استجمام العقل.. يوغا وتنفس وتأمل
غالباً ما يعطي المرء أهمية للصحة الجسدية في حياته اليومية، فيعتني بالجسم، بدءاً من التغذية ووصولاً الى الرياضة وأسلوب الحياة الصحي، وربما تدليل الجسم في المنتجعات لمن لديهم القدرة المادية. لكن في المقابل لا يحظى العقل، وهو المحرك الأساسي للجسد، بالمقدار نفسه من الاهتمام من قبل الناس. فالعناية بالصحة العقلية غير منتشرة كثيراً في العالم العربي، بسبب قلة المعرفة حول التقنيات والوسائل التي تساعد على ذلك. علماً بأن اختصاصيين في فن الحياة واليوغا، أشاروا الى أن استجمام العقل، وضمان توازن الصحة النفسية التي بدورها تبعد الأمراض البدنية، يكون من خلال برامج عديدة، أبرزها اليوغا والتنفس والتأمل.
وقالت الاختصاصية في فن الحياة والاختصاصية في اليوغا والتنفس، سانغيتا كابور، إن «فكرة استجمام العقل تقوم على مبدأ التخلص من التوتر وليس التخفيف منه، وهي برامج يمكن القيام بها في الجامعات وأماكن العمل او حتى يمكن تطبيقها بشكل شخصي في السبا أو المنزل». ونوهت بأن البرامج التي تخلص العقل من التوتر متعددة، وأبرزها اليوغا والتنفس، والتأمل، فهي تساعد العقل على التخلص من التراكمات التي تتعبه، والتي لا يمكن أن نراها بسهولة، فالجسد من السهل أن ندرك آلامه، بينما تظهر آثار تعب العقل في الجسد، فهما متداخلان، وعندما نتخلص من التوتر والتعب العقلي نتخلص من الجهة الثانية من الأمراض. واعتبرت أن الجسد يملك القوة الطبيعية على معالجة نفسه، وبالتالي مع هذه البرامج يمكن للجسد أن يتحكم في آلامه ويعود الى طبيعته.
يوغا
سبا للعقل
افتتح في دبي أخيراً مركز كيان، الخاص بتأمين استجمام العقل الذي يصح أن يطلق عليه اسم سبا العقل. وقد أوضحت رئيسة المركز، ناديا بن زعل فكرته، قائلة: «هناك الكثير من المراكز التي تقدم اليوغا والتمارين التنفسية، ولكن ليس هناك من مركز أو سبا في دبي متخصص في تقديم البرامج الخاصة بالعقل». وتابعت: «أرى أن هناك وعياً في العالم العربي حول أهمية هذه التمارين، كما أننا نلعب دوراً في شرح أهمية هذه التمارين للناس، وقد بدأت بالشرح عن اهمية البرامج لأقرب المقربين في حياتي، فهناك دراسات أثبتت كيف يؤثر التنفس في تحسين الصحة النفسية عند المرء بشكل أفضل من العقاقير». وأكدت أن البيئة في دبي تشجع على العمل، ولهذا لابد من ايجاد التوازن في الحياة وإعطاء القليل من الاهتمام للعقل. وأكدت أن الوقت مناسب للبدء في هذه الخطوة، لأن الأزمة شجعت الناس على الاهتمام قليلاً بالحياة، وليس المال والعمل فقط. واعتبرت ان البرامج تجربة شخصية لا يمكن تعميم نتائجها، بل على المرء أن يختبرها بنفسه. |
وحول فائدة اليوغا، قالت كابور «نطلق على اليوغا، تسمية الاتحاد ما بين العقل والجسد، وهي تحسن صفاء العقل، وكذلك تخفف من بعض الآلام التي يعاني منها الجسم وأبرزها آلام أسفل الظهر، وآلام العمود الفقري، وتخفف التوتر الذي يصيب خلايا الجسم». بينما التنفس وكما أفادت، يعمل على ايصال الأوكسجين الى كل خلية من خلايا الجسد ويزيد طاقتها، ما يساعد الخلايا على التخلص من السموم، وبالتالي هذا يجدد شبابها، فينعكس الأمر على طاقة الجسد بكامله. وأضافت، يساعد التنفس الصحيح أيضاً على تحسين النوم عند المرء، ويخلصه من الأرق، ويقضي على التوتر العصبي.
أما تقنية التأمل، فبحسب كابور تعمل على تهدئة العقل بشكل كامل، «فهو يجعل العقل ينعم بالهدوء الذي يتدرج ببطء ليصل الى أعلى نسبة، ويقوي الصفاء الذهني، والادراك الحسي عند المرء». وهناك اكثر من تقنية لتطبيق التأمل، ويتم اختيار التقنية، تبعاً لما يريد المرء أن ينجز في الحياة. وكما قالت كابور «أبرز تقنيات التأمل، هي أن أقوم بمنح المرء ذبذبات لصوت لا ينتمي لدين أو لمعتقد، بل هو صوت داخلي، يساعد المرء على الاسترخاء، والهدوء».
ولفتت الى أن هذا الصوت ليس صوتاً خارجياً يصدر عن شيء ما، بل هو صوت داخلي يتمتع به كل انسان، لأن كل شخص يملك ذبذبات أصوات داخله، ولكنه لا يعرف كيف يصغي اليها، وبالتالي من خلال التمارين سيتمكن من الوصول الى هذه الذبذبات ويسمعها وهي تساعده على الهدوء والاسترخاء.
وحول تطبيق البرامج، نوهت كابور بأنه على المرء القيام بالتدريب على البرامج مرة في الأسبوع مع المدرب، ولكنه بعد خمس جلسات يمكنه القيام بالتمارين لمدة 20 دقيقة يومياً في المنزل. واعتبرت الاختصاصية أن هذه التمارين اليومية، تنظف الجسم من الداخل، فنحن يومياً نستحم وهذه العملية تعتبر تنظيف للأوساخ التي على السطح، بينما مع التمارين النفسية تكتمل عملية تنظيف الروح من الداخل. وحول التغييرات التي يراها المرء في أثناء ممارسته هذه التمارين، أوضحت، «من الممكن أن يرى المرء التغيير في حياته من الجلسة الأولى، سيلاحظ أن تنفسه منتظم وعميق، وهذا يخفف الشعور بالتعب، كما أنه سيشعر أن تركيزه تحسن ومستوى الوضوح في رؤيته لكل ما يحيط به أفضل». واعتبرت أن فكرة منح العقل وقتا للاستجمام أمر في غاية الأهمية، وبالتالي إن الناس يعرفون أنه عليهم الاهتمام بهذا الجانب، ولكن لا يعرفون الأساليب للوصول الى هذا السلام الداخلي، لذا شددت على أنه مهما اختلف الدور الذي نلعبه في الحياة، لابد من التعرف إلى داخلنا، لافتة الى أن مستويات الأمراض ترتفع في الإمارات، ومنها الكوليسترول والسكري، فيما يمكن التخفيف من كل هذه الأمراض بالنظام الصحي الجيد وبمزيد من الاهتمام بالروح.
جماعة
إلى جانب الجلسات الخاصة التي تقدم للأفراد، هناك جلسات جماعية تقدم للموظفين في الشركات وهي تسهم في تخفيف التوتر. وقد حدثنا عنها المدرب فيناي كابور، وقال إن «التقنيات التي تتبع في العلاجات الجماعية تكون هي نفسها التي تتبع في العلاجات الخاصة، ولكن محتوى الجلسات هو الذي يختلف، وذلك تبعاً للاحتياجات المطلوبة من الجلسة».
ولفت إلى انه يتم تنفيذ العديد من الاجراءات خلال البرامج الجماعية، بهدف تطوير بناء الفريق، والأداء المشترك، وكذلك حل الخلافات، وتأمين التواصل الداخلي والخارجي بين الجماعة، وكذلك سيادة الأخلاقيات والقيم العامة والرؤية المشتركة.
واعتبر كابور، أن الجلسات الجماعية أفضل من الجلسات الفردية، لناحية مدى تطور الحالة الفردية ضمن الجماعة، إذ تكون الاستجابة أفضل بكثير من استجابة الفرد في جلسة مستقلة، لذا شدد على أن عدم وجود الأمراض الجسدية، لا يعني إطلاقاً أن الانسان بصحة كاملة، لأن الأخيرة لا تتجلى في الجانب البدني فقط، إذ لابد من الاهتمام بالجانبين البدني والنفسي.