الماكياج الــرخيص.. يهيّج أمراض البــشرة

الأسعار الرخيصة لمواد التجميل قد تكون مغرية.. لكن تأثيراتها سلبية عـــــــــــــــــــــــــــــــــلى الصحة. تصوير: زافيير ويلسون

خلال جولة التسوق تبعثر مستخدمة الماكياج العادية في أرفف مستحضرات التجميل بالمحال التجارية ذات الأسعار المناسبة، فتضع إصبعها بلا أي اكتراث في علبة أحمر الخدود الاختبارية ذات اللون الوردي، ثم تمسك بفرشاة ماسكارا مصنفة في المستوى الثاني من الجودة وتمررها عبر رموشها، وبعد ذلك تتخذ قرار الشراء على أساس اللون والشكل والسعر المعقول. وصحيح أن الماكياج ذا السعر المناسب يُعد نعمة بالنسبة للجيب، إلا إنه قد يكون نقمة بالنسبة للبشرة. لذا ينبغي على النساء، خصوصاً اللائي يعانين مشكلات جلدية مستدامة مثل حبوب الوجه لدى البالغين أو التهاب الجلد العصبي، ألا يتخذن من السعر الرخيص أو التنوع الكبير المغري معياراً رئيساً لشراء مستحضرات التجميل. ومن الأفضل حينئذ شراء مستحضرات التجميل من الصيدليات. أ

وأوضحت كبير أطباء بإحدى عيادات الجلدية بمدينة إرلانغن جنوب ألمانيا غيزيلا هاير، أن مستحضرات التجميل المُباعة في الصيدليات أو المستحضرات المصنوعة خصوصاً للأشخاص ذوي البشرة الحساسة لا تكون بالضرورة أعلى سعراً من تلك التي تُباع في محال العطور ومستحضرات التجميل. وأضافت هاير «يمثل الزبائن الذين يعانون مشكلات جلدية عبئاً ثقيلاً على الموظفين في محال العطور ومستحضرات التجميل والصيدليات». وينبغي على السيدات اللائي يعانين مشكلات جلدية استشارة اختصاصيين، في الصيدليات أو عيادات الأمراض الجلدية مثلاً، من أجل تحديد باقة من مستحضرات التجميل يمكنهن استعمالها من دون أن تسبب لهن أي مشكلات. وتحرص هاير دائماً على ألا تحظر على مريضاتها استعمال مستحضرات التجميل بشكل عام، فهي لا تطلب من المريضات التخلي عن مستحضرات التجميل لبعض الوقت إلا في مراحل تهيج الجلد الحادة فقط.

وبالنسبة للسيدات اللائي يعانين مشكلات جلدية لا يكون الاقتصار على تزيين الشفاه والعيون هو كل ما يمكنهن فعله، إذ ينبغي عليهن مراعاة بعض النصائح والإرشادات. ويتحفظ الاختصاصيون في هذا المجال ولا يحبذون إطلاق نصائح عامة، وينبع هذا التحفظ من اقتناعهم بأن الشيء الذي يضر شخصاً ما يمكن أن يعود بالنفع على شخص آخر. وتقدم عضو الرابطة الاتحادية لاختصاصيي التجميل بمدينة بيكسباخ جنوب غرب ألمانيا مونيكا فرديناند، النصيحة التالية «في حال البقع الجلدية ضعي ماكياجاً مطفأ خالياً من الزيوت بواسطة إسفنجة صغيرة تُستخدم لمرة واحدة فقط»، وتتمثل فوائد هذا الماكياج في أنه يغطي المناطق غير المستوية بالبشرة ويحول دون لمعانها.

وأشارت هاير إلى أن حَب الوجه الذي يصيب البالغين يتسبب - بخلاف حَب الشباب - في جفاف بعض أجزاء الوجه، وهو ما تعززه عمليات التقدم في العمر أيضاً. وفي هذه الحالة تنصح طبيبة الأمراض الجلدية بالابتعاد عن الماكياج الغني والمحتوي على الزيوت، فالأفضل من ذلك استعمال أنواع الماكياج الخفيفة للغاية التي طُورت خصوصاً لإصلاح هذا النوع من عيوب البشرة.

وعلى العكس من ذلك تُعد المنتجات الغنية بإضافات الزيوت أنسب مستحضرات تجميل يمكن استعمالها في حال الإصابة بالتهاب الجلد العصبي الذي يصيب الجلد بالجفاف ويغطيه بالقشور. وفي حال مشكلات الجلد الأخرى، مثل الاحمرار أو تمدد أوردة الوجه، تنصح فرديناند باللجوء إلى ما يُعرف باسم «ماكياج التمويه» لما يمتاز به من «قوة تغطية تتمتع بالموثوقية». وهنا تقدم طبيبة الأمراض الجلدية الألمانية هاير حيلة عند اختيار ألوان الماكياج تبدو في بادئ الأمر غريبة للسيدات غير المتخصصات، غير أنهن يذهلن بتأثيرها الفعال للغاية حينما يجربنها في العيادة. وتتمثل هذه الحيلة في ما يلي: يمكن مداراة البقع الجلدية ذات اللون البني باستعمال مستحضرات التجميل ذات الألوان المائلة للأصفر أو مخفي العيوب «الكونسيلر»، أما البقع الجلدية الحمراء فيمكن مداراتها باستخدام المستحضرات ذات اللون الأخضر.

وينبغي أيضاً عدم إهمال الشفاه والعيون، إذ يشير عضو جمعية طب الجلدية التجميلي وعلم التجميل بمدينة هايدلبرغ جنوب غرب ألمانيا، طبيب الأمراض الجلدية ماتياس هربست، إلى أن تزيين الشفاه بمهارة وجاذبية يمكن أن يصرف الانتباه عن المشكلات الجلدية.

ومع ذك ينبغي توخي الحيطة والحذر عند تزيين الشفاه والعيون، فعند استعمال الماسكارا تنصح هاير «يجب ألا يتم استعمال أي منتج قبل التأكد من ملاءمته، لاسيما في حال المعاناة من مشكلات جلدية»، موضحة أن المكونات غير المناسبة أو التلوث الناجم عن النيكل، خصوصاً في طرق الإنتاج رخيصة التكلفة، يمكن أن يتسببا في حدوث استجابات تحسسية أو تهيجات بمنطقة العيون الحساسة. وترفض الخبيرة الألمانية بشكل قاطع إصدار حكم عام بأفضلية مستحضرات التجميل الطبيعية، معللة ذلك بأن المستحضرات المستخلصة من النباتات التي تزعم الشركات المنتجة لها بخلوها من الأضرار تنطوي بدورها على مخاطر الإصابة بالحساسية. وتدعم هاير حجتها قائلة «النباتات ليست جيدة وصحية على الدوام».

وعند وضع الماكياج يمكن أن تقع المرأة في أخطاء كثيرة، فإذا وضعت على سبيل المثال إصبعها في علبة الكريم، فسوف تصل بكتيريا كثيرة إلى داخل العلبة. وعن خطورة ذلك يقول طبيب الأمراض الجلدية الألماني هربست، إن صلاحية الكريم تقل جراء ذلك بما يصل إلى ستة أسابيع. ويحدد هربست الطريقة المثلى لوضع الكريم «من الأفضل أن تستعمل المرأة ملعقة صيدلاني خشبية»، وبفضل هذه الملعقة يمكن وضع الكريم بطريقة صحية أكثر.

وإذا ظهرت بثور أو بقع أو احمرار على الرغم من توخي الحيطة والحذر تحتم معها الذهاب إلى طبيب الأمراض الجلدية، فينصح هربست باتباع نصيحة ذهبية دائماً ما لا تولي النساء أهمية لها، ألا وهي «يجب على المريضة إزالة الماكياج قبل الذهاب إلى العيادة، وإلا فلن يتمكن الطبيب من تحديد السبب الرئيس للمشكلة».

تويتر