أطباء: لا ينبغي التهوين من أضرارها المحتملة

المضادات الحيوية للأطـفال.. عــلاجات مشروطة

مع تفشي العدوى قد يتطلب الأمر استخدام المضادات الحيوية. د.ب.أ

عندما يصيب الأطفال مرض، فإن هذا يُشكل معاناة للآباء أيضاً، ويَعد المضاد الحيوي بالشفاء السريع، ولكن الأطباء يحذرون من أن المضاد الحيوي ذا الفاعلية العالية يتم وصفه بشكل زائد على الحد، وفي كثير من الأحيان بلا داع، ما يترتب عليه حدوث آثار جانبية ومقاومة لمفعوله. وبحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية التي تتخذ من جنيف مقراً لها، يمثل ذلك اتجاهاً خطراً، لذا كرست المنظمة يوم الصحة العالمي لهذا العام لمواجهة المخاطر المحدقة الناجمة عن مقاومة مفعول المضادات الحيوية.

ويقول مدير مركز طب الأطفال والمراهقين بمستشفى هيليوس بمدينة كريفيلد غرب ألمانيا البروفيسور تيم نيهاوس «توصف المضادات الحيوية كثيراً وبسرعة أكثر من اللازم. وفي كثير من الحالات لا تكون المضادات الحيوية في بادئ الأمر مناسبة على الإطلاق؛ إذ إن هذه الأمراض تكون ناجمة عن فيروسات لا يكون للمضادات الحيوية تأثير فيها».

ومع تفشي العدوى قد يتطلب الأمر استخدام المضادات الحيوية، لأن البكتيريا تلحق بالفيروسات. وتعني الترجمة اللفظية لكلمة «Antibiotic» «مضاد للحياة»، وهذه الكلمة لها وقع مُخيف، ولكنها تصف التأثير الأساسي للدواء.

تأثير

أوضح عالم الأحياء الدقيقة بمعهد الصحة التابع للمستشفى الجامعي بمدينة مونستر غرب ألمانيا فرانك كيب، أن «المضادات الحيوية تقضي على البكتيريا في الجسم. وللأسف لا تقضي على البكتيريا الضارة المسببة للأمراض فحسب، بل تقضي أيضاً على كثير من البكتيريا المفيدة والمهمة». ويصف كيب تأثير المضاد الحيوي «يُعد المضاد الحيوي دائماً تدخلاً كبيراً في التوازن البكتيري الخاص بالجسم. ويمثل التعاطي المتكرر للمضادات الحيوية مشكلة على نطاق المجتمع بأكمله. ونلاحظ بقلق تزايد مقاومة مفعول المضادات الحيوية خلال الروتين اليومي للمستشفيات، لاسيما مع الأمراض الخطرة».

في الظروف العادية يجب تعاطي الأدوية من سبعة إلى 10 أيام، وكثيراً ما تحدث آثار جانبية من قبيل الإسهال والقيء والغثيان وفقدان الشهية، ويقول نيهاوس «يمكن أن تحدث المضادات الحيوية استجابات تحسسية تظهر في صورة طفح جلدي». وتتهم دراسات طبية حديثة مواد فاعلة، مثل أموكسيسيللين، بإلحاق أضرار مستديمة بأسنان وعظام الأطفال، ولا يمثل ذلك مفاجأة بالنسبة لكيب، ويقول «المضادات الحيوية أدوية عالية المفعول وشديدة جداً لا ينبغي التهوين من أضرارها المحتملة».

حجم

عن حجم تعاطي المضادات الحيوية، يقول نيهاوس «الاعتدال أمر حاسم»، مؤكداً مدى أهمية المضادات الحيوية بالنسبة للصحة، بقوله «هذه الأدوية تنقذ حياة الكثيرين يومياً، ويمكنها أن توفر للصغار والكبار المصابين بعدوى حماية من الأمراض الخطرة المترتبة على هذه العدوى، مثل التهابات الكُلى أو التهابات صمامات القلب»، لذا فلا عجب أن ينظر الكثيرون إلى المضادات الحيوية باعتبارها دواء لكل الأمراض. ووفقاً لدراسة أجراها فريق بحثي بالمستشفى الجامعي بمدينة كولونيا غرب ألمانيا، ينتظر كثير من الآباء أن يصف الطبيب لطفلهم المريض مضاداً حيوياً.

ويفسر نيهاوس ذلك بقوله «بالطبع، يرغب الآباء في أن يتعافى طفلهم مرة أخرى في أسرع وقت ممكن». وغالباً ما يلبي الأطباء رغبة الآباء ويكتبون «روشتة طـوارئ» لعطلة نهاية الأسبوع. وأشار نيهاوس إلى أن وصف المضادات الحيوية يُشكل صعوبة للأطباء «القرار بوصف المضاد الحيوي من عدمه لا يكون واضحاً دائماً؛ إذ يجب على الأطباء أن يمعنوا التفكير قبل اتخاذ القرار».

وفي حقيقة الأمر لا تكون هناك حاجة للمضاد الحيوي في كثير من الأمراض، ويقول عالم الأحياء الألماني كيب «الأنفلونزا تستغرق سبعة أيام، ومع الأدوية مثل ذلك»، مشيراً إلى أن «سبب المرض لا يرجع دائماً إلى البكتيريا، ومن واقع الخبرة يرجع نحو 80٪ من جميع أمراض المجاري التنفسية إلى الفيروسات».

دون فاعلية

عادةً ما تكون المضادات الحيوية بلا فاعلية مع أمراض الإسهال أو الأمراض المعدية التي تصيب الجهاز الهضمي. ويقول تيم نيهاوس «إصابة الطفل بستة إلى ثمانية أمراض معدية في السنة تعد أمراً طبيعياً تماماً. وغالبية هذه الأمراض تزول بلا مضاعفات على الإطلاق». ويستطيع الطبيب المعالج بعد فحص عميق أن يحدد ما إذا كان الطفل في حاجة إلى مضاد حيوي أم لا، وأن يقرر، في حال وجود ضرورة لذلك، نوع المضاد الحيوي المناسب للطفل. وأشار إلى أن الأمراض البكتيرية غالباً ما تكون مصحوبة بدمامل متقيحة وارتفاع في درجات الحرارة، مثل التهاب اللوزتين والتهاب الأذن الوسطى والتهاب الرئة وكذلك الحمى القرمزية.

وعن طريق اختبار سريع في عيادة الطبيب يمكن معرفة مسببات المرض. ولكن نيهاوس يقول إن هذا الاختبار للأسف كثيراً ما يعطي نتائج خاطئة، ولا يمكن تحديد مسببات المرض على وجه الدقة إلا بواسطة اختبار معملي مع عمل مزرعة، ولكن هذا الاختبار يستغرق يومين تقريباً. ولا يستطيع الأطباء ولا يجوز لهم الانتظار طوال هذه المدة، على سبيل المثال مع الأمراض المُعدية المصحوبة بصديد.

تويتر