ناصر عبدلله..حكاية نجاح مع «السنقر»
بمجهود فردي، وعشق خاص للصقور، تمكن المواطن ناصر عبدالله ناصر من إنتاج 12 صقراً من صقور المناطق الثلجية التي تعيش في المناطق الشمالية من الكرة الأرضية، محققاً حكاية نجاح، وإنجازاً مهماً في مجال تكاثر صقور «السنقر»، بعد أن عكف ناصر تسع سنوات في مركزه الخاص على أبحاث عدة، وتوفير تقنيات دقيقة، وظروف اصطناعية تحاكي البيئة الطبيعية التي تنشأ فيها الصقور الثلجية المميزة، لكي يتمكن من إنجاز مشروعه في تكاثر صقور السنقر.
وقال ناصر إن «شغفي الكبير بالصقور وتعلقي الشديد بها، منذ الثامنة من عمري، دفعاني إلى إنشاء مركز خاص يُعنى بإنتاجها والقيام بالأبحاث المرتبطة بها، وتحديداً صقر المناطق الثلجية (السنقر)، في محاولة لاستعادة مكانته السابقة بين صفوف الصقارين العرب»، مشيراً إلى أن العرب عرفوا هذا النوع من الصقور في العصر العباسي، واستخدموه في الصيد، وكانوا يفضلونه على بقية أنواع الصقور، وذلك لتميزه في الصيد، وورد أنه كان يُجلب إلى الخلفاء والأمراء المهتمين بالصيد بالصقور من مناطق شمالية بعيدة.
وأضاف ناصر لـ«الإمارات اليوم» «في العصر الحديث عرف الصقارون العرب صقور المناطق الثلجية من خلال استيرادها من بعض الدول الأوروبية، مثل ألمانيا والنمسا بشكل خاص، إلا أن قدرتها على الصيد لم تكن بالشكل المتوقع، نتيجة تربيتها وتنشئتها في الأَسر، الأمر الذي أسعى لتجاوزه في مركزي الذي لا يقتصر على إنتاجها، بل يتجاوز ذلك إلى العمل على تكييفها مع البيئة الخارجية، لكي تكتسب الخبرة الضرورية لإجادة الطيران والمراوغة، والحدة في طلب الصيد كما تفعل الصقور الوحوش التي يتم اصطيادها من البراري».
إنجاز
حول مركزه فصّل ناصر «قمت بإنشاء مركز الإمارات لإنتاج وأبحاث صقور (السنقر) في عام ،2002 بمجهود فردي مكني خلال تسع سنوات بعد عشرات المحاولات، من إنتاج ما يزيد على 12 صقراً في الأَسر، الأمر الذي يعد إنجازاً كبيراً في مجال تكاثر الصقور في الأسر الذي يعد أمراً صعباً للغاية، إذ تحتاج عملية تكاثر هذه الصقور التي أقوم بجلبها من كندا وأميركا والدول الاسكندنافية، إلى توفير أزواج متقاربة في السن وظروف اصطناعية تحاكي الظروف الطبيعية التي ألفتها، كتعاقب الليل والنهار المرتبط بفصلي الصيف الشتاء، من خلال استخدام مجموعة خاصة من التقنيات والأدوات والأجهزة». وفي مقدمة تلك الأجهزة مصابيح الطيف الكامل التي تضم طيف الأشعة فوق البنفسجية، الأكثر مشابهة لضوء أشعة الشمس من المصابيح العادية، فمن المعروف أن مصادر الضوء فوق البنفسجي ضرورية لتمكين الطيور من التعامل الصحيح مع بيئاتها على مستوى السلوك والمستوى الفسيولوجي، إذ أدرك العلماء أخيراً أنها مهمة جداً في السلوك الطبيعي للتكاثر عند الطيور، وتمييزها للقرناء، وطرح الريش وصيانته والسلوك الغذائي، وفقاً لناصر.
تلقيح
أردف صاحب مركز الإمارات لإنتاج وأبحاث الصقور أن «عملية التلقيح الاصطناعي لإنتاج الصقور في المركز تتمثل في ادخال حيوانات منوية مستخرجة من الذكر، في الأنثى، بهدف الإخصاب، إما عن طريق الحقن أو القبعة المتعارف على استخدامها من قبل المتخصصين، وما أن تنجح عملية التلقيح وتضع الأنثى بيضها، تبدأ عملية مراقبة مستمرة لحالة البيض، الذي عادة ما يكون ثماني بيضات توضع على مرحلتين، وتستمر فترة الحضانة الطبيعية والاصطناعية، لـ31 يوماً ونصف اليوم».
بعدها تبدأ عملية تكييفها مع البيئة الخارجية، من خلال إطلاقها في مناطق برية محددة، أو في أقفاص الإطلاق، لكي تكتسب الخبرة الضرورية لإجادة الطيران والمراوغة، والحدة في طلب الصيد كما تفعل الصقور الوحوش التي يتم اصطيادها من البراري، وذلك بعد أن يتم تزويدها بأجهزة خاصة تتيح معرفة تحركاتها وتنبهنا في حال تعرضها لأخطار طبيعية أو بشرية، حسب ناصر، الذي أكد أن نسبة نحاج عملية التلقيح تكاد تصل في المركز إلى 100٪، بعد محاولات عدة حرص خلالها على الاطلاع على تجارب مراكز عالمية عن طريق زيارتها «كما أسهمت متابعاتي الدائمة لآخر الدراسات والتطورات التي لحقت هذا المجال بدور كبير في هذا النجاح».
تهجين
نوه ناصر بأن مركز الإمارات لإنتاج وأبحاث الصقور، لا يلجأ إلى التهجين الذي تلجأ إليه بعض المراكز في محاولة لتكييفها مع طبيعة البيئة الإماراتية، حيث إن هدف المركز الأساسي هو البحث عن النقاء الجيني، الأمر الذي لا يتحقق في ظل التهجين، أما فيما يتعلق ببحوث المركز فأفاد ناصر بأن المركز يقوم بمجموعة من البحوث التي تهدف إلى التعرف أكثر إلى طبيعة صقر السنقر، في محاولة للتوصل إلى علاجات للأمراض التي قد تصيبها، لذا يحرص على التعاون مع مراكز أبحاث ومستشفيات بيطرية، هذا إلى جانب جامعات ومختبرات عالمية ومحلية، كما يوفر المركز أنسجة وأجنة نافقة للطلاب الذين يرغبون في إجراء تجارب خاصة.
ويطمح ناصر مستقبلاً إلى توسيع نشاط مركز الإمارات لإنتاج وأبحاث الصقور، ليشمل إنتاج الطرائد البرية المهددة بالانقراض، في محاولة للحفاظ على استمرارية الصيد المستدام، والانضمام إلى اتفاقية الاتجار الدولي بالحيوانات والنباتات المهددة بالانقراض (السايتس)، في مقرها الأم في جنيف، إلى جانب عضويته فيها على المستوى المحلي.