أونغارو.. مسـاءات باريسـية لشــــتاء سنغافوري
قد تكون تلك التنقلات الكثيرة التي عاشتها دار الأزياء الفرنسية «إيمانويل أونغارو» منذ عام ،2002 بتغيرات وصلت إلى خمسة مصممين رئيسين على مدى السنوات الماضية، مفيدة بالشكل الكافي، لأن تصل دفة قيادة الإدارة الإبداعية للدار بين يدي المصمم البريطاني الفذ غيلز ديكون، الذي استلم مهامه العام الماضي، بتلك اللمسة الخاصة جداً في قصاته وخطوطه التي يحرص خلالها دائماً على أن تبرز الأجزاء الأذكى من الجسد.
قدم ديكون لمجموعة خريف وشتاء 2011 للملابس الجاهزة، خلال أسبوع «أودي» للموضة في سنغافورة الأنيقة، ابتكارات لم تخرج عن تلك اللمسة الكلاسيكية شديدة الأنوثـة التي برزت تارة واختفت تحت خطوط متطورة ومبتكرة تارة أخرى، معتمداً غموض الأسود لمعظم مجموعته، مع لمسات سحرية من التركواز الهادئ، وضربات نور ذهبية فوق شفق برغندي ينتظر سواد الليل، إذ اعتمد تدرج اللون في معظم التصاميم الملونة، بينما قـرر إبـراز القليل من الوردي القريب إلى لون أول بزوغ الفجر، مفضلاً اعتماد التفاصيل الواضحة، والإبراز الفخم للقصات وزينتها.
وعلى الرغم من الأناقة الواضحة على جميع القطع من دون استثناء، ركز المصمم في مجموعته على القصات القوية الضيقة، والمبرزة لحنايا وتفاصيل الجسد، سواء بضيقها الشديد واعتماد معظمها على الجلد المطاطي، أو الدانتيل الشفاف الذي أبرز أكثر مناطق الجسد حساسية، أو الفساتين والتنانير القصيرة، أو حتى تلك المتكونة من أطقم سراويل وسترات قصيرة فوق بلوزات مفتوحة الصدر، أو التي تعتمد على فكرة البلوزة ذات قصة الأكمام الطويلة والرقبة العالية المزينة بالريش، فإن المصمم قرر أن يكون شقاً عرضياً كبيراً لإبراز منطقة الصدر، من دون تـردد في أن يبرز وبقوة ذلك الجانب الحسي للمجموعة.
تفاوتت القصات التي اعتمدها المصمم والتي جمعت عدداً من القطع العملية، مقدماً مجموعة من الأطقم من سراويل وسترات وبلوزات مخملية وحريرية لماعة، أو تنانير قصيرة وبلوزان صوفية عريضة تزيّنت بتطريزات فضية ونحاسية لطيور جارحة، ولطائر البومة، ولذئاب شرسة، إضافة إلى مجموعة من السراويل الجلدية الضيقة متعددة القصات فوق قوالب جذع حريرية سميكة بقصات شبيهة بالقوالب، تحت بلوزات صوفية قصيرة مربعة، أعطى تعزيزاً شديداً لنحول الخصر واستدارة الأرداف، أو تلك المعتمدة على فكرة «الأوفرهول» الكامل من بلوزة وسروال بقصة مستقيمة وأكمام وصدر ورقبة من الدانتيل الأسود، بتصميم كلاسيكي، إضافة إلى الفساتين الحريرية القصيرة ذات القصة العفوية المائلة والواسعة، أو تلك السترات المعتمدة على الفرو والتطريزات البارزة كزينة للأكتاف والأكمام. اعتمد ديكون أيضاً فكرة السترات القصيرة الضيقة ذات الأكمام الطويلة والزينة الكثيفة من زهور سوداء بارزة وتفاصيل فضية من الترتر والسلاسل، وأخرى مشابهة لها زينت فساتين قصيرة، بكثافة في زينة الترتر الفضية التي رسمت أغصاناً ونقوشاً مبتكرة وكثيفة على كامل القطع، أو تلك التي زينت قمصاناً شيفونية سوداء مع سراويل قصيرة واسعة ضيقة عند البطن، تحت سترات جلدية ناعمة، أو فساتين صوفية قصيرة تداخل فيها اللون الأخضر، أو تلك الناعمة بلونها الوردي الرومانسي وقصتها الراسمة على الجسد خطوطا من تطريزات وقطع وقصات مقسمة له بطريقة مبتكرة، مقدماً بذلك مجموعة شديدة الأناقة على الرغم من حاجتها لمرأة جريئة تميل إلى إبراز مفاتنها أكثر من إخفائها، تميزت بقدرتها على أن تتناسب المناسبات النهارية والمسائية، بأناقة شديدة.
غواية مخفية
على الرغم من اعتماده القصات شديدة القصر، والخامات الشفافة الكاشفة، التي لم تترك مجالاً كبيراً لتخيل ما تحتها، فإن جميع القصات والقطع مالت إلى تغطية الجسد، من دون أن تخفي تفاصيله، فتحت السراويل القصيرة جداً، ارتدت العارضات سراويل مطاطية غير شفافة وذات لمعة حريرية غطت كامل الساق، إضافة إلى قصات عالية الرقبة، وأكمام طويلة، وبلوزات طويلة وضيقة، ولكن من دون أن يغفل المصمم أن يكشف رغم القصات الطويلة، أن يعزز من ضيقها أو من شفافيتها، كما لو كان يحاول الموازنة بين عري الجسد وستره، معتمدا جميـع الأطوال من القصيرة والمتوسطة والطويلة.
مساءات ملوّنة
ساد اللون الأسود على معظم المجموعة، من دون تردد من المصمم في احتمالية إغراق المدعوين بحالة من الملل اللوني، فقد نجح رغم ذلك بتقديم تنويع شديد في الزينة والقصات أبعدت احتمالية الملل، إضافة إلى إدخاله لألوان داكنة مشابهة لمساءات باردة، تعكس فضة الضوء على أرضيات ومبان مبتلة تحت المطر، من الكحلي الداكن، واللمسات الفضية الكثيفة والغنية على الأسود، واللمسات الخجولة من الذهبي والتركواز والأخضر الداكن والرمادي، والرمادي الفاتح جداً والوردي الفاتح أيضاً واللازوردي الجذاب.
حرص المصمم في مجموعته الضيقة جداً، والقريبة جداً من تحركات الجسد، أن تكون خاماته مناسبة لتلك الحالة الحسية المغوية، معتمداً على خامات مثل الدانتي والشيفون والصوف الخفيف والساتان والجلد الناعم وخامات الترتر الكامل والمخمل الغني والريش والتويد والفرو، إضافة إلى القط والحرير والصوف المحاك الناعم.
إكسسوارات
لم يركز المصمم على كثير من الإكسسوارات، نظراً إلى كثافة الزينة على التصاميم، أو كثرة القصات الراسمة لأجزاء الجسد، إلا أنه حرص على أن تكون قطع الاكسسوار القليلة التي لم تزد عن قطعة واحدة أو اثنتين في المظهر الواحد، أن تكون قوية وبارزة وتعزز من قوة وغموض المجموعة، من قلائد «خناقة» عريضة على الرقبة جلدية ومعدنية، أو أحزمة جلدية ناعمة، وقفازات مزينة بالأحجار، بينما افتقرت المجموعة إلى وجود أي نوع من الحقائب.