تحوّل من ثوب الحداد إلى رداء نجمات هوليوود

الفســـتان الأسود.. فخامة جادّة

صورة

سأل رجل امرأة: «سيدتي، على مَن ترتدين هذا الفستان حداداً؟». فأجابت المرأة: «عليك، سيدي». هذه المرأة هي مصممة الأزياء ذائعة الصيت، كوكو شانيل، التي كانت ترتدي حينها فستان أسود قصيرًا من تصميمها. ولم يكن من المتوقع أن يُحدث هذا الفستان ذو القصة البسيطة، ولونه غير اللافت للنظر كل هذه الضجة التي أثارها في ما مضى، ويثيرها حالياً، وسيثيرها في المستقبل أيضاً. وليس أدل على ذلك من أن هذا الفستان يظهر في تشكيلة عدد لا حصر له من المصممين في الوقت الحالي. ولكن لماذا؟

في عام 1926 طرحت شانيل الفستان الأسود القصير في الأسواق، وآنذاك كان هذا الفستان بمثابة فضيحة. وأوضحت أستاذة تصميم الأزياء في جامعة الفنون بالعاصمة الألمانية برلين، البروفيسورة غريت زايمور، سبب تصميم شانيل لهذا الفستان، قائلة: «صممته شانيل لترتديه النساء اللائي فقدن أزواجهن في الحرب العالمية الأولى، ليعبرن به عن حزنهن عليهم، ولكن ليعبرن أيضاً عن تطلعهن للمسقبل».

وأشار الخبير في معهد الموضة بمدينة كولونيا غرب ألمانيا، غيرد مولر تومكينس، إلى أن التناقض بين اللون والقصّة كانا سبباً في اعتبار الفستان فضيحة، «بهذا الفستان عبّرت الأرامل عن حزنهن من ناحية، وعن استعدادهن لعلاقات عاطفية جديدة من ناحية أخرى».

ويرى مؤلف كتاب عن كلاسيكيات الموضة، أنطونيو مانسينيللي، أن هذا الفستان يجسد التناغم التام بين الرغبة والراحة، وبين الفخامة والصرامة، وبين النقائية والخيال.

شهرة

منذ ذلك الحين ترتديه جميع نجمات هوليوود، ومن المرجح أنه ليست هناك نجمة من نجمات هوليوود لم تطل ذات مرة بفستان أسود قصير. ويرجع الفضل في شهرة هذا الفستان إلى النجمة العالمية أودري هيبورن، التي أطلت به عام 1961 في فيلمها الشهير «إفطار عند تيفاني»، وكانت ترتدي معه قبعة وقفازات وأقراطاً لؤلؤية.

وتفسر زايمور سبب الشهرة الكبيرة التي يحظى بها هذا الفستان قائلة «الفستان الأسود القصير هو سلاح المرأة المناسب لكل الأغراض، إنه الإجابة عن السؤال: «ماذا ينبغي أن أرتدي؟». وأضافت: «مع الفستان الأسود القصير تبدو المرأة أنيقة وواثقة بأسلوبها في جميع المناسبات، بدءاً من حفلات الكوكتيل وحتى اجتماعات العمل».

وفي ما يبدو، لا تخلو تشكيلات مصممي الأزياء من الفستان الأسود القصير، على الرغم من سعيهم الدؤوب إلى الأفكار الجديدة. وليس أدل على ذلك من اعتراف مصمم الأزياء الشهير ميوتشا برادا: «من الصعب أن يصدق المرء حجم العمل الذي قمنا به، وفي نهاية المطاف جاءت النتيجة كالتالي: فستان أسود بسيط».

ولا يوجد تعريف واضح لماهية الفستان الأسود القصير. ولكن يمكن وضع تعريف أساسي له، فهو ضيق وذو قصة ملتصقة بالجسم، ويصل طوله إلى الركبتين حداً أقصى. وتقدم هذه الصفات للمرأة فرصة إجراء تعديلات على الفستان تبعاً لذوقها الشخصي. ويطل الفستان الأسود القصير بطابع مختلف، إذ يحمل طابعاً كلاسيكياً لدى «شانيل»، وطابعاً لعوباً لدى علامة أخرى، وطابعاً متفرداً لدى ثالثة.

وتضم التشكيلات الحديثة مجموعة كبيرة من الفساتين السوداء القصيرة التي تتنوّع في ما بينها من حيث القصة والحليات، فعلى سبيل المثال، يطل الفستان بموديلات ذات فتحة رقبة على شكل حرف V وتزدان بالترتر، أو بموديلات ذات فتحة بوستير أو كرانيش، أو على شكل شبه منحرف، أو بموديلات بتصميم الاسترتش، أو بموديلات بسيطة وفضفاضة.

وتستطيع المرأة أن تضفي طابعاً شخصياً على جميع هـذه الموديلات، وبذلك يمكن أن يصبح كل فستان أسود قصير قطعـة متفردة، ويقول مستشار المظهر في مدينة فرانكفورت غرب ألمانيا، أندرياس روزه: «يمكن للمرأة تنسيق الفستان مع إكسسوارات كثيرة، كشال ذي طابع مميز وحُلي جذابة وحزام عريض وقفازات طويلة».

تنسيق

يحمل الفستان طابعاً مبهجاً بتنسيقه مع حقيبة وأحذية وردية اللون، وطابعاً متمرداً بتنسيقه مع قفازات مرصّعة بالكباسين. وبتنسيقه مع بليزر يصبح الفستان مناسباً للعمل، وبتنسيقه مع سروال جينز وحذاء رياضي يصبح الفستان مناسباً لأنشطة أوقات الفراغ. أما الطلة الكلاسيكية فتتمثل في تنسيقه مع حذاء ذي كعب عالٍ. ووفقاً لخبراء الموضة، تعد هذه الطلة الكلاسيكية أكثر الطلات جاذبية وتأثيراً.

ولكن خبير الموضة الألماني، مولر تومكينس، يقول إن هذا التأثير لا تحققه كل امرأة، معللاً ذلك بقوله: «بسبب الخامة واللون يتراجع المظهر الخارجي للفستان، ويأتي تعبير المرأة وإشراقها في المقدمة. فمن لا يمكنها أن تفي بذلك، فربما يثير مظهرها الضحك». ويتفق ماسينيللي مع هذا الرأي ويقول: «الفستان الأسود القصير يتوحّد مع المرأة التي ترتديه».

ويمنح اللون الأسود قوام المرأة مظهراً رشيقاً، ويسري ذلك أيضاً على الفستان الأسود القصير. ومع ذلك، ينصح خبراء الموضة النساء البدينات بارتداء الموديلات الواسعة والفضفاضة وغير القصيرة للغاية، لافتين إلى إمكانية تنحيف السيقان العريضة ظاهرياً من خلال ارتداء جوارب سوداء.

تويتر