إنصات الآباء «يداوي» تلعثم الأبناء
يتعامل البعض مع ظاهرة التلعثم في الكلام بطريقة غير صحيحة، إذ لا يعترفون أصلاً بأن أطفالهم يعانون منها، ويتجاهلون ذلك إلى درجة تفاقم المشكلة وتصعب حلها. وأشارت أخصائية التخاطب بمدينة هام غرب ألمانيا، فالبورغا بروغه، إلى أنه في أغلب الأحيان يكون من الأفضل تجاهل الاضطراب في طلاقة الكلام عند الأطفال في البداية، وعدم الحديث معهم حول هذا الموضوع، موضحة وإلا سيتم استدعاء موضوع ربما لا يعاني منه الطفل أصلاً.
ويحذر أخصائي التخاطب بمدينة زاربروكن جنوب غرب ألمانيا فرنر راوشان، من أن مناقشة موضوع التلعثم في الكلام ينقل إلى الطفل إحساساً بأنه يفعل شيئاً خطأ. وأوضح راوشان الذي يقوم في عيادته بعلاج الأطفال والبالغين من ظاهرة التلعثم في الكلام أنه عندما لا يعثر الأطفال على الكلمات المناسبة على الفور، أو يقومون بتكرار الجملة مرات عدة، فإن هذا لا يعني بالضرورة أنهم يتلعثمون في الكلام. وأضاف «هذا الأمر يدخل في إطار التطور الطبيعي للغة»، إذ يجب أن يتعلم الطفل أولاً الحديث بطلاقة.
غير أن من الصعب على الآباء تحمل مسألة حدوث تعثر في تطور اللغة لدى أطفالهم. ولذلك فإن راوشان ينصح الآباء في هذه الحالة بضرورة استشارة أخصائي تخاطب، لكن دون اصطحاب الأطفال معهم في البداية. ولا يستطيع الآباء التأثير في ظاهرة التلعثم في الكلام، غير أن الأجواء التي يتم فيها إجراء الأحاديث يمكن أن تكون مفيدة في التغلب على هذه الظاهرة. وأضافت أخصائية التخاطب فالبورغا بروغه، أن من الأمور المهمة عدم مقاطعة الطفل أثناء الكلام، وأن ينظر الآباء إليه باستمرار عندما يريد أن يحكي شيئاً ما. وينطبق ذلك بصفة خاصة عندما يكون الطفل مضطرباً ومشوشاً، أو عندما يحاول مرات عدة إنهاء الجملة التي يرددها. وأوضحت الخبيرة الألمانية أنه «إذا نظر الآباء بعيداً عن الطفل، فإنه يشعر بأن هذا التصرف بمثابة نوع من العقاب».
ومن الأمور المهمة أيضاً أن يوضح الآباء للطفل أن لديهم الوقت الكافي لكي يستمعوا إليه، وإذا لم يكن هناك وقت كاف، فإن راوشان ينصح بأنه ينبغي على الآباء إخبار الطفل بذلك، إذ يمكنهم على سبيل المثال قول «انتظر، يجب أن أنتهي من هذا الأمر أولاً، وبعد ذلك سيكون هناك متسع من الوقت لكي استمع إليك». وعلى الجانب الآخر ينبغي على الآباء تجنب جميع أنواع التعليمات والتحسينات، وحتى العبارات التي تبدو جيدة مثل «ابدأ مرة أخرى، يمكنك قول ذلك بصورة أفضل»؛ لأن الآباء بذلك يضعون الأطفال تحت ضغط بشكل إضافي.
وفي البداية يمكن للآباء أن يلاحظوا لبعض الوقت ما إذا كان التلعثم في الكلام يختفي مرة أخرى، وإذا لاحظواٍ أن طفلهم يتجنب الحديث، أو أنه لا ينطق كلمات معينة إلا تحت ضغط وإلحاح شديدين، ففي هذه الحالة ينبغي البدء في علاج هذه الظاهرة لدى أخصائي تخاطب، إذ يتعلم الأطفال أثناء العلاج التحدث بحرية ومن دون خوف أو قلق. ويعتبر الآباء بمثابة النموذج اللغوي لأبنائهم. وحتى يتعلم الأطفال الحديث عن حياتهم اليومية تنصح خبيرة التخاطب فالبورغا بروغه بأنه ينبغي على الأم والأب أن يحكيا عن الأمور التي حدثت أثناء يومهما أمام الأطفال. وقد يكون ذلك أثناء تنفيذ بعض الأشياء المشتركة أو من خلال أحد الطقوس اليومية، كأن يجلس جميع أفراد الأسرة سوياً نصف ساعة بعد تناول الطعام، ويحكي كل منهم ما دار خلال يومه.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news