الضحك يفرز مزيجاً من هرومونات السعادة في الجسم كله. د.ب.أ

الضحك.. علاج مجاني للجسد والروح

يُعد الضحك بمثابة علاج مجاني يستطيع كل شخص الحصول عليه في أي وقت وفي أي مكان؛ إذ يكفي سماع النكات أو الزغزغة، أو مقابلة أشخاص ظرفاء، أو معايشة موقف كوميدي، ليبعث المخ إشارة إلى الجسم بالضحك.

وتشبّه عضوة الرابطة الأوروبية لليوغا والضحك والتدريب الفكاهي، ميشائيلا شيفنر، الضحك بالنبضة التي تطلق سلسلة من ردود الأفعال، إذ يتم تشغيل جهاز المكافآت.

مزاج

يستطيع الأشخاص في محيط معارف المرء أن يفرقوا بدقة بين الابتسامة الودودة والابتسامة الصفراء. وتوصل البروفيسور كارستن نيميتس وفريقه البحثي، إلى أن الشخص الذي يغلق عينيه، ثم ينظر بعد كسر من الثانية إلى شخص آخر، وعيناه مفتوحتان مجدداً، يترك انطباعاً بأنه شخص ودود، ويعلل نيميتس ذلك بقوله: «يشعر الطرف الآخر بأنه غير مراقب أو مهدد بالخطر». ومَن يطلق العنان لحالته المزاجية العالية في غضون نصف ثانية، فيبدو ظريفاً ولطيفاً، أما مَن يحتاج إلى وقت أطول من ذلك، فيُصدر «ضحكاً خاطئاً» بكل ما تحمل الكلمة من معانٍ، ومن ثم يترك انطباعاً بعدم الظرف واللطافة.

وبفضل الضحك يسري كوكتيل من هرمونات السعادة في الجسم بأكمله؛ إذ يرجح أنه يتم إفراز هرمونات تحسين المزاج السيروتونين والدوبامين، وهرمون العاطفة الأوكسيتوسين. وتقول شيفنر إن إفراز هذه الهرمونات يؤدي إلى دخول الجسم في حالة من الاسترخاء؛ فيتم التنفس بعمق من البطن، كما قد يقل الشعور بالألم وينخفض ضغط الدم.

تأثيرات

حتى الوقت الحالي يعتمد الكثير من هذه التأثيرات على الافتراضات إلى حد كبير؛ نظراً لنقص الدراسات السريرية. فعلى سبيل المثال لم يتحقق علمياً من تأثير السعادة المزعوم لهرمون الإندورفين، ويفسر أستاذ البيولوجيا البشرية بالجامعة الحرة في العاصمة الألمانية برلين، البروفيسور كارستن نيميتس، ذلك قائـلاً «تـأثير هرمون الإندورفين قصير، إذ يتعين على الباحث وضع الكانيولا في وريد الشخص الخاضع للتجربة لرفع حالته المزاجية، وقياس نسبة تركيز الهرمون في الوقت نفسه. إنه لأمر حساس». كما أن المعلومات المتوافرة حول العمليات التي تحدث في المخ قليلة؛ إذ إن حركات الضحك تجعل التصوير بالرنين المغناطيسي غير ممكن.

ويماثل الضحك العمل البدني الشاق؛ إذ تشارك فيه أكثر من 100 عضلة، ويقول نيميتس: «يمتد المدى من عضلات الوجه والرقبة والتنفس إلى عضلات بين الأضلاع». ففي الوجه وحده تتحكم 40 عضلة في تعبيراته، وكلما كان الضحك عميقاً، تحركت عضلات أكثر من أعلى إلى أسفل.

ويمكن للضحك أن يخفف أيضاً من المتاعب الجسدية؛ إذ يسهم التنفس العميق في التخفيف من السعال المصاحب للالتهاب الشعبي الحاد أو نزلات البرد، وتقول أستاذة علم النفس بجامعة توبينغن جنوب ألمانيا، باربرا فيلد، إن الضحك يمكن أن يعود بالفائدة على المدخنين أيضاً، والذين يواجهون متاعب في الرئة، بسبب الهواء الكثير جداً بها. وبالإضافة إلى ذلك يتغير الإحساس بالألم؛ فبحسب فيلد توصل باحثون سويسريون إلى أن المشاركين في البحث، الذين ابتسموا وضحكوا كثيراً عند مشاهدة أحد أفلام «مستر بين»، تمكنوا من وضع أيديهم في ماء مثلج لمدة أطول من نظرائهم الذين لم يشاهدوا الفيلم.

ويؤكد كارستن نيميتس أن الأشخاص المبتهجين يتعافون من الأمراض بشكل أفضل. وباعتباره تعبيراً عن المودة يتمتع الضحك بتأثير نفسي أيضاً.

راحة نفسية

بينما يوضح مؤسس نادي «الفكاهة سبيلك للشفاء» الطبيب الألماني إيكارت فون هيرشهاوزن، التأثير النفسي للضحك قائلاً «يُعد الضحك في المقام الأول بمثابة إشارة اجتماعية تقلل العدوانية، وتعزز الترابط وأواصر العلاقة بين الأشخاص، وتزيل التوتر العصبي».

ويضيف أن «الضحك يزيل التوتر النفسي والجسدي، على حد سواء، لدرجة أننا نشعر براحة نفسية أيضاً عندما ننفجر في الضحك». ويستفيد علاج الاكتئاب من هذه التأثيرات؛ إذ يُعد الضحك - بحسب هيرشهاوزن - بمثابة عامل وقاية من العدوانية والأمراض النفسية.

وتقول ميشائيلا شيفنر: «في العلاج باليوغا والضحك يتعلم الأشخاص تمارين من شأنها مثلاً تحويل السلوك المميز للغضب إلى سلوك استرخائي». فمن يغلق الباب بعنف في المعتاد، يتعلم كيفية إطلاق الآلية المضادة للتوتر العصبي بمجرد الإمساك بمقبض الباب. ومن المحتمل أن هذا السلوك يثبط إفراز هرمون الأدرينالين الذي عادةً ما يجعل الجسم في حالة تأهب.

الأكثر مشاركة