خلود ثاني: تصاميمي شقية ومـرحة دون ابتذال
قد تشغلك تفاصيل الحياة البسيطة واليومية عن شغفك الحقيقي طوال حياتك، فتأخذ تلك الأولويات اليومية من كل ساعات يومك وينتهي بك المطاف عالقا ما بين الواجب والرغبة في التحرر ولمس الحلم، وهذا الأخير كان تحديداً ما أقدمت عليه مصممة الأزياء الإماراتية خلود ثاني، ملامسة حلمها القديم اليومي، بعد أن أطلقت علامتها التجارية وخط أزيائها «بنت ثاني» أخيراً، لتحظى تصاميمها خلال فترة قصيرة جداً باهتمام شديد محلي وعالمي، ولتشارك الشهر المقبل في أسبوع لندن للموضة، لتكون بذلك أول مصممة إماراتية تحظى بهذه الفرصة.
ومع انطلاقها رسمياً كمصممة أزياء إماراتية من خلال مجموعتها الأولى «شيك بريكفاست»، وعبر علامتها «بنت ثاني» اكتشفت خلود ثاني أن ما تحمله بداخلها من شغف وحب للموضة يتعدى بكثير الهواية والميول الشخصية، وأنها قادرة على أن تكون واحدة من أذكى وأكثر المصممات الإماراتيات قدرة على التطور والمواكبة، متخذة قرارات مصيرية وواثقة، بترك عملها الدؤوب والناجح مديرة للتسويق لمؤسسة دبي للفعاليات والترويج التجاري، والتوجه إلى عاصمة الموضة العالمية باريس، والالتحاق بجامعة «إسمود» لتصميم الأزياء هناك، لتكون أول طالبة خليجية تلتحق بها، ومنذ تلك اللحظة، تقول «تحولت أيامي إلى مغامرة شيقة جداً، وبحث دائم عن ماهية الموضة والأزياء، ما يحددها، وما يطورها، ما يجعلها تدخل في أدق تفاصيل حياتنا محددة هوياتنا بلمسات بسيطة منا هنا وهناك دون أن نشعر».
«بنت ثاني»
على الرغم مما يعرف عن الفتاة الإماراتية من أناقة وميل شديد لتلك اللمسة المترفة والبذخة سواء في اختيارها للعلامات التجارية الثمينة، أو اختيارها لتلك القطع البارزة واللافتة، إلا أن الأمر يختلف تماماً مع خلود ثاني، التي استطاعت من خلال الخطوط العامة لعلامتها التجارية، أو مجموعتها الأولى تحديداً أن تقدم تلك البصمة البسيطة المحببة، للقطع الجاهزة، الجامعة بين جودة وتميز الملابس الراقية وخاماتها المسائية الفاخرة، وبين الخطوط واللمسات البسيطة للأزياء اليومية والقطع التي توفرها متاجر الشارع الشهيرة.
وتقول «أحب أن أرى فتاة (بنت ثاني) محبوبة ولطيفة تحمل تلك الجاذبية الطفولية الشقية دون التخلي عن أنوثتها غير المبالغ فيها، وبعيداً كل البعد عن الغواية والجاذبية الصارخة التي تبرز فقط ما يبرزه الجميع، وتتجاهل تلك اللمسات البسيطة التي يمكن أن تحول تصميما ما من مبتذل إلى آخر أكثر قرباً إلى فتاة اليوم الراغبة في التميز والبروز دون ابتذال»، مضيفة أن خط أزيائها وبصمتها الخاصة لهذه العلامة «هي ببساطة فتاة حيوية ونشيطة ومرحة وتحمل من الشقاوة والمغامرة الكثير، وهي تحديداً، تشبهني أنا كثيراً».
«شيك بريكفاست»
مع مجموعتها الأولى، نجحت المصممة في المزج الذكي بين الأناقة العملية اليومية مع لمسة واضحة من الرقي والفخامة سواء من خلال الخامات المستخدمة، أو من خلال جودة التنفيذ، وبينت «حرصت على تحويل تصاميمي إلى خط متراوح ومراوغ بين اثنين، قادر على التحول إلى تصميم راق مناسب للسهرة، أو آخر لحدث أكثر بساطة، إضافة إلى حبي الشديد لتلك اللمسة الخاصة واللعوبة، التي من خلالها استطعت أن أحدد الهوية والإيحاء الخاص بخط أزيائي، بلمسات شقية تارة، وحيوية تارة أخرى، وعبارات هناك وهناك، وإضفاء حس للطرافة والعصرية عليها، دون أن أتجاهل إضافة لمسة فخامة راقية من خلال قماش الدانتيل الفرنسي، الذي حرصت على أن يصاحبني في هذه المجموعة»، والذي أعانها على إضفاء الطابع الفخم والثمين على المجموعة العملية والحيوية، في تناقض ذكي ومدروس.
طفولة
ارتبطت الموضة بحسب خلود ثاني بكثير من مراحل حياتها، «وفي كل مرحلة كنت أضيف إلى نظرتي للأزياء شيئاً جديداً»، مشيرة إلى أنها منذ طفولتها كانت تشهد تلك اللمسة الإبداعية في المنزل، «فيمكنني اعتبار أختي الكبيرة هي أولى مصممات المنزل، حيث كانت هي من تتولى مهام التصميم لبقية أفراد العائلة، الأمر الذي استقته أختي من والدتي أيضاً، حيث كانت تميل غالباً إلى تصميم فساتيني وملابسي الخاصة، كما كانت غالباً ما تعطيني تلك المساحة من الحرية لأن أقوم باختياراتي الخاصة، ما أعانني على تطوير موهبتي الانتقائية»، فكان فكرة التصميم وتطوير الأفكار محيطة بها «ولا يمكنني سوى أن أذكر في مرحلة أكبر من حياتي تعلقي وحبي الشديد لتصاميم وإبداع المصمم الفرنسي العريق إيف سان لوران، الذي لطالما تأثرت بأفكاره الإبداعية، إضافة إلى أيقونة الموضة الكلاسيكية الممثلة الأميركية الشهيرة أودري هيبورن، التي أراها تشبه كثيرا بشخصيتها المرحة والرومانسية في الوقت ذاته علامتي الخاصة».
تحول الحب والاهتمام بالموضة إلى تطوير لحس التميز والابتكار «فكنت غالبا ما أكتشف بأنني أفضل ارتداء الأشياء بطريقة مختلفة وجديدة تماماً بين صديقاتي وزميلاتي، الأمر الذي غالباً ما كان يتحول بعد إقدامي عليه إلى موضة تنتشر بينهن، إضافة إلى تأثري ومتابعتي لحركات الموضة التي كانت تنتشر في دول العالم من خلال سفري ورحلاتي مع العائلة».
دراسة
في العام 2009 قررت خلود تطوير موهبتها وصقل تلك الميول والمواهب الفردية إلى شيء أكبر قليلاً «وربما اكتشاف ما أنا قادرة عليه بالفعل، فلا يمكنني معرفة حدود إبداعي، إلا من خلال وضعها بين يدي خبراء محترفين، فقمت بأخذ دورات مكثفة ومتقدمة في كلية لندن للموضة، والتي كانت مختصة بالتجارة والتسويق في مجال الموضة، وكيفية إطلاقها وولادتها، وتسويقها»، مضيفة أنها «ومع انتهاء الدورات بدأت أشعر بأنني يمكنني بالفعل تحقيق حلمي الخاص جداً، وأن أطلق علامتي الخاصة»، إلا أن الحماس الزائد لم يكن رفيق خلود، وفضلت التأني وتأجيل تلك الفكرة الرائعة إلى فترة أخرى «وجاء قرار صقل موهبتي بالدراسة وتثقيف ذاتي وتطوير ما لدي بالطريقة الصحيحة».
وكان من الطبيعي على فتاة كبرت شغوفة بتصاميم «إيف سان لوران» الفرنسي، إلا أن تذهب إلى عاصمة الموضة الأولى باريس والالتحاق بجامعة «إسمود» العريقة لتصميم الأزياء لتعيش خلال عامين من حياتها من أجل تطوير ذاتها وصقل قدراتها ونظرتها التحليلية والمقيمة للموضة، من خلال البحوث والتقارير والدورات المكثفة، ومزج ذكي للدورات بين الجانب الإبداعي والجانب الإداري، ما أعانها على رسم الخطوط الرئيسة لعلامتها الخاصة.
ثقافة
تؤكد خلود ثاني أن أهم ما يجب على المرء القيام به إن كان شغوفاً في مجال ما، هو تثقيف الذات في هذا المجال، وتحويل تلك الموهبة والميل إلى أمر أكبر وأكثر عمقاً «فالثقافة هي التي تصنع التطور والتميز في مجال ما، ومعرفة تاريخ الشيء، لا يمكنها سوى أن تعين على تطويره وأخذه إلى مراحل أكبر»، مشيرة إلى أن وجودها في باريس خلال فترة الدراسة أعانها على أن تعزز من معارفها في عالم الأزياء والموضة والفن عامة «من خلال زيارة المعارض الفنية والمتاحف المعنية بالموضة وتاريخها، وتلك التي تبرز نتاج أفضل الحقب القديمة والحديثة»، فكان محيط تلك العاصمة الساحرة، أكثر ما أعانني على تكوين تلك النظرة الخاصة بي لما أريد أن تكون عليه علامتي الخاصة.