يزيل التوتر العصبي ويقلل مخاطر أمــــراض

الماء الملحــي.. استـجمام للروح والجسد

زوار الكهوف الملحية يستمتعون بالاسترخاء بعيداً عن صخب الحياة اليومية. غيتي

مَن وقف ذات مرة على صخرة في البحر تتكسر عليها الأمواج فإنه يعرف هذا التأثير جيداً، إذ تتطاير رغوة البحر إلى أعلى وتنتشر قطرات متناهية الصغر من الماء المالح في الهواء، وحينئذ يصبح بإمكان المرء أن يأخذ في الحال نفساً عميقاً بشكل أسهل بكثير من ذي قبل، ومن ثم تنعم الروح بالاسترخاء والاستجمام. ولكن تأثيرات الملح المتعددة لا تتجلى في البحر فقط، فأحياناً يكفي الاستحمام في ماء ملحي، أو الكهف الملحي كي تتمتع البشرة والرئة والنفس بالاسترخاء والاستجمام.

يمنح الاستحمام في ماء ملحي الجسم والروح شعوراً بالاسترخاء، ويشير الأستاذ بالمعهد الألماني لأبحاث الصحة بمدينة باد إلستر، شرق المانيا، البروفيسور كارل لودفيغ ريش إلى أن هذا التأثير ينشأ من الطفو، موضحاً أنه «حينما لا يكون هناك تأثير للجاذبية، فإن العضلات تسترخي تلقائياً». ويؤدي هذا الاسترخاء العضلي إلى استرخاء الجهاز العصبي الذاتي أيضاً. ولا يحدث ذلك بالكفاءة نفسها في مكان آخر مثلما يحدث في حمامات الماء الملحي.

وحمام الماء الملحي عبارة عن ماء علاجي تزيد نسبة الأملاح به على 1.45٪. وفي مراكز الاستجمام الحديثة تراوح نسبة الأملاح في المعتاد ما بين 2 و3٪، أما نسبة الأملاح في منتجعات الاستشفاء التي تحتوي على عيون مياه ملحية خاصة بها على الأقل في الأغراض العلاجية فتزيد غالباً على 20٪. وكلما زادت نسبة الأملاح في الماء يطفو الجسم بشكل أكبر، ومن ثم يزداد تأثير الاسترخاء.

كهوف

http://media.emaratalyoum.com/inline-images/331364.jpg

لتحقيق تأثير جو البحر في الكهوف الملحية يتم استخدام ماكينة تقوم بتحويل الماء الملحي إلى جُسيمات (إيروسولات) بواسطة جهاز، أو الموجات فوق الصوتية. وفي الآونة الأخيرة باتت هذه الأجهزة تتوافر بأحجام صغيرة وأسعار معقولة لتناسب الاستخدام المنزلي أيضاً، ومع هذه الأجهزة المخصصة للاستخدام المنزلي يتم استنشاق الهواء عبر جزء فموي، وعلى العكس من ذلك يستلقي زوار الكهوف الملحية على مقاعد شاطئية، ويستمتعون بالاسترخاء والاستجمام بعيداً عن صخب الحياة اليومية.

حمّامات

يقول راينر بوبينتسر من الرابطة الألمانية لمراكز الاستجمام الطبية، إن «إزالة التوتر العصبي بواسطة الحمام الملحي تساعد في الوقت نفسه على خفض مخاطر أمراض الدورة الدموية أو داء السكري من النوع ،2 مشيراً إلى أن حمامات الماء الملحي عالية التركيز يمكنها أيضاً التخفيف من وطأة الأمراض الجلدية مثل الصدفية. وعن فوائد ذلك يضيف بوبينتسر «هذا بالطبع له تأثيرات إيجابية مباشرة في الحالة النفسية أو الشعور العام بالراحة».

ولا يساعد الماء الملحي على علاج مشكلات الجلد الطبية فحسب، بل له أيضاً فوائد تجميلية. وأوضح بوبينتسر أن حمامات الماء الملحي لها تأثيرات تجميلية أيضاً، إذ إنها تقلل مثلاً من الدهون بالبشرة.

ولكي تستفيد البشرة فعلياً من الحمام الملحي، ينصح البروفيسور الألماني ريش بألا تقل نسبة تركيز الأملاح عن 5 إلى 6٪، لذا تعد عبوات الماء الملحي بديلاً جيداً للحمامات. وفي هذه العبوات يتم استخدام الطمي الذي ينشأ من تحلل الأملاح، ويدهن الجلد بطبقة رقيقة منه، وبعد ذلك تتم تغطيته بغطاء دافئ وتركه 20 دقيقة تقريباً ليؤتي مفعوله. ويعمل التحفيز الذي ينشأ عند جفاف الطمي على تنشيط تدفق الدم، الأمر الذي يساعد على أن تشفى مواضع الجلد المصابة بشكل أسرع. كما يتم تنشيط عملية أيض الجلد وتزداد قوة مقاومته ومرونته الطبيعية، فضلاً عن أنه يصبح ناعماً.

تأثيرات إيجابية

للملح تأثير إيجابي في أعضاء الجسم الداخلية أيضاً، على سبيل المثال في شكل جُسيمات «إيروسولات أو ضبوب». وهذه الجُسيمات عبارة عن قطرات متناهية الصغر تنشأ على سبيل المثال في رغوة البحر. ويقول ريش «كلما كانت الجُسيمات صغيرة، كان بإمكانها التوغل إلى داخل الرئة». وعندما تصل الجُسيمات إلى الرئة، فإنها تؤدي وظيفتها المتمثلة في التنظيف، إذ تُنشط تدفق الدم في الغشاء المخاطي للرئة، وبذلك يمكن تصريف المواد الضارة ومسببات الأمراض عبر الغشاء المخاطي الرقيق بصورة أفضل. ولا تعد الجُسيمات دائماً ظاهرة طبيعية فقط، إذ يتم توليدها بشكل صناعي أيضاً، كما هي الحال في «أبراج تدريج الملح» الموجودة بمنتجعات الاستشفاء بالأملاح مثلاً. وهناك يتقاطر يومياً ما يصل إلى 600 ألف لتر من الماء الملحي فوق الجدران، وتنتشر في الجو كذرات غبار متناهية الصغر وتشكل ضباباً دقيقاً، ومن ثم تخلق جواً شبيهاً بجو البحر. ويُسهم هذا الجو في علاج الأمراض التي تصيب المجاري التنفسية في المقام الأول كالربو والتهاب الشُعب الهوائية، كما أن التنزه حول «أبراج تدريج الملـح» يساعد أيضاً على علاج المرضى المصابين بنزلات البرد والمدخنين. وبالمثل تَساعد ما تُعرف باسم الكهوف الملحية على التنفس بصورة أفضل. وبحسب البروفيسور الألماني ريش، لا تلعب مكونات هذه الكهوف المتمثلة في كتل ملحية على الجدران وطبقة أرضية من الكريستالات الملحية الخشنة أي دور في ذلك، و«تشكل صورة جميلة، ولكنها هندسة داخلية محضة، لأن الملح لا يتطاير بسهولة». غير أن ريش يعود ويؤكد أن مثل هذه البيئة البديعة يمكن أن تجعل المرء يشعر بالراحة والأمان، ما يؤثر بالإيجاب في الجهاز العصبي الذاتي.

تويتر