الخوف من الانفصال يدفع البعض إلى المسايرات والمجاملات

المصارحة خلال الخطوبة.. بدايـة لزواج مستقر

المكاشفة تخفف الخلافات بعد الزواج. أرشيفية

تمر معظم العلاقات بين شريكي الحياة بمراحل عدة، تبدأ بالاختيار المنطقي أو العاطفي، وتمتد إلى مرحلة من التعارف خلال فترة الخطوبة، ولكن لا تلبث أن تتحول بعد الزواج الى اكتشاف، فيكتشف المرء الكثير من المزايا، والسلبيات أيضاً، والصفات الجديدة في شريكه التي لا يعرفها، أو ربما يفضل الا تكون موجودة فيه. وقد يؤدي الأمر في البداية الى الكثير من الخلافات، بسبب قلة المصارحة بين الطرفين، أو حتى المسايرة والمجاملات التي تسيطر على فترة الخطوبة، والتي لا تلبث أن تختفي بعد الزواج، حتى يصل الأمر في النهاية إلى إحدى النتيجتين: إما التعايش والتضحية والتفهم، وإما الانفصال، حسب مواطنين ومقيمين استطلعت «الإمارات اليوم» آراءهم.

قال المصري محب سمير، إن «غالبية الرجال لا يكونون صريحين في مرحلة الخطوبة، وبالتالي يتم إخفاء الكثير من العيوب التي لا تظهر الا بعد الزواج»، مشيرا الى أن الرجل يخاف من خسارة حبيبته او خطيبته، ولهذا يفضل الصراحة بين الطرفين منذ بداية التعارف، وذلك للتخفيف من المشكلات التي قد تعترضهم لاحقاً.

أسباب

ورأى السوري أحمد عبداللطيف، أن عدم دراسة الشريكين لبعضهما بعضاً قبل الزواج هو الذي يجعل الحياة بعد الزواج تتحول لعملية اكتشاف مستمر، لافتاً إلى أن هناك أكثر من سبب لإفشال الزواج «فالأهل يسهمون في ذلك احيانا حين يختارون زوجة لابنهم». واعتبر أن الحل يكون بإعطاء فرص كثيرة للطرف الآخر، لأن الانفصال صعب جداً على الثنائي، ولاسيما إن كان هناك أطفال، فشخصياً أتحسر كثيرا على رؤية ابني من زوجتي الاولى، فأنا لم أره منذ زمن بعيد فهو مع والدته، وهذا مؤلم.

أما المواطن عيد عنبر فقال انه مهما كانت العلاقة واضحة، فيبقى هناك بعض الصفات التي يكتشفها المرء بعد الزواج، مشيراً الى وجود الكثير من الأسباب التي تسبب ذلك، منها فترة الخطوبة القصيرة «بسبب عاداتنا العربية والمجتمعية التي تجعل التعارف بحضور الأهل».

وأكدت المواطنة أم ماجد، أن أبرز المشكلات التي تظهر بعد الزواج بسبب إخفاء كل شخص لعيوبه في مرحلة الخطوبة، فيحب أن يظهر بأفضل صورة، مشيرة الى أن اختلافات البيئة هي التي تسبب مشكلات بين الأزواج، بينما تعد فترة ثلاث سنوات فترة كافية كي يتمكن الاشخاص من معرفة طباع بعضهم.

من جهته، قال رئيس المجلس الاستشاري الاسري خليفة المحرزي «تعد فترة الخطوبة من أخصب الفترات التي تسبق الزواج، واكثرها أهمية في حياة الزوجين، لما يحدث فيها من مكاشفة ومواجهة، وتعد فرصة لكلا الطرفين للتعرف عن قرب، واكتشاف الآخر، ومعرفة عاداته، وتقاليده، وسلوكياته، ومدى التقارب الفكري والثقافي بينهما»، مضيفاً لـ«الإمارات اليوم» أن كل ذلك ممكن تحقيقه في اثناء فترة الخطوبة تحت نظام متكامل وضوابط شرعية لا تعيق عملية التعارف التي تتم بوجود محرم حتى يقرر الطرفان الاستمرار والزواج.

ونوه المحرزيبأن الخطوبة أحياناً لا تكون فترة كافية لاكتشاف الطرف الآخر لحرص بعض الازواج على إخفاء العادات والسلوكيات عن الطرف الآخر، لذا نصح بوجوب أن تكون المعرفة حقيقية بعيدة عن التعتيم والنفاق والتمثيل ما يجنب العلاقة الزوجية الصدامات، «إلا انه للأسف الشديد نجد ان الرجل الشرقي كثيراً ما يعمد إلى إخفاء عيوبه قبل الزواج ليظهر بمظهر مختلف ويحصل على مراده دون التفكير في عواقب إخفاء هذه العيوب، واعتماد الوضوح والصراحة لضمان حياة زوجية مستقرة، فالإنسان يجب أن يقدم نفسه دون قشور وزيف، ويجب أن يكون هناك تفاهم وتقارب فكري واجتماعي بين الطرفين». وحول كيفية إتمام التعارف أفاد رئيس المجلس الاستشاري الاسري بأنه لابد من الابتعاد عن محاولة كل طرف اظهار احسن ما لديه، والمبالغة في ذلك، معتبراً أن محدودية فرص التعارف وقصر الفترة تصعب على الشاب او الفتاة رؤية الوجه الآخر للثاني.

مشكلات

وأشار المحرزي الى بروز حالات طلاق غريبة في الفترة الأخيرة، وهي انفصال الزوجين خلال بضعة أيام من إبرام عقد الزواج، فهذه الظاهرة لخطورتها في المجتمع تستدعي بحثها ودراستها، لمعرفة ملابساتها وحيثياتها المختلفة، مضيفاً «قضية اطلاع الزوجين على بعضهما بعضاً قبل إبرام عقد الزواج يمكن أن تعالج مشكلة الطلاق الذي يحدث سريعاً بعد العقد، ولكن القبول بذلك يحتاج إلى تكثيف التوعية في المجتمع، والشيء الضروري الذي يجب على كل شاب وشابة مراعاته هو عدم التسرع في بناء العلاقة الزوجية، إلا بعد التأكد من حقيقة الشخص الآخر.

وحث الاسر على أن تعيد حساباتها في شأن التقاليد والأعراف «فنحن أبناء اليوم، وتختلف أجواء العصر عن أجواء العصور السالفة، وما دام المطلوب لا يتعارض مع الشريعة فيجب عدم التشبث بتلك الأعراف القديمة، خصوصاً إذا كانت تضر بالأبناء، فكثير من الأعراف والتقاليد ليس لها جذر متين، وإنما هي أعراف وتقاليد موروثة، ربما كانت ايجابية في حينها، لذلك يجب على المرء أن يلاحظ المتغيرات الاجتماعية».

حالة

قال رئيس المجلس الاستشاري الأسري خليفة المحرزي «تعاملت مع حالة لزوج يريد ان ينهي حياته الزوجية بعد فترة لم تتعد ستة أشهر من الاقتران، فأثناء فترة الخطوبة اعتقد أن خطيبته تجيد الطبخ، واخذ هذا الانطباع من أطباق حلويات عدة تناولها في بيتهم، وقيل له ان خطيبته هي التي صنعتها»، مضيفاً «قال لي الرجل سررت كثيرا فقد كنت أخشى ان اتزوج فتاة لم تتعلم الطبخ، وتكره الوقوف في المطبخ، ولكن هذا ما حدث بعد الزواج، قالت لي انها صنعت الحلوى بمساعدة أمها، وانها لم تخبرني آنذاك لأنها لم تكن ملزمة، وكان الأمر مجرد تسلية، ولكنها في الحقيقة لا تجيد الطبخ وتعتمد على أمها في ذلك. ولكن بعد الزواج صدمت بأنها لا تجيد حتى صنع الشاي، الأمر الذي سبب خلافات مستمرة».

وأردف المحرزي ان «الإسلام مع التغيرات التي تلبي حاجة الناس، حين لا تكون متباينة مع الدين، ومن الجميل أننا بدأنا نرى تفهما من قبل بعض الأسر، فباتوا يوافقون على إعطاء الزوج صورة لابنتهم، وكذلك فرصة ليسألها عن انطباعاتها في الحياة، وقد يشرح وضعه الحالي وما يتمناه في المستقبل، فيسألها إن كانت قابلة للعيش معه بتلك الحال، والهدف من ذلك معرفة مستوى تفكيرها وثقافتها وفي ذات الحين يتعرف إلى ملامحها».

تويتر