نزلات البرد.. دليل على قوة المناعة
أكد عالم الفيروسات الأميركي جاك جوالتني أن ظهور علامات الإنهاك والتعب على المصابين بنزلات البرد دليل على سلامة جهاز المناعة لديهم وليس ضعفه. وأقر الأستاذ بجامعة فيرجينيا الأميركية، بالتناقض الظاهري في ما ذهب إليه، قائلا «يبدو أن هناك مفارقة في الأمر، ولكن يبدو أن جميع من يصابون بنزلات البرد مرات أقل هم الذين يقل استعداد جهازهم المناعي للمقاومة أو تكون مناعتهم ضعيفة».
جاءت تصريحات جوالتني في ما نقلته عنه الصحافية الأميركية المتخصصة في تحرير الأخبار العلمية جينفر أكرمان، في كتابها «وا عجباه» الذي استعرضته مجلة «شبيغل» الألمانية. وشددت أكرمان في كتابها على أن أعراض الإنهاك والضعف التي تظهر على المصابين بنزلات البرد سببها قوة مناعة الجسم، وليس ضعفها، خلافا للاعتقاد السائد بين العلماء حتى الآن بأن إصابة الجسم بالفيروسات تؤدي إلى إنهاك خلايا الجسم، ما يؤدي إلى سلسلة من الآلام والشكاوى لدى المرضى.
وقالت أكرمان إن الفيروس المسبب لنزلات البرد يدخل خلية الإنسان بشكل سلمي للغاية، عن طريق إيهام الخلية بأنه مفيد لها، قبل أن ينتبه الجسم إلى خطورة هذا الفيروس ويدق نواقيس الخطر برد فعل شديد وقاس ضد الفيروس.
وتطرح هذه الرؤية الجديدة حسب محرر مجلة شبيغل، فرانك تادويش، تساؤلات بشأن جدوى تناول المرضى المضادات الحيوية والمكملات الغذائية.
وحذرت أكرمان من أن اللجوء إلى هذه العقاقير والمكملات هو آخر ما يجب على المصاب بأعراض البرد التفكير فيه، لأن تناول هذه المضادات سيزيد من هذه الأعراض غير المرغوب فيها من خلال زيادة المناعة. ونقلت أكرمان عن خبراء تحذيرهم من أن الإجراءات الفعالة التي يتخذونها ضد نزلات البرد والمكملات الغذائية التي يتناولونها للتقوي بها ضد أعراض الإنهاك «يمكن أن تفقد الجسم توازنه».
ورأت طبيبة الأنف والأذن والحنجرة بجامعة فيرجينيا بيرجيت فينتر، أن من الأفضل ترك العمليات الملتهبة للجسم وعدم كبتها، لأن كبتها ربما يؤدي إلى منع الجسم من تكوين الأجسام المضادة، التي وإن كانت تؤدي إلى عدم شعور المرضى بالراحة، إلا أنها تعتبر أحد المضاعفات المرغوبة للمرض.
وأكدت أكرمان أن الفيروس الذي ينجح الجسم في صده لا يعود إلى الجسم أبدا، حيث يتعرف عليه الجسم، ويرفض دخوله خلاياه من خلال الأجسام المضادة التي يكونها ضد هذا الفيروس. وأشارت إلى أن هناك ما لا يقل عن 200 نوع من الفيروسات تتسبب في إصابة الإنسان بنزلات البرد، وأن فترة إصابة الأشخاص فوق الـ50 بأعراض دور البرد تبلغ نصفها لدى المراهقين، حيث يكون الجسم قد كون مع تقدم السن مناعة ضد العديد من أنواع الفيروسات «لذا فإن الأطفال يجتذبون نزلات البرد مثل المغناطيس»، حسب أكرمان التي نصحت بعدم بذل الكثير من الجهد في التخلص من «المخاط المزعوم» الذي يظن المريض أنه سيسد أنفه «لأن ذلك لن يجدي شيئاً، وذلك لأن الشعور بانسداد الجيوب الأنفية ليس سببه المخاط، بل سببه تورم الأوعية الدموية التي يمكن أن تنفجر بسبب شدة الضغط».
وأشارت الصحافية الأميركية إلى أن الكثير من الناس لا يعلمون السبب الحقيقي وراء إصابتهم بأعراض نزلات البرد، وأن علماء الفيروسات متفقون منذ زمن بعيد على أن البرد أو البلل ليسا السبب وراء الإصابة بهذه النزلات. ولتأكيد هذه الحقيقة ذكرت أكرمان أن متطوعين قاموا خلال العديد من الدراسات بوضع أرجلهم العارية في ماء مثلج أو الجلوس في العراء بملابس مبللة حتى شعروا بالبرد الشديد، فوجدوا أن خطر الفيروسات لا يكمن في العراء بل داخل الغرف، حيث تتوافر للفيروسات الكثير من فرص الانتشار.
وعلى الرغم من أن العلماء اعتقدوا وقتاً طويلاً أن الفيروسات تنتقل مع سعال المريض وعطسه، إلا أنهم أصبحوا يرجحون أن هذه الفيروسات تكمن ساعات فوق الأيدي وأشياء مثل لوحة مفاتيح الكمبيوتر ومقابض الأبواب، وتستطيع العيش طوال هذه الفترة حتى تنتقل إلى عائل. كما أن الفيروسات الممرضة لا تنتقل للمريض عبر الفم، خلافاً لما كان معتقداً منذ وقت طويل بل عبر الأنف والأعين، لذا فباستطاعة شخص سليم أن يقبل شريكه المريض من دون خوف من انتقال العدوى إليه، وباستطاعته كذلك الشرب من فنجانه.
أما المصافحة التي تبدو أقل خطراً فإنها قد تكون أخطر من التقبيل، حسبما ذهبت أكرمان، وكذلك لمس مقبض ملوث لباب. وأصبح باستطاعة العلماء الآن معرفة مصدر الإصابة بالعدوى الفيروسية، وهي على سبيل المثال: مساند الأيدي في القطارات ومترو الأنفاق، سلال المهملات في مترو الأنفاق، أو الأثقال المختلفة في صالات اللياقة البدنية، وكلها أماكن يؤكد العلماء تراكم الفيروسات عليها بكميات كبيرة. ويشدد العلماء على أن ميكروباً واحداً يكفي لنقل العدوى.
والحقيقة اللافتة أن أي غطاء للمرحاض أنظف 100 مرة من المكتب، بل إنه قد تبين حسب الباحثين أن الفيروسات استطاعت البقاء حية لمدة أسابيع على العملات الورقية، وأن «مفتاح الإرسال» الخاص بجهاز الفاكس على سبيل المثال يمكن أن يكون مصدراً للعدوى.
وتوقعت أكرمان في كتابها الذي شمل العديد من المستغربات ألا يجدي البحث عن تطعيم مضاد لنزلات البرد، متسائلة «كيف يمكن العثور على مثل هذا التطعيم ضد 200 نوع من الفيروسات، وفي الوقت نفسه يكون هذا التطعيم رخيص الثمن وفعالا؟ وهل يكون هذا التطعيم خالياً تماماً من أي مخاطر؟ لأن المريض لن يرضى بأي أعراض جانبية في علاج مثل هذا المرض الذي لا يمثل خطراً أصلاً».
وأوصت الصحافية الأميركية باللجوء في ذلك إلى احتساء شربة الدجاج، التي رأت أنها وصفة قديمة وناجعة ضد آلام نزلات البرد.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news