الأفيال المنقرضة.. في معرض
يعد هيكل الفيل الأوراسي، بمنكبيه اللذين يبلغ ارتفاعهما أربعة أمتار، أضخم المعروضات في ساحة «إمبراطورية الأفيال» بمتحف «إل.في.آر ـ لاندس ميوزيم» في مدينة بون الألمانية. وفي بهو الدرج بالمعرض، تجد نموذجاً للهيكل العظمي للفيل بالحجم الطبيعي يرحب بالزوار بخرطومه المرفوع.
هذا الحيوان الضخم، الذي يزن نحو 11 طناً، يعكس ملامح الحياة في أوروبا الوسطى قبل ما يقرب من 200 ألف سنة. اكتشفت بقايا هذا النوع من الأفيال في بحيرة مالحة بالقرب من مدينة هاله الألمانية. وعلاوة على الهيكل العظمي للفيل، ثمة بقايا لأسماك وحشرات وأدوات ترجع إلى عصور ما قبل الإنسان النياندرتالي (انسان الكهف) بين الأشياء المعروضة في المتحف حتى السادس من نوفمبر المقبل.
وفي الفترة بين عامي 1985 و،1996 عثر علماء الآثار على هذه الكنوز الأثرية في موقع نومارك للتعدين السطحي بالتعرية للحصول على اللجنيت (نوع من الفحم الحجري). نفقت الأفيال في بحيرة كانت موجودة قبل ما يقرب من 11 ألف سنة، لكن البحيرة امتلأت بالطمي في وقت لاحق. العجيب أن البحيرة احتفظت بكل ما فيها من آثار حفظاً تاماً كما لو أن تلك الآثار موضوعة في كبسولة للانتقال عبر الزمن. كما أن تنوع الكائنات الحية التي عثر عليها، فريد من نوعه. وفي منجم فحم اللجنيت، تم العثور على بقايا الهياكل العظمية لنحو 70 فيلاً.
يرى عالم الآثار ديتريش مانيا، أنه لم يكن الأمر غريباً خلال أعوام التعدين، أن يرن الهاتف في منتصف الليل وتقول الشركة المسؤولة عن التنقيب «إن لم تأت إلى هنا في الصباح، سيضيع الفيل». وفي كل مرة يهرع مانيا إلى المنجم لإنقاذ الاكتشاف الأثري. استطاع منظمو المعرض إنشاء هيكل عظمي كامل لأحد الأفيال تم العثور على جميع عظامه. وتشير تقديرات الباحثين إلى أن ما يراوح بين 20 و30 فيلاً كانت تعيش بالقرب من البحيرة في ذلك الوقت. وإذا أخذت في الاعتبار أن مثل هذا الفيل العملاق يأكل نحو 300 كيلوغرام من الطعام كل يوم، يسهل عليك تخيل ملامح البيئة الطبيعية التي كانت تعيش فيها تلك الحيوانات حينذاك.
أثناء الفترة الواقعة بين عصرين جليديين قبل ما يقرب من 200 ألف عام، كان هناك مناخ شبه قاري يتسم بصيف جاف ودافئ وشتاء قارس، فيما كانت درجات الحرارة في منتصف يوليو تتجاوز 20 درجة مئوية. هذه الظروف مناسبة تماماً لنمو غابات البلوط والحشائش القصيرة، وعلاوة على الأفيال ذات الأنياب الضخمة، كانت حيوانات الخرتيت والضبع واليحمور تعيش هي الأخرى في هذه المنطقة. كما أن هناك آثاراً للإنسان الذي عاش في فترة ما قبل الإنسان النياندرتالي. كان هؤلاء البشر يعلمون أن الحيوانات المفترسة الضخمة يمكن أن تتردد على مواقع المياه والمواطن التي تلعقها للحصول على الملح.