تأخير السحور يمنع العــــطش والجوع والعصبية
لاشك في أن الكثير من العادات الرمضانية اختلفت عبر السنوات، بدءاً من غياب المسحراتي، وتبادل أطباق الطعام بين الجيران، وصولاً إلى السحور الذي لم يعد موجوداً لدى فئة كبيرة من الناس. وكان معظم الناس في العقود الماضية يستيقظون للسحور قبل حلول الفجر، بينما اليوم وبفعل تبدل مظاهر الحياة الاجتماعية، وزخم الاعمال الدرامية التي تعرض على الشاشات، بات عدد كبير من الناس يسهرون حتى ساعات الصباح الأولى يتناولون وجبة خفيفة تغنيهم عن الاستيقاظ في منتصف الليل.
وأكدت المواطنة هند محمد، أنها لا تستيقظ على السحور، وقالت: «نسهر في رمضان حتى ساعات الفجر الأولى، فأحياناً تمتد السهرة حتى موعد الصلاة، وبالتالي نسهر ونشاهد المسلسلات، ثم نأكل قبل الصلاة، وبعدها نخلد للنوم». ونوهت بأنهم في العائلة معتادون على السهر لوقت متأخر في رمضان ومنذ سنوات طويلة، ولهذا لم يشعروا بأن العادات تتغير مع الزمن، فهم يعيشون النظام نفسه منذ الصغر. بينما أكد المواطن حمد المزروعي، أنه يعتبر الاستيقاظ للسحور قبل الفجر أساسياً في رمضان، فهو يحب أن ينام عند الساعة الـ،11 ثم يستيقظ عند الثالثة صباحاً لتناول السحور، وبعدها يصلي الفجر ثم يرتاح قليلا قبل أن يذهب للعمل. وأكد ان المواظبة على هذا النظام تجعله قادراً على تحمل الصيام، لاسيما أن النهار طويل ويشعر المرء خلاله بالجوع.
قائمة ممنوعات نصحت اختصاصية التغذية عايدة البلوشي الصائمين بالابتعاد عن تناول بعض الأطعمة التي تسبب العطش، وقد تسبب اضطرابات وعسراً في الهضم في أثناء النهار. ونصحت بالانتظار بعد تناول السحور، وعدم الخلود للنوم مباشرة، لأن ذلك يؤدي الى سوء الهضم، خصوصاً إن كانت وجبة دسمة، على أن ينام المرء بعد تناول الوجبة بساعتين أو ثلاثة. ومن الأطعمة التي نصحت بالابتعاد عنها: 1-الأطعمة المالحة ومنها السمك والمخللات والجبن والزيتون والمكسرات والتونة. 2-المواد الحريفة والمخللات التي تسبب العطش. 3-الابتعاد عن تناول الحلويات والمأكولات الغنية بالدهون. 4-تجنب المشروبات التي تحتوي على الكافيين مثل الشاي والقهوة، لأنها مدرة للبول، وهذا يفقد الجسم كل ما قد يحتاج إليه من سوائل ومعادن طوال النهار. |
شبع
وقالت العراقية فرح إبراهيم «لا أستيقظ للسحور، حتى إنه لا يمكنني تناول مأكولات خفيفة قبل النوم، لأني في أيام الاسبوع لا أسهر كثيراً، ويصعب علي الاستيقاظ في وقت السحور». وأضافت أن « الإفطار المتأخر عند السابعة يجعلنا نشعر بالامتلاء حتى آخر السهرة، وبالتالي لا نشعر بالحاجة لأن نصحو للسحور، إلا أنني أحيانا إن صحوت قد أتناول التمر والمياه فقط، فيما خلال العطلة الأسبوعية قد نسهر لوقت متأخر وبالتالي نتناول السحور قبل النوم». واعتبرت ابراهيم أن هناك أكثر من عامل أدى الى غياب السحور عند الكثيرين، منها زخم الأعمال الدرامية على التلفزيون، بالإضافة الى كثرة السهر التي تجعلنا ننام في وقت متأخر يمنع استيقاظنا للسحور.
وقال السوري محمد صوقار: « ليس لدي أجواء عائلية في الامارات، كوني عازباً وأعيش بمفردي، ولكن عندما كنت مع أهلي في سورية، كان السحور عند الفجر أمراً ضرورياً، ولكني أعيش وحدي وبالتالي يصعب علي تحضير السحور». ولفت الى أنه يسهر لمتابعة المسلسلات، واحياناً قد يأكل شيئا بسيطا قبل ان يخلد للنوم. ونوه بأن عادة السحور بدأت تتقلص بسبب روتين الحياة الذي تبدل مع تطور التكنولوجيا، ومع تقلص العلاقات الاجتماعية ولاسيما بين الوافدين الذين يعيشون بعيداً عن عائلاتهم هنا، أما هذه الأجواء فاعتبرها صوقار الاجمل في شهر رمضان، لذا يشعر بافتقادها.
أما اللبنانية ميرنا جابر، فلفتت إلى أنها لا تحب الاستيقاظ في وقت السحور من صغرها، «فعلى الرغم من ان أهلي يواظبون على تناول السحور قبل ان يحين موعد الصلاة، ولاسيما امي ووالدي، إلا أني كنت أكره الاستيقاظ لأنه يسبب لي القلق ويمنعني من معاودة النوم، مما يسبب لي الصداع طوال النهار». وأكدت أنها اليوم تسهر لساعات متأخرة، وقد تتناول بعض الاطعمة قبل النوم، منوهة بأن وقت الإفطار المتأخر لا يجعلنا نشعر بالجوع، ولهذا ألغي السحور عند فئة كبيرة من الناس.
بركات
قالت اختصاصية التغذية في مستشفى توام، عايدة البلوشي إن «وجبة السحور هي الوجبة التي تؤكل آخر الليل أو قبل الصباح، وتعتبر الوجبة الأساسية الثانية في اليوم خلال شهر رمضان ويجب تناولها كوجبة كاملة ومتوازنة، ويفضل تأخيرها الى ما قبل الفجر حتى تساعد الصائم على الصيام دون معاناة من العطش والصداع والخمول والعصبية». ولفتت إلى أنه في السحور «بركات طيبة ربانية، وهي التي تمكن الإنسان من الصبر عن تناول الطعام، لأن السحور يعتبر قوت المعدة لساعات عدة، ويحد من الجوع ويساعد الجسم على المحافظة على مستوى طبيعي لسكر الدم، لذلك يجب ان تكون هذه الوجبة غنية بعناصر الغذاء الرئيسة من بروتين ودهون ونشويات».
وأكدت البلوشي أنه يفضل تناول الطعام الغني بالألياف التي تملأ المعدة، وترفع نسبة معدل السكر بالدم بشكل تدريجي كالفاكهة والخضار والبقوليات، الى جانب الأطعمة التي لا تحتاج إلى وقت طويل كي تهضم، والغنية بالكربوهيدرات المعقدة، والالياف، والتي تشتمل على الحبوب والبذور، كالقمح والشوفان والفاصوليا والعدس والخبز المصنوع من القمح الكامل، وكذلك الأرز الاسمر، والخضار، والفاكهة غير المقشورة، والمشمش المجفف، والتين، والخوخ، والتمر.