باسكال مراد: المصادفة قادتنـي إلى صناعة الجمال
«المصادفة» قادتها لاكتشاف موهبتها في تصميم وصناعة الحلي وابتكار الجمال، بتلك الأنامل الرقيقة اعتادت اللبنانية باسكال مراد أن تذيب المعدن الأصفر بحرارة اللهب العالية، وتدق بمطرقتها الجلد لتصنع منه تحفة فنية تزين بها أعناق وأيدي وأكف النساء، وحتى أرجلهن، التي تصوغ من أجلها الخلاخيل لتضفي على المرأة إثارة وجاذبية.
من البرازيل إلى بيروت وصولاً إلى دبي والخليج، بدأت باسكال أو كما تلقب نفسها «باكو» رحلتها نحو الجمال والاكسسوارات والحلي التي استمرت 12 عاماً، إذ إن المصادفة البحتة قادتها نحو احتراف تصميم وصناعة الحلي، وإطلاق أول مشغل لصناعة الاكسسوارات يدوياً وبتقنية عالية والذي أطلقت عليه اسم «ايمانجا» أو ما يعرف بملكة المحيطات وسيدة البحر وحامية الصيادين والناجين من السفن الغارقة، وذلك بحسب المعتقدات البرازيلية، التي انطلقت منها «باكو»، بعد عام ونصف قضتها في التعرف إلى الصناعات اليدوية في البرازيل ومنها صناعة الاكسسوارات والحلي.
«باكو» الموجودة حالياً في القرية العالمية وتعرض منتجاتها في الجناح اللبناني، أكدت أن بدايتها كانت في البرازيل التي قصدتها بهدف زيارة أقارب لها، على أن تقضي فترة الإجازة وتعود لمواصلة عملها الإداري في إحدى الشركات في بيروت، إلا أن باكو أبهرها العمل الحرفي والصناعات اليدوية خصوصاً الحلي والاكسسوارات التي تشتهر بها البرازيل، فقررت تجربة ذلك من خلال شراء مجموعة من القطع الذهبية بأشكال وأحجام مختلفة ومحاولة صناعة إكسسوارات خاصة لها ولشقيقتها روسينا وصديقاتها.
تصاميم جديدة عرضت المصممة باسكال مراد في القرية العالمية ضمن الجناح اللبناني نحو 40 تصميماً جديداً ضمن 500 قطعة حلي واكسسوار جديدة، إذ تجاوز بعضها حدود الحلي المعتادة سواء على اليد أو العنق أو حتى الرسغ أو القدم، منها التصميم الذي تعرضه لأول مرة وهو عبارة عن عقد مميز وجذاب يمتد من الرقبة بسلاسل مختلفة الحجم والطول لتصل عبر دائرة كبيرة عند الوسط محفور عليها اسم «ايمانجا» ويتفرع منه سلاسل ذهبية تمتد لتلتقي على شكل حزام تتدلى منه العديد من السلاسل التي تنتهي بحروف ورموز وأشكال يمكن للزبونة الانتقاء منها وتغيير ما تشاء. |
تجربة أولى
الحلي الصغيرة التي صنعتها ووزعتها هدايا رمزية لأقاربها، لاقت استحسان وإعجاب الجميع، ومن هنا بدأت تتلقى طلبيات لتصميم حلي واكسسوارات بأشكال عصرية وألوان متنوعة، «بعت أول قطعة من تصميمي بقيمة 30 دولاراً أثناء مشاركتي الأولى في بازار (تمشى واسهر) في بيروت، وحالياً أبيع الطقم المكون من عقد وقرطين وخاتم مطلي بالذهب بقيمة لا تقل عن 450 دولاراً».
وتمتاز تصاميم «باكو» بالبساطة والحرفية العالية إذ تعتمد في معظم اكسسواراتها على كتابة الحروف والأسماء العربية بالخط الكوفي على قطع المعدن المطلي بالذهب، مع إضافة أحجار كريمة منها الفيروز وأحجار السوارفيسكي الأصلي على التصميم، ولكي تتناسب تصاميمها مع كل الأعمار والمناسبات، كما لا تخلو تصاميمها من الخرز الأزرق والعيون الشهيرة الطاردة للحسد، إضافة إلى الكف الخماسية والـ«ماشاءالله» التقليدية، وتمزج باكو الذهب والأحجار بالخيوط والحبال الجلدية والقطع الذهبية والفضية بحروف ورسومات والأسماء التي تضفي عصرية وأناقة وتميزاً على القطعة.
وتقوم «باكو» بمساعدة شقيقتها «روسينا» بإدارة مشغل لصناعة الحلي والاكسسوارات، إذ تتكفل «باكو» بوضع التصاميم على ورق، ثم تجسيدها على الواقع من خلال تقطيع النحاس بحسب الأشكال المراد تنفيذها وبواسطة منشار خاص بتقطيع النحاس، وتنظيف القطعة بواسطة آلة البرد، كما تقوم كذلك بطلاء المعدن بالذهب من خلال تغطيس القطعة نصف ساعة في ماء الذهب، وهنا تكمن الحرفية في تصميم وصناعة الحلي، إذ إن جودة المنتج النهائي تأخذ في الاعتبار أن الهدف ليس الربح المالي السريع، إنما تقديم حلي واكسسوارات عالية الجودة وتتناسب مع القيمة الشرائية.
أنامل صانعة
تقدم «باكو» حليها بأكثر من طريقة تصنيع، منها الحلي المصبوبة التي تعتمد على صب المعدن المذاب في قوالب لتأخذ شكل التصميم، وطريقة التفريغ والحفر التي تعتمدها عند كتابة الحروف والاسماء والرموز والصور، إذ تتم بواسطة آلة الحفر العادي وطريقة الحفر بالليزر التي تمكنها من تنفيذ التصميم الذي يرغب فيه الزبون في الوقت نفسه. وتصمم «باكو» إضافة إلى الحلي والمجوهرات، حقائب اليد النسائية التي تحرص عند صناعتها على استخدام أرقى أنواع الجلد والكريستال الفاخر الذي غالباً ما يكون من أحجار السوارفيسكي من الدرجة الأولى، كما تعتمد على أن يكون تصميم الحقيبة يتناسب مع تصميم العقد أو الخاتم، ومن أجمل تصاميمها شنطة نسائية سوداء من الجلد الفاخر والقماش المرسوم على شكل وجه سيدة ومنثور عليه حبيبات من الكريستال والخيوط الحريرية، وتعرض الحقيبة مع سوار ذهبي مصنوع بطريقة «الطرق على المعدن» على شكل تموجات وخاتم مصنوع بالطريقة ذاتها، وتتدلى منهما خيوط حريرية شبيهة بتصميم الحقيبة.
وبعد 12 سنة من التمرس في صناعة الحلي والاكسسوارات، أصبحت «باكو» تمتلك من الخبرة والحرفية ما يؤهلها لتصميم وتنفيذ أروع الحلي في دقائق معدودة، كل ذلك يتم أمام زبائنها، إذ يمكن اختيار الشكل المراد تنفيذه سواء كان عقدا أو سوارا جلديا أو حتى معدنيا أو خاتما، وفي غضون دقائق يمكن استلام الحلي التي غالباً ما تكون أجمل بكثير من التصميم المرسوم على الورق.
كما تتلقى «باكو» طلبات ورسومات محددة، إذ ان لديها من العملاء من هم من كبار الشخصيات في الخليج والفنانين العرب من بينهم فنانون شباب اقتنوا أساور جلدية وأزرارا ومسابح مرصعة بالأحجار الكريمة والالماس والخرز الأزرق، أما ما تفضله النساء فهو العقود القابلة للطي وخواتم الأحجار الكريمة، وهناك إقبال كبير على الأسماء والكف الخماسية والـ«ماشاءالله»، وذلك لإبعاد الحسد وطرد العين، وتراوح أسعار الحلي بين 40 درهماً للقطعة الصغيرة و1500 درهم للأطقم الكاملة والمرصعة بالأحجار.