المزاج يرتبط بوضعيات الجسم. د.ب.أ

نصيحة: ابتسم يعتدل مزاجك

يُشكل الجسد والروح وحدة واحدة، ويؤثران في بعضهما بعضاً. فإذا لم تكن النفس بحالة جيدة، فسينعكس ذلك على الجسد. وبالمثل، سرعان ما تؤثر وضعية الجسد في النفس؛ فعلى سبيل المثال يؤدي تدلي الأكتاف إلى سوء المزاج.

وتقول عالمة النفس بمدينة مانهايم جنوب غرب ألمانيا دوريس فولف «دائماً عندما نفكر في شيء ما، ينعكس ذلك على جسدنا، وعادةً أيضاً على مشاعرنا». وبناءً على ذلك، يقوم الجسم بإفراز هرمونات، ويحفز أو يهدئ الدورة الدموية ونشاط الغدد. والعكس صحيح أيضاً؛ إذ تؤثر الآلام مثلاً أو حتى وضعية الجسم وتعابير الوجه فقط في الراحة النفسية.

ويستطيع كل شخص أن يتأكد من صحة ذلك بإجراء تجربة بسيطة على نفسه، كأن يبتسم مثلاً. وأوضح أخصائي العلاج النفسي ومدير عيادات دايستر فيزير بمدينة باد موندر شمال ألمانيا ديتر بوتس، كيفية إجراء هذه التجربة قائلاً «انظر بكل بساطة في المرآة وابتسم». ويَعد بوتس بأن ترفع هذه التجربة المزاج على نحو سريع نسبياً.

ومن التجارب الأخرى أخذ وضعية جسم تعكس الثقة بالنفس: فمَن يقف منتصباً، ويرجع كتفيه إلى الخلف، ويحرك صدره إلى الأمام، وينظر في تلك الأثناء إلى الأمام، قلما يستمر شعوره بعدم الثقة. ومع وضعية الجسم هذه يكون من الصعب للغاية أن يتفوه المرء بجمل من قبيل «لا أستطيع فعل ذلك». والعكس صحيح أيضاً: فمَن يُدلي كتفيه ويطأطئ رأسه، فسينتابه شعور بالتثاقل وفقدان الدافعية.

وفي كتابها «فهم المشاعر والتغلب على المشاكل» تفسر دوريس فولف هذه الظاهرة، بقولها «يسعى الجسد والنفس إلى التناغم». ويمكن دائماً الوثوق بهذا الترابط بين النفس والجسد؛ لأن كل وضعية جسم لها أفكار ومشاعر مناسبة، والعكس صحيح. ويمكن لأي شخص الاستفادة من هذه المعرفة، حينما يشعر مثلاً بعدم الثقة أو الحزن والإحباط: فما عليه حينئذ سوى تغيير وضعية الجسم ليوحي للنفس بأنه يشعر بالثقة والسعادة، وستتبع النفس وضعية الجسم بسرعة. وتعمل هذه الطريقة على رفع المزاج لفترة قصيرة على الأقل. ويتمتع الغناء والرقص والضحك بالتأثير نفسه المُحسن للمزاج.

وعلى المدى الطويل، تُعد الأنشطة الحركية طريقة جيدة للتمتع بالراحة النفسية بمساعدة الجسم. وأوضح عالم النفس بمدينة هامبورغ شمال ألمانيا مايكل شيللبيرغ، فائدة الحركة قائلاً «أثناء ممارسة الرياضة يفرز الجسم هرمون السعادة السيروتونين، وهذا هو أفضل شيء على الإطلاق». ويرى أنه ينبغي على الأطباء أن يصفوا لمرضاهم ممارسة الرياضة أكثر من وصفهم للأدوية، لذا فهو ينصح مرضاه بزيادة الأنشطة الحركية أثناء الحياة اليومية على أقل تقدير، كصعود الدرج والذهاب إلى السوبرماركت عدواً وركوب الدراجة مراراً.

وأشار إلى أن أفضل شيء للتمتع بالهدوء النفسي بعد الجري يتمثل في ممارسة السباحة أو ركوب الدراجات بشكل رياضي. ويفسر ذلك بقوله «مع هذه النوعية من الأنشطة الحركية يستطيع المرء أن يستغل قوته الجسدية بالكامل ويصل إلى حدود قدرته على التحمل». وصحيح أن عدم رغبة الجسم في مواصلة بذل المجهود، واضطراره لذلك، يُشكلان كارثة صغيرة بالنسبة له، ولكن لكي يقوى الجسم على مواصلة بذل المجهود، فإنه يقوم بإفراز مواد أفيونية ضمن مواد أخرى، ما يجعل الرياضي يشعر براحة نفسية.

ويعتقد الطبيب الألماني بوتس أن الرياضة بوجه عام تُعد بمثابة عنصر استقرار للنفس. ويؤكد أن الرياضة تتمتع بتأثير فعال يمكن أن يساعد على علاج حالات الاكتئاب الخفيفة إلى المتوسطة، مشيراً إلى أن العديد من الدراسات أثبتت صحة ذلك، على الأقل في بعض المقاربات البحثية. ويعتبر النوم الكافي والتغذية الصحية من الأمور المهمة أيضاً للراحة الجسدية، ومن ثم الراحة النفسية. ويقول شيللبيرغ «في حقيقة الأمر، هذه النصيحة نمطية ومكررة». ولكنه يعود ويؤكد أن مَن ينم سبع ساعات ليلاً على الأقل ويتبع نظاماً غذائياً صحياً، يتمتع بكل بساطة بحالة جسدية ونفسية أفضل من الشخص الذي يعاني باستمرار نقص النوم ولديه ثلاجة زاخرة بالأطعمة الجاهزة.

الأكثر مشاركة