وضع «حدود» لها يوفر استقلالية لشريكي الحياة
الخادمة.. غريب يحد من خصوصـية الزوجين
وجود الخادمة بات حاجة ملحة لدى كثير من العائلات، إذ تعتمد عليها أسر في ترتيب المنزل والطبخ وأحياناً العناية بالأطفال، ولكن في الوقت ذاته إقامة شخص غريب في المنزل، يتواجد طوال الوقت، تفقد الزوج والزوجة كثيراً من الخصوصية في حياتهما العائلية. بالإضافة إلى كل ذلك، فوجود الخادمة في المنزل طوال الوقت يسهم في تعرفها إلى الكثير من الأسرار الموجودة ضمن المنزل، ما يؤدي الى طرح التساؤل حول مدى أمانتها في حفظ هذه الأسرار أو إمكانية تسريبها خارج المنزل عن طريق خدم أصدقاء العائلة.
وقال السوري عمر هارون، إن «الخصوصية ستكون محدودة بوجود الخادمة، ولكن بما إن الأخيرة تساعد الزوجة في المنزل، فهذا سيمنحنا مزيداً من الوقت المشترك كثنائي، لأنها تمنح المرأة الوقت لتقضيه مع عائلتها»، مشيراً الى أن كل زوج وزوجة يحتاجان الى أوقات يشعران فيها بالاستقلالية، وبالتالي يجب أن تكون للخادمة غرفة خاصة، ومكانها الخاص وتحترم خصوصيتها في المنزل.
واعتبر هارون، أنه لا يجب أن تكون كل نشاطات العائلة مشتركة، فليس من الضروري أن تجلس معهم على طاولة الطعام مثلا، أو أثناء اجتماعهم كعائلة.
قصص
بينما قال السوري فيصل حورية: «أحياناً نضطر الى معاملة الخادمة بأسلوب جيد جداً، وذلك بسبب كثرة القصص التي نقرأها في الصحف ونسمع عنها، بالإضافة الى أن بعض الخادمات اللواتي يأتين من بلدان غريبة، ويشاهدن تطور الحياة هنا، ويذهبن معنا الى مراكز التسوّق، بالطبع يكون أمراً جديداً عليهن، ويجبرنا على مسايرتهن خوفاً من تأثير ذلك في نفسياتهن»، لافتاً إلى أنه لا يحبذ وجود الخادمة في بداية الزواج، فمن الممكن اللجوء إلى ذلك الخيار بعد مرور سنوات على الزواج، وبعد إنجاب الأطفال، أي عندما تصبح المرأة بحاجة إلى مساعدة.
ورأت المواطنة (أم محمد)، أن بعض الخادمات يقمن بتسريب بعض الأمور التي تحدث في المنزل إلى خارجه، وأحياناً يقمن بزيادة الكلام على ما حدث، منوهة الى أنها تحرص في بيتها على أن تحـدد دور الخادمة، كي لا تؤثر في تربية الأطفال، لأن بعض الخادمات يعملن على كسب الأطفال كي لا يستغنوا عنهـن. وشـددت على أنه لابد من عدم اقحام الخادمة في كل شيء «فلا أصطحب الخادمة معي إلى أي مكان وحتى مراكز التسوّق، فلا أحب وجـودها معنا ومع أطفالي، بل أتركها عند أمي حتى أنهي كل طلباتي».
من جهتها، أكدت المواطنة زينب الملا، أنها لا تمنح الخادمات الفرصة كي يتعرفن إلى خصوصية المنزل، ولهذا غالباً ما تحرص على مناقشة أمور العائلة ضمن غرف المنزل الخاصة «فربة البيت هي التي تحدد دور الخادمة في المنزل، وهي التي تجعلها تحترم خصوصية المنزل».
بينما لا تحبذ الأردنية مي هارون، وجود الخادمة الدائم في المنزل، وقالت: «بات وجود الخدم ضرورياً في منازلنا، ولهذا أرى أن وجودها المؤقت هو الحل الأفضل، لأن وجودها الدائم في المنزل لا يفقد المنزل الخصوصية فحسب، وإنما تسبب نوعاً من الاتكالية من قبل الموجودين في المنزل»، لافتة الى أن أي شخص يصعب عليه أخذ راحته في وجود خادمة في المنزل، فهذا أمر صعب، لذا لابد من أن تكون لها غرفتها الخاصة وكل مستلزماتها، فهذا يشعرها بالراحة وبأن لها خصوصية تحترم، وبالتالي لابد من معاملتها كعاملة وليس شخصاً قريباً، كي لا تتدخل وتتمادى في علاقتها مع أصحاب المنزل.
أدوار
غرفة خاصة نصحت الاستشارية في الطب النفسي، رقية مكارثي، بضرورة توفير غرفة خاصة للخادمة، تضمن لها حريتها في المنزل، وتساعدها على عيش مشاعرها بحرية، «فهي كائن بشري وقد تحتاج لأن تكون مع نفسها أن تفكر أو تبكي مثلاً، كل هذا لابد من احترامه». واعتبرت أن جعل حدودها ضمن المنزل، لا يعني إطلاقاً حرمانها، فمن الممكن أخذها الى المطعم، تماماً كما نأخذ أولادنا، ونطلب معاملتها أفضل معاملة، فهي بشر ومن حقها أن تستمتع، لكن بشرط أن تعرف دورها في المنزل وحدودها. |
قالت الاستشارية في الطب النفس الدكتورة رقية مكارثي: «حين نحضر أي شخص الى المنزل، بغض النظر عن ثقافته وجنسيته، فالخصوصية ستلغى من البيت، وبالتالي التصرفات لا يمكن أن تكون طبيعية»، مشيرة الى وجود بعض العائلات التي يعامل أفرادها الخادمة وكأنها فرد من الأسرة، فتكون موجودة معهم في الزيارات العائلية التي يقومون بها، بينما هي يفترض أن تبقى ضمن حدود المنزل، لأن وجودها في منزل آخر ومع خادمة المنزل الآخر يهدد البعض بانتقال أسرار المنزلين.
وأضافت مكارثي أن «بعض العائلات تشعر بالشفقة على الخادمة، فيتصرفون معها على أنها فرد من العائلة، ما يجعل بعض الخادمات تفقد احترامها لأهل المنزل»، مشددة على ضـرورة وضـع حـدود لدخـولها الغـرف، فلا يمكن ان تدخل أي غرفة وفي أي وقت، بل يجب أن تكون هناك محاذير، وكذلك يجب أن تكون بعيدة في أثناء تناول العائلة للعشاء مثلاً، فهذا الوقت مخصص للعائلة.
وذكرت مكارثي، أن «هناك نسبة كبيرة من النساء في العالم العربي تعيش في وحدة، ما يعزز اعتمادهن على الخدم، وجعلهن يرافقهن الى كل الأمكنة، فالزوج غائب، ما يجعل الخادمة تلعب دور الشخص الذي يخفف الوحدة عن ربة البيت»، مشيرة إلى أن دور الخادمة يجب أن يقتصر على التنظيف والعمل، وليس العلاقات الأسرية والاجتماعية، وبالتالي لابد من الفصل بين المشاعر والمهنة، لذا شددت على أهمية معرفة الحدود بين الأشخاص كي يتمكن الإنسان من العيش معها من دون مشكلات.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news