأحجار الكريمة مثل الفيروز والزاركون وغيرهما، مشددة على حرصها على الحفاظ على السمات التقليدية للخناجر التي تستخدمها. وتضيف «يتكون الخنجر من جزأين: النصل وهو الشفرة الحديدية أو السلاح، وجسد الخنجر ويعرف بالجراب أو الغمد، ويصنع من الأخشاب المأخوذة من أشجار محلية أو يتم استيراده من دول آسيوية كالهند وباكستان».

رسالة

لا يقتصر مشروع حليمة الصايغ التي تخرجت في كلية التربية، على إنتاج الخناجر والسيوف المطعمة من خلال المؤسسة الخاصة بها «شموخ»، إذ تعمل على جمع وتوثيق المعلومات حول صناعة السيوف والخناجر، وصياغة الحلي الاماراتية القديمة، فهناك الكثير من الامور بدأت تتراجع وتختفي في هذه الحرفة التي توارثتها عائلتها منذ ما يقرب من 150 عاما، وذلك بهدف اصدار كتاب حول هذه المهنة، بدعم من هيئة ابوظبي للثقافة والتراث.

وقالت حليمة «أعتبر الحفاظ على تراث الآباء والاجداد، وتوثيق مهنة صياغة الحلي وتسليط الضوء على أبرز من عملوا بها، رسالة وطنية أحملها على عاتقي واعمل على تحقيقها»، مشيرة إلى أنها واجهت بعض الصعوبة في بدايتها منذ ما يقرب من ثلاث سنوات، نظراً لأنها فتاة، ولم يكن هناك وجود واسع للمرأة في مجال صناعة الخناجر والسيوف او الحلي التقليدية، ولكن مع الوقت، وبعد ان اطلعت عائلتها على ما تقدمه من تصميمات متميزة ترتبط بوضوح بالتراث الاماراتي وتقديمه في صورة رصينة وأنيقة لم تبتعد كثيراً عن الخط الذي اشتهرت به العائلة، تحولت المعارضة إلى تأييد وتشجيع لها ولعملها.

ويمثل الإماراتيون، بحسب الصايغ، الشريحة الكبرى بين مقتني الخناجر والسيوف المرصعة بالأحجار الكريمة، ويزيد الإقبال على القطع التي تحمل رموزا وطنية، مثل علم الدولة وصور الحكام، خصوصاً في الأعياد والمناسبات الوطنية، يليهم الأجانب الذين يجدون في هذه القطع هدايا تذكارية متميزة تعبر عن الدولة وتراثها «ولكن بشكل عام يقتصر هذا الأمر على فئة محدودة جدا من الناس»، لافتة إلى ان سعر القطعة يبدأ من 20 ألف درهم، ويختلف وفقاً لعدد الأحجار الكريمة التي يتضمنها وأنواعها.

أنواع

على خلاف ما يعتقد كثيرون؛ تختلف السيوف والخناجر، من بلد لآخر من حيث الحجم والشكل ودرجة انحناء النصل كما أوضحت الصايغ، «ولعل من أشهر أنواع الخناجر وأكثرها تعدداً في التصميم الخنجر العماني، والخنجر اليمني، أيضا هناك الخنجر الإماراتي الذي يتميز بمواصفات مختلفة»، مشيرة إلى ان اتجاهها لهذا المجال جاء رغبة منها في الحفاظ على تراث عريق امتد في عائلتها عبر أجيال متعاقبة، وإعادة الاعتبار للسيوف والخناجر التي تمثل جانبا من جوانب التراث الإماراتي والثقافة الشعبية في الدولة.

أما السيوف فمنها، حسب المصممة الإماراتية، نوعان دارجان هما الكتارة والسيف، وتتميز الكتارة بخفة وزنها وسهولة حملها وهي مناسبة أكثر للاستخدام في الرقصات الشعبية المتوارثة في المنطقة «في عملنا يجب مراعاة التناسب بين شكل الخنجر والتصميم الذي سيتم تنفيذه عليه، فهناك خناجر يصعب تركيب الاحجار الكريمة عليها خصوصاً الاشكال القديمة منها، نظراً لأن حجم المقبض بها يكون صغيرا ولا يتسع لطباعة الصور عليه او ترصيعه بالاحجار، بينما نراعي في التصميمات الحديثة التي نستخدمها إيجاد مساحة كافية لتطبيق التصميمات الجمالية عليها، مع الحفاظ على الطابع التراثي التقليدي للخنجر».

الأكثر مشاركة