الغيرة الإيجابية تعد بهار الحياة الزوجية. غيتي

الغيرة الشديدة.. شكٌ مغلّف أم حب زائد

تعد الغيرة من المشاعر التي تتفاوت من شخص إلى آخر، ورغم أنها نابعة من الحب بين الزوجين، إلا أنها قد تتحول إلى سبب للخلافات، في حال زادت على الحد الطبيعي، كونها تصبح ترجمة واقعية لحب الامتلاك والسيطرة، وخنق خصوصية الآخر. وبينما القليل من الغيرة قد يؤجج مشاعر الحب ويزيدها، فقد تؤدي المبالغة فيها الى حد الشك، وتدمير العلاقة بين الزوجين، حسب مختصين، وأزواج وزوجات استطلعت «الإمارات اليوم» آراءهم.

التونسية سهى القلال ترى أن الغيرة لا تساعد على تأجيج المشاعر، بل على العكس، تعتقد أنها تزيد العلاقة بين الشريكين سوءا، إذ «تدل على عدم الثقة بالآخر، فالغيرة تترجم فعليا بملاحقة الشريك وسؤاله عن كل شاردة وواردة في حياته، وهذا بطبيعة الحال، من شأنه أن يحول الحياة إلى جحيم». ووصفت سهى الغيرة بأنها «صيغة مبسطة للشك».

أما المصرية نفيسة المرزوقي، فأشارت إلى انها ليست مع وجود الغيرة في أي علاقة، مضيفة «على الرغم من أنني لست متزوجة، ولكنني أرى أن الغيرة بين الشريكين ليست سوى دليل على عدم الثقة بالآخر، علما بأن الثقة هي الجسر الأساسي الذي لابد من وجوده للتواصل»، معتبرة أن الغيرة جزء من الشك، ومن شأنها أن تساعد على تطور الخلافات الزوجية، لتصبح مشكلات قد تقود للانفصال.

إزعاج

أدوار للرجل

اعتبر الدكتور محمد النحاس، أن هناك مجموعة من الأدوار لابد أن يلعبها الرجل في الحياة لإنجاح العلاقة الزوجية، ويتمحور الدور الأول في الصديق، ثم الدور الثاني هو دور الابوة، وثالثا عليه أن يكون الأخ الصلب القوي الذي يحمي الزوجة، أما الدور الرابع فبالنسبة للنحاس «دور الحبيب والعشيق، وأخيرا يأتي دور الزوج». وأشار الى أن الصداقة تكبر لتكون حبا، بينما الحب لا يمكن أن يصغر ليصبح صداقة، وبالتالي هذا يحكم على العلاقة بالفناء. وشدد على أن المشكلة الأساسية التي تواجه معظم الرجال هي أنهم يلعبون دور الزوج مباشرة، ناصحا إياهم بضرورة تعلم الحب والصداقة، وأن يكونوا صادقين مع أنفسهم، ليعيشوا الحياة بصدق.

أكد اللبناني، بهاء حمادة، أن الغيرة تعد إحدى المشكلات التي واجهها في حياته، وسببت له إزعاجا شديدا، وقال ان «الغيرة الخفيفة ضرورية، كونها تعبر عن الاهتمام بالآخر، وتظهر الحب، لكن في حال زادت على الحد الطبيعي تتحول إلى إزعاج، وتسبب مشكلات لا ضرورة لها». وأشار الى ان الغيرة المزعجة، تعمل على تخفيف اهتمام المرء بشريكه، وتدخل نوعا من الملل إلى العلاقة.

ورأى حمادة أن الغيرة من الممكن ان تتحول إلى شك، مشددا على ضرورة وجود الثقة بين الطرفين، وأضاف أن «الشخصية المنفتحة، غالبا ما تكون الغيرة لديها أقل من غيرها، فيما الشخصية المنغلقة لا تستطيع التحكم بكم الغيرة».

أما السوري يوسف محمود، فذكر أن الغيرة أحيانا تكون نتيجة سلوك لا إرادي، ناتج عن الحب، مضيفا «شخصيا أغار أحيانا على زوجتي، ليس لأنني لا أثق بها، ولكن لأنها سيدة جميلة، ومن الممكن أن تلفت الأنظار، لهذا قد تثير غيرتي بعض التصرفات الناتجة عن الآخرين وليس عنها»، مشيرا إلى ان التقنيات الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي، أسهمت في زيادة غيرة شريكي الحياة، بحكم العلاقات الكثيرة، وقدرة المرء على التواصل مع كل الناس.

أما اللبنانية رانية كفوري، فقالت ان القليل من الغيرة يعد دليلا على الحب، وأن الشريك مازال يعني لشريكه الكثير، واصفة الغيرة المحدودة، التي لا تهز الثقة، ببهار الحياة الزوجية، إذ «تثير مشاعر جميلة عند المرأة خصوصا، كونها بطبيعتها تحب ان يبدي الرجل اهتمامه بها وحبه لها». ولفتت الى انها بطبيعتها لا تغار لمجرد أسباب تافهة، ولكنها أحيانا قد تشعر بالغيرة على زوجها، وهذا بالنسبة لها دليل على أنها مازالت تحبه بشدة.

ثقة

قال مدير مركز الاستشارات الدولية للطب النفسي، الدكتور محمد النحاس، ان «الغيرة الإيجابية هي التي تحرك المشاعر، وتؤكد وجود الحرص على الآخر، فيما الغيرة السلبية تنقل المشاعر من خلال الشك والارتياب ومراقبة الطرف الثاني». مشيرا إلى ان الغيرة إن لم يكن لها مبرر، تكون المشكلة في الشخص الغيور، فيما ان كان لها مبرر فلابد من التعاطي معها بحكمة.

ولفت النحاس الى ان نمط المرء الشكاك لابد أن يكون غيورا، «والغيور ليس بطبيعته شكاكا، ولكن تطور الغيرة يوصله الى مرحلة الشك، وهذا لا يعتبر حبا، وإنما تدمير للحب، إذ يجب تتويج العلاقة بالثقة، لأن الثقة منبع الاحترام المتبادل»، موضحا أن الشكاك «شخص ليست لديه ثقة بالنفس، والغيرة التي تجعل الشخص شكاكا، يكون ذلك بسبب عدم قدرة الشريك على كسب ثقة الآخر، وبالتالي لابد من تغطية الطرف الثاني بالحوار والتفاعل الوجداني، كي لا يترك لأي شخص آخر يشغله.

وأشار الى أن الغيرة المبالغ فيها، تشعرنا بأنه ليس هناك ثقة وإحساس بالأمان، وليس هناك احترام وبالتالي تنهدم العلاقة. واعتبر أنه من الضروري على الشخص تمرين نفسه على أن زيادة الثقة بالذات، وبالطرف الآخر، وبالتالي لا يدقق في الاسئلة الا عند الضرورة، أو المواقف التي تستدعي السؤال عنها والتوقف عندها. ولفت الى وجوب الابقاء على مساحة من الحرية للطرف الثاني، وبالتالي ترك الآخر يسرد ما يجب سرده. واعتبر النحاس أن الصداقة التي تجمع بين الطرفين، هي القادرة على تقريب الشريكين، بحيث يكون الزوج الصديق القريب، الذي لا يهدف الى التجسس أو المراقبة، كما يفعل البعض.

الأكثر مشاركة