أولوياتها تغيّرت باتجاه الاستقلالية وجَنْي ثمار الانفتاح

الدراسة والعمل والزواج.. ثلاثيــــــة هواجس «الإماراتية»

الدراسة والزواج والعمل ثلاثة هواجس، هي التي تشغل الشابات المواطنات، أثناء وبعد الدراسة الجامعية، وفقا لمواطنات أكدن أن أهم ما يشغلهن هو الدراسة والعمل والزواج، فيما رأى أخصائي اجتماعي ومحكم أسري أن الانفتاح المعرفي والثقافي غيّر كثيرا في أولويات الفتاة الاماراتية وهواجسها، إذ أصبح التحصيل الأكاديمي والعمل يتقدمان هاجس الزواج.

وهذا أيضاً ما أكدته المواطنة خديجة أحمد (موظفة)، التي ترى أن «أول ما تفكر فيه الفتاة هو العمل بعد الدراسة، لأنها تريد أن ترى الحياة كما هي، وأن تكرس طاقاتها لوظيفتها، وتظل تطمح أن تصل إلى أعلى المراتب». وأضافت أن «شخصية الفتاة تكون مصقولة قبل كل شيء، من قبل الأهل والبيئة الأسرية التي عاشت فيها، لكن هذا لا يمنعها من سوء الاختيار إذا لم تكن ذات خبرة، خصوصا الحياتية»، لافتة إلى أن «أسلوب الفتاة وطريقة عيشها يتغيران بزيادة خبرتها، وحتى قناعاتها الشخصية تصير مبنية على أسس أقوى»، مشيرة إلى أنها كانت دائما تفكر في الدراسة والعمل، لأنها تريد أن «تثبت وجودها وكيانها»، مضيفة أن التفكير في الزواج أيضاً أمر بديهي، «فالزواج سنة الحياة، وإكمال للدين وصون النفس عن الحرام، لكن على الفتاة أن تكون على دراية بمواصفات شريك حياتها، حتى تختار بالطريقة الصحيحة».

ولاحظت المواطنة علياء سالم (موظفة)، أن «اهتمامات الفتاة تختلف بحسب الطبقة الاجتماعية، فبعضهن يهتممن بأنفسهن قبل كل شيء، والبعض الآخر بأهلها بالإضافة إلى زوجها، لكن هذا لا يمنع من تأثير العوامل الخارجية في نوعية اهتماماتها، وما إذا كانت طموحة أم لا».

ولفتت إلى أن «البعض يأخذ الحياة لعبة تتبدل فيها الآراء مع تغير المزاجية، سواء القرارات المصيرية كالزواج والدراسة، أو قائمة التسوق، وكل هذه تعتمد على ظروفها وحياتها»، مشيرة إلى أن «أمهاتنا عشن زمنا آخر من خلال طريقة اتخاذ القرار، إذ لم يكنّ يملكن رفاهية الاختيار، بخصوص ما إذا كن يردن إكمال الدراسة قبل الزواج، بالإضافة إلى نوعية العمل الذي يفكرن فيه»، وختمت علياء سالم بالقول إن «هذا النوع من الحياة ليس موجودا حاليا، والفتاة يجب عليها اتخاذ قرارها بنفسها، مع الخبرة الكافية التي تؤهلها لاتخاذ القرار».

وأكدت ابتسام المرزوقي (طالبة)، أن «أهم ما يشغل الفتاة الإماراتية حاليا هو الزواج والعنوسة، والأهم من ذلك كله تسوقها من أشهر الماركات التجارية، فالدراسة آخر همها». وأضافت أن بعض الفتيات «يهجسن دائماً بنظرة المجتمع إليهن، وإن كن متزوجات أم لا»، موضحة أن «انحصار تفكير الفتاة في الزواج فقط قد يجعلها عرضة لسوء الاختيار».

ورأت المرزوقي أن «الاهتمام بالدراسة يفتح أمام الفتاة الإماراتية مجالات كثيرة، للارتقاء بتفكيرها ومستواها الاجتماعي»، معتبرة أن «مضيّها دون التركيز على هذا الجانب من الحياة لن يمنحها استقلالية القرار والنجاح في حياتها».

 

الاستقلالية والنجاح

قالت (ن . أ)، إن «الزواج من العوامل التي تمنح الفتاة الاستقلالية، وإبراز شخصيتها في المجتمع، فهو ليس المحطة الأخيرة في حياتها بل بداية لدورها الأساسي في الحياة وهو تربية جيل صالح وواعٍ».

واعتبرت أن «مصلحة الفتاة تكمن في الزواج، أما العمل فيأتي في المرتبة الثانية»، موضحة أن «الزواج المبكر قد يمنح الفتاة فرصة لإكمال دراستها وحصولها على عمل، وكل هذا بمساندة شريك حياتها في القرارات التي تتخذها، ولكن هذا لا يمنع حصولها على شخصيتها المستقلة من عملها»، مضيفة أن «العمل والدراسة يغرسان قيما ومبادئ عند الفتاة، تساعدها على استيعاب كل تطور يمر بها في حياتها».

وقالت شماء محمد (السنة الأولى جامعة زايد)، إن «الدراسة قد تكون هي مفتاح الحصول على العمل وتحقيق الذات لكل شخص، لكن العمل لا يحقق الاستقلالية والنجاح دائما، والدراسة تساعد على فتح الكثير من الأبواب في مجالات عدة، والأسرة والأصدقاء هم الداعم للفتاة في اتخاذ الكثير من القرارات التي تخص حياتها»، مضيفة أن «الدراسة والعمل ليسا العنصرين الوحيدين اللذين يحققان النجاح، فالخبرة والعلاقات الاجتماعية أيضا من أهم أسبابه».

ومن جانبها، أكدت (م . خ ـ السنة الثانية جامعة زايد)، أن «الدراسة والعمل لا يشكلان أي همّ للفتاة إذا خططت بشكل جيد، واختارت التخصص الملائم الذي يوافق مجال العمل الذي تريده، وتطمح إلى تحقيق النجاح فيه»، فالعمل كما تراه «يحقق الاستقلالية والاعتماد على النفس لكل شخص، وليس للفتاة فقط، إذ يصبح مسؤولا عن نفسه، والدراسة عامل أساسي في فتح مجالات كثيرة في ميادين العمل»، مضيفة أن لديها «نظرة ايجابية للمستقبل، لأن الدراسة هي السلاح للبقاء في المقدمة، والأسرة والزوج والأصدقاء هم الداعم في اتخاذ القرارات، وأهم هواجس الفتاة الإماراتية هو النجاح والزواج والاستقرار في الحياة».

ورأت سارة علي (السنة الثانية جامعة زايد)، أن «الدراسة والعمل عنصران مكملان لبعضهما بعضا، وبالعمل يحقق الإنسان الاستقلالية، ويعتمد على نفسه في الحصول على احتياجات حياته، كما أن النجاح السريع لا يأتي فجأة بل بالتأني وعدم التهور، وللأسرة دور أساسي في اتخاذ القرارات، وأهم هواجس الفتاة إثبات قدرتها في المجتمع الإماراتي وبقوة».

الافتراض والواقع

في هذا السياق، أكد عميد كلية الآداب والعلوم الاجتماعية في جامعة الشارقة الدكتور أحمد العموش، أن «المراحل التي تمر بها الفتاة، خصوصا الفتيات دون سن الـ،18 ومرحلة المراهقة بشكل عام، يؤثر فيها العالم الافتراضي أكثر من الواقع من خلال شبكات التواصل الاجتماعية، مثل (فيس بوك)، و(تويتر)، فهو واقع افتراضي للفتاة تعيشه، وتعتمد فيه على تحقيق طموحاتها أكثر من واقعها».

وأضاف العموش أن «العلاقات التي تعيشها الفتاة في (فيس بوك)، والمواقع الاجتماعية الأخرى، تعطيها صورة خيالية تصدقها وتعيش فيها أكثر من الواقع»، وهذا بالنسبة للفتيات جميعهن، سواء كنّ في سن المراهقة أو من الـ18 وحتى الـ25)، مشيرا أنها لا تعيش العلاقات المباشرة مع أقرانها، سواء من الأصدقاء أو الأهل، فهي تفضل العالم الافتراضي، لأن الواقع الاجتماعي لا يحقق لها الطموح الذي تنشده.

وقال العموش إن الفتيات والشباب، بشكل عام، يعيشون في عصر الشبكات الاجتماعية، حيث يكون لهم فضاء مفتوح يوفر لهم رغباتهم، وهي، أي الفتاة، تحقق رغباتها أكثر، وتشعر بالأمان في العالم الافتراضي، الشيء الذي لا تجده في العالم الحقيقي، مضيفا أن هناك أيضا سهولة التواصل افتراضيا مع شخصيات عدة ومع الأصدقاء، وهذا يمنحها خيالا أوسع.

وشرح أن الزواج حاليا لم يعد يمثل هاجسا للفتاة، ففي السابق كان على الفتاة أن تتزوج بعد تخرجها في الثانوية، وكان ذلك أهم حتى من الدراسة، مشيرا أن الفتاة الآن تحقق ذاتها من خلال الدراسة والوظيفة، لأنها تحصل على منصب في العمل، ومكانة اجتماعية، واستقلال اقتصادي، فالعمل الآن هو الأولوية القصوى عند الفتاة وليس الزواج. وأكد العموش أن هناك فرقا بين الواقع والاتجاه؛ فالبعض يقول إن الفتاة تحصل على الأمان في الزواج، وإن الفتاة التي لا تتزوج قبل سن الـ25 عانس، لكن الاتجاه تغير، إذ تأخر سن الزواج في الإمارات ليصل الى 25 أو ،30 مضيفا أن متوسط سن الزواج عند الفتاة الإماراتية يصل إلى 29 عاما، والبعض صار عندما يتقدم للزواج يبحث عن العاملات أولا، لأنه سبب أول في نضوج الفتاة وتكون على دراية بالمجتمع الذي حولها، ولها مكانة اجتماعية تختلف عن الفتاة غير العاملة.

ولاحظ العموش أن الفتاة حاليا تنافس الرجل في العمل وتحصيل المال، وامتلاك المكانة الاجتماعية والمنصب، أي الأمور المادية، وهي قادرة على توفير متطلباتها بنفسها دون الحاجة إلى الاعتماد عليه مثل السابق، فهي تبحث عن النجاح السريع، والشهرة التي تخولها تغيير نظرة المجتمع السائدة عن الفتاة الإماراتية.

تغيير واضح

رأى المأذون الشرعي والمحكم الأسري في دائرة القضاء برأس الخيمة عبدالله سعيد الدهماني أن هناك تغييرا واضحا في هواجس الفتاة الاماراتية، وهو ما تسبب فيه تطور المجتمع الإماراتي، الذي مر بتغيرات في مجالات عدة، منها الجانب الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، إذ انعكست هذه التغيرات على العديد من مظاهر الحياة، وساعدت القفزة الاقتصادية على نقل المجتمع بشكل سريع، من حالة النمط التقليدي إلى حالة المجتمع المتطور المنفتح.

وأضاف أن هذه التطورات غيّرت النظرة إلى المرأة وأمدتها بطاقة إبداعية،أ مشيرا أنها حفزتها على تقديم رؤية فنية لمجتمع يعايش هذه القضايا المستحدثة.

وذكر أن المرأة اليوم لم تعد ترضى أن تعامل كإنسان مهمش ليس له دور في المجتمع و تطوره، وأن هذه التحولات فتحت للفتاة الإماراتية باب الإبداع والتفوق والتميز في العديد من المجالات، فأصبح هاجسها إيجابيا، إذ إنها تتمنى أن تكون في مرتبة عالية بالوظائف ذات المناصب العليا في الدولةأ مع مراعاة العادات والتقاليد في هذه التطورات، مضيفا أن السبب الأساسي في تغير هواجس الفتاة الاماراتية في رأيه هو تطور التفكير عند الفتاة ووضوح الأشياء التي كانت لا علم لها بها والتطور الاقتصادي واحتياج الدولة لمثل هذه الكفاءات.

يشار أن عقود عقود الزواج المسجّلة في محاكم الدولة 14264 عقداً في ،2009 مقابل 15041 عقداً في ،2008 و12987 عقدا عام ،2007 وبلغت نسبة المواطنات العاملات في القطاع الحكومي 70٪.

تويتر