مزاد «الدار» العاشر في دبي ينطلق غداً
«كريستيز».. أعمال فنية تحتــفي بـ «ربيع الثورات»
كشفت دار كريستيز أن مزادها العاشر الذي ينطلق في دبي غداً سيضم إبداعات مميزة لعدد من أبرز الفنانين في الشرق الأوسط، مشيرة إلى أن «ربيع الثورات» الذي تشهده المنطقة العربية لن يغيب عن المزاد، إذ توجد أعمال فنية عبرت عن المطالبة بالحرية، وصورت الغضب الذي حفلت به ميادين عربية. ولفت مسؤولون في الدار إلى أن المزاد سيشتمل على نحو 125 عملاً مميزاً، لنخبة من الفنانين الرواد، وكذلك من الفنانين الواعدين.
وقال المدير التنفيذي لدار كريستيز في الشرق الأوسط مايكل جحا «سيضم مزاد هذا العام أعمالاً فنية لفنانين مهمين من المنطقة وتركيا، وسيتميز المزاد الذي يعكس ازدياد أهمية ونضوج سوق الأعمال الفنية، بأهم مجموعة من الأعمال الفنية المعاصرة منذ المزاد الافتتاحي الذي نظمته الدار في دبي».
وأشار جحا خلال جولة نظمتها الدار، أمس، للإعلاميين للاطلاع على الأعمال المشاركة في المزاد الذي ينطلق في فندق جميرا ابراج الامارات بدبي، إلى أنه من المتوقع أن تحقق الأعمال المشاركة في المزاد، التي يبلغ عددها 125 عملاً، بين خمسة وستة ملايين دولار، وسيعقب هذا المزاد في اليوم التالي مزاد المجوهرات مساء بعد غد.
من جانبها، قالت أخصائية الأعمال الفنية العربية والإيرانية والتركية الحديثة والمعاصرة لدى «كريستيز» هالة خياط، إن «هذا المزاد يعد من أكثر مزادات الدار تنوعاً، إذ يجمع أعمالاً حديثة للفنانين اللبناني بول غيراغوسيان، والسوري فاتح المدرس، والمصري عبدالهادي الجزار، وغيرهم من رواد الحركة الفنية في المنطقة إلى جانب مجموعة مميزة من الأعمال الفنية المعاصرة. كما أننا سنقدم عدداً من الفنانين الجدد الذين لم تعرض أعمالهم الفنية للبيع من قبل أمام هذا الجمهور الدولي الكبير والمتزايد» مؤكدة لـ«الإمارات اليوم» ان «متتبعي اعمال الفنانين هذا العام سيقرنها بما يحدث حالياً في المنطقة من تغييرات وثورات مطالبة بالحرية».
السعودية من السعودية يقدم الفنان عبدالناصر غارم مجسماً هو الرئيس لأعمال كريستيز هذا العام، وهو تابع لـ«حافلة الجزيرة العربية» التي حطت رحالها في دبي بعد لندن والبندقية واسطنبول وبرلين، وعن ذلك قال مدير الحافلة عبدالله التركي «العمل الذي تمت عنونته بـ(رسالة الى الرسول) يظهر فيه مجسم لقبة الصخرة، ويميل الى شكل الخوذة تحتها حمامة سلام بيضاء جاءت تحتمي بهذه القبة لكنها خذلت.. وهذه اشارة لكل من يستغل الدين لينفذ جرائم بشعة في ارض السلام». وسيباع في المزاد عملان منفصلان لفنانين سعوديين، الأول بعنوان «وسط الحلبة» للفنان أيمن يسري ديدبان، والثاني بعنوان «جمعة» للفنانة نهى الشريف، ويظهر مجموعة من النساء يرتدين ملابس سوداء على سطح رخامة. عمل عبدالناصر مجسم لقبة الصخرة. الإمارات اليوم |
تنبؤ
أضافت هالة خياط ان «بعض الأعمال المنتقاة من المنطقة المشاركة في المزاد تحكي الغضب الذي يشعر به فنانون تجاه بعض الأنظمة، مع ان اختيارنا لتلك الأعمال كان قبل موسم الثورات الذي بدأ في مطلع العام الجاري، فاللوحة التي تتصدر المعرض للفنان اللبناني أيمن بعلبكي نعتقد أنها ستلقى إقبالا كبيرا من الجمهور، إذ كتب في اسفلها (دع ألف زهرة تتفتح)»، وهي برأي هالة تشير الى خطاب «دع ألف زهرة تتفتح» الشهير الذي ألقاه ماوتسي تونغ في عام ،1957 والذي بات شعاراً استخدم في ستينات وسبعينات القرن الماضي من قبل الأحزاب العربية اليسارية والقومية تعبيراً عن التفاؤل والأمل بحياة ومستقبل أفضل. وعمل بعلبكي عبارة عن لوحة زيتية على قماش المفروشات، ومعلق على صندوق زجاجي مضاء، وتبلغ القيمة التقديرية لهذا العمل بين 190 و250 ألف درهم.
والحال مشابهة للفنان المصري كريم قريتي، وهو اصغر الفنانين المشاركين، الذي قدم ثلاث لوحات عن معاناة المواطن المصري مع دستور بلاده، وفق هالة التي أفادت بأن المصري حامد عطية اختار ان يستلهم افكار لوحاته من المشاهد التلفزيونية التي تعرضها الاخبار. أما اللوحة التي اختيرت لتكون على غطاء الكتيب الخاص بالمزاد فتظهر امرأتين مقابل بعضهما البعض، في مشهد مبارزة وتحملان سلاحين وتوجهانهما إلى بعضهما، الأولى ترتدي ملابس محافظة في حين ترتدي الأخرى صدرية فقط. وهي للفنان التركي كزبان أركا باتيبيكي، واللوحة تثير الكثير من الأسئلة حول دور المرأة في المجتمع. وتقابل الفتاتان بعضهما البعض أمام خلفية مشرقة ومضيئة لتعطي لمحة عن حالة الخصومة والعداوة بين التقاليد الراسخة والثقافات الحديثة، وعن هذه اللوحة قالت هالة «هذا ايضا من الصراعات المطروحة بين التقليد وبين الحداثة».
في قسم الأعمال الفنية الإيرانية المعاصرة أربعة أعمال للفنان فرهاد موشيري، ويعود أول عملين منها لسلسلة جرة، والعمل الأول عبارة عن تصوير جرة مميزة بخطوط أفقية ملونة، والثانية جرة كبيرة ملونة بالأحمر، أما العملان الآخران بعنوان خط الشوكولا «من سلسلة أحلام سعيدة»، فعبارة عن مجموعة من الأعمال الفنية تتألف من 97 قطعة فنية على شكل حلويات أو كيك مزينة ومزخرفة بالأكريليك الملون، وأخيرا عمل تشكيلي كبير يمتاز بخطوط وأحرف فارسية على خلفية مذهبة ببقع الذهب.
لبنان وسورية
تحرص دار كريستيز، حسب هالة خياط، على حضور دائم لأعمال مؤسس الحركة التشكيلية في سورية فاتح المدرس واعمال الفنان اللبناني بول غيرا غوسيان «إذ تُشكل لوحة الفنان المدرس التي تظهر مجموعة من الهيئات والشخصيات المرتبة بشكل متناظر، إحدى أبرز الأعمال الفنية في المزاد، ويستوحي هذا التكوين الفني فكرته الإبداعية من مدينة دمشق، كما تبدو الزخارف المخططة بشكل يذكر بجدران الأبنية المملوكية التي تشتهر بها أحياء دمشق القديمة، المبنية وفق فنون الأبلق المعمارية، مع مسارات متبادلة من البازلت الأسود وأحجار متنوعة بألوان فاتحة، وتظهر الخطوط على طول الشخصيات بين الحشود، بحيث تندمج هذه الشخصيات مع نسيج المدينة».
اما بالنسبة لغوسيان فستعرض له أربعة أعمال تظهر تطور حسه الفني بداية من أعماله التصويرية الرمزية وصولاً إلى أساليبه الفنية المجردة التي باتت سمة مميزة من سمات أعماله، فلوحته «مادونا والطفل» التي تعود إلى بداية الستينات من القرن الماضي، تعتبر الأقدم بين لوحات الفنان الأربع المشاركة في المزاد، ويستفيد في هذه اللوحة من مسحات وأشكال اللون الأحمر التي غالباً ما ترتبط ارتباطاً وثيقاً باللوحات والأيقونات الدينية، وتبدو شخصية مادونا واضحة على خلفية اللوحة، ومع التمعن في اللوحة يزداد وضوح استخدام ضربات الفرشاة السميكة أكثر فأكثر، وهو النمط الفني الذي حدد ملامح غوسيان.
وعلى الرغم من افتتاح معرض الفنان اللبناني شفيق عبود في باريس هذا الشهر، إلا أن كريستيز تمكنت من عرض أحد أعماله. ويوجد ايضا عمل غير معنون للبناني نبيل نحاس يمتاز بمجموعات من الدوائر اللولبية بأسلوب التنويم المغناطيسي، بالإضافة إلى أشكال أشبه بحيوانات نجم البحر التي تبرز من اللوحة بألوان متقدة وبراقة، ويوجد تمثال لنديم كريم حمل عنوان «ولد يحمل سحابة».
ومن الأعمال السورية تظهر لوحة يوسف عبدلكي «الكمثرى 2». وتجسد هذه اللوحة التي تعود لعام 2007 أسلوب الفنان في تمجيد الأشياء البسيطة في الحياة، إذ تبدو في اللوحة ثمرة كمثرى وحيدة على صحن مع رسومات أخرى بالأسلوب نفسه على الحائط الخلفي، ويأتي هذا العمل تكريماً لوالدته التي قامت بتزيين جدران منزلها بصور ولوحات لأبنائها وأحبائها.
وهناك لوحة للفنان قيس سلمان من سلسلة «عالم مادي» تصور ثلاثة نساء يقفن كأنهن على نافذة. ويخاطب هذا العمل فكرة الجمال، وينتقد الاهتمام المتزايد بالأمور المادية.
مصر
يعد الفنان عبدالهادي الجزار أحد أهم فناني الحداثة في مصر، ومن أبرز داعمي الحركة الفنية السريالية. ويتتبع الجزار في عمله الفني المشارك في المزاد، ويحمل عنوان «صيد السمك»، رحلة اثنين من صيادي السمك اللذين يعودان من رحلتهما محملين بصدفة كبيرة تحتوي صيد اليوم، سمكة كبيرة زرقاء، اللون ذاته المستخدم في التعويذات لجلب الحظ الجيد والأمنيات السعيدة. ويظهر الجدار الذي يبدو خلف هيئة الصيادين تسلسل الأحداث التي مرا بها طوال رحلتهما، بأسلوب أشبه ما يكون بالرؤى والأحلام. كما تجسد القطة السوداء التي تزين يسار الصورة والقطة البيضاء على يمينها، الاحتمالات المختلفة للحظ، وتدرجه بين الجيد والعاثر، في حين تظهر من خلال النافذة المقوسة رمال الشاطئ الذهبية بمشهد فني ساحر. ويؤمن الجزار بعدم إمكانية استحضار الحظ الجيد عبر السحر والتعويذات المختلفة، وأن قدر الإنسان مكتوب ومحتوم.
بينما استخدم الفنان أحمد مصطفى في لوحة السفينة الخط العربي لتصوير سفينة تواجه عاصفة بحرية قوية. واقتبس النص من قصيدة عربية شهيرة للشاعر الأخطل التي يصف فيها سفينة في بحر عاصف.
حضور فلسطيني
فلسطين حاضرة دائماً في دار كريستيز، سواء من خلال فنانين فلسطينيين او من خلال أعمال تحكي واقعها بريشة فنانين من جنسيات اخرى، إذ تشكل اللوحة الفنية المعنونة بطلات ألبيركيركي للفنانة سامية حلبي مثالاً عن إمكانية استكشاف الفنان للنماذج الهندسية، ويظهر العمل إمكانية سفر منحنيين اثنين على سطح واحد، ويذكر هذا العمل بموجات النماذج الهندسية أو موجات من الأسماك تتحرك في الماء، وقد تمت تسميه هذا العمل بهذا الاسم تكريماً لنساء مدينة ألبيركيركي اللواتي عملن بجد لمساعدة مدمني المخدرات والهيروين.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news