أعزّ هدايا الأمّهات.. مشغولة بعفــوية الأبناء
تتلقى المرأة في حياتها هدايا قيمة من أشخاص تكون لهم مكانة خاصة لديها، وما ان تصبح أماً، حتى تتلقى أغلى هدايا الكون لها، وهم أولادها، ويصبح ما يجلبه الأولاد لها في عيد الأم الذي يصادف اليوم، تقديراً لعطائها من أثمن ما تتلقاه من هدايا، والأعز على قلبها.
وتعد هدية الطفل الأولى لأمه، والتي يصنعها بيديه في المدرسة من اغلى الهدايا على قلوب الأمهات، اذ يعبر الصغير من خلال بعض العبارات المكتوبة بخط غير متوازن، والألوان والورود الكرتونية التي يصنعها بجهده عن حبه لأمه بأسلوب عفوي بسيط، لا يحمل الكثير من الابتكار، بقدر ما يحمل مشاعر حب توجد في قلبه منذ لحظات تكونه داخل رحم امه قبل ولادته، حسب أمهات التقتهن «الإمارات اليوم».
وقالت المواطنة سعاد عبدالله «قدمت لي ابنتيّ ورداً مصنوعاً من الكرتون، لونته بالأخضر والأحمر، ملصقاً على قاعدة كرتونية، الى جانب دب صغير ملصق على القاعدة أيضا، وفرحت كثيرا بهذه الهدية التي تعد أثمن الهدايا على قلبي، فهي من صنعهما، وتعبر عن الكثير»، مشيرة إلى ان الأم لا تنتظر من أبنائها أي نوع من الهدايا في هذا اليوم، لأن «الأم مصدر عطاء متجدد كل يوم، لكن حين يتذكرها الأطفال بهذه الأشغال اليدوية، تغمرها سعادة لا توصف، لأن ما يقدمه الطفل وهو في سن البراءة والعفوية يعد بالغ الصدقية، ولا يمكن ان يقارن بكل ما يمكن ان يقدمه مستقبلاً مهما كان ثميناً من الناحية المادية».
تأثير مستقبلي أفاد رئيس القسم النفسي في أكاديمية شرطة دبي، الدكتور محمد رمضان، بأن علاقة الطفل بأمه تؤثر في علاقاته المستقبلية في الحياة بالنساء، مشيرًا الى ان الطفل الذي يثق بأمه يستطيع أن يثق بكل نساء العالم، بينما الطفل الذي لا يثق بأمه لا يستطيع أن يثق بأي امرأة في الحياة. ولفت الى ان الفتاة تتأثر بوالدها في الطفولة أكثر من والدتها، ولهذا غالبا ما تعاني الفتاة التي تعنف من قبل والدها، من كره الرجال او برود عاطفي مع الرجال، وقد تتزوج لكنها لا تكون محبة لزوجها. |
وردة
أشارت اللبنانية (أم مارك)، إلى أنها مازالت تحتفظ بالهدية التي قدمها لها ابنها حين كان عمره ثلاث سنوات، إذ قدم لها وردة من الكرتون، صنعها في المدرسة، معتبرة أن هذا الأسلوب في التعبير هو من أجمل الطرق التي يمكن من خلالها ان يعبر فيها الطفل عن حبه لأمه، ولفتت الى ان الفكرة التي يسعى الى تطبيقها الطفل أهم من قيمة الهدية نفسها، لهذا ان التفكير والتحضير وإعطاء الوقت للتنفيذ هو القيمة الحقيقية والفعلية لهذه الهدية.
أما المصرية (أم عمر)، فذكرت ان اول هدية تلقتها من ابنتها الأولى كانت عبارة عن وردة وبداخلها قلب صغير، فيما كانت الهدية الأولى من ابنتها الثانية عبارة عن بيت شعر مكتوب باللغة العربية بمناسبة عيد الأم. وأضافت (أم عمر) أن المدرسة وتوجهها يؤثران كثيرا في طبيعة الهدية التي ستتلقاها الأم في هذا اليوم، «فعندما يكون توجه المدرّسة لاستخدام اللغة العربية بشكل كبير، تعمل على تقديم ما هو مرتبط بهذه اللغة، كبيت من الشعر، أو أنها تكون جملة تعبر عن الحب مكتوبة بالإنجليزية، وذلك لأنها هي التي توجه الأطفال في المدرسة، وأثر تدريسها يكون واضحا في الهدية»، معترفة بأن الأم تفرح بالحالة المرافقة للهدية، وليس بالهدية نفسها، لاسيما حين تكون المدرّسة أماً، وتعرف كيف تعلم الأولاد ان يلقوا المعايدة على امهاتهم في هذا اليوم. وأشارت (أم عمر) الى دور الأب في تكريس ميراث الاحتفال بهذا العيد، فهو الذي يعلم الأطفال كيف يقدمون الهدايا، ويكرمون أمهاتهم في هذا اليوم.
سلة
المواطنة (أم عبدالله)، من جهتها ذكرت إلى ان أول هدية تلقتها من ابنها كانت عبارة عن سلة مصنوعة من الكرتون، وفيها مجموعة من الزهور المرسومة على ورق وملونة بالأصفر والأحمر، وكتب على السلة، «احبك ماما» باللغة الانجليزية، ولم يكن ابنها يتجاوز الثالثة من عمره، إذ كان في الحضانة، مؤكدة أنها مازالت تذكر تلك الهدية، وتعتبرها من اعز الهدايا التي قدمت لها، على الرغم من يقينها بأن طفلها لم يصنعها كلها بنفسه، وان المساعدة في صنعها كانت كبيرة «إلا انه يكفيني ان يعبر لي ابني من خلال انجازات بسيطة عن حبه وشعوره بالأمان بالقرب من امه».
أما اللبنانية يارا أمهز، فأثنت على الطريقة التي تعلم فيها المدرّسات تقديم الهدايا للأمهات، مشيرة الى انها تلقت زهرة مصنوعة من الكرتون، وملونة بالأحمر من ابنتها التي لم تتجاوز الرابعة، واعتبرت أن تعليم الأطفال كيف يصنعون هدية الى الأم مفيد جدا، لأنه يمنحهم الثقة في كيفية التعبير عن مشاعرهم ببساطة، وكذلك يتعودون في المستقبل أن يقدموا هدية للأم، مهما كانت بسيطة او متواضعة، لأنها في النهاية تعبر عن حب الطفل لأمه، فالأم لا تنتظر الكثير من طفلها، فهي تنتظر فقط تقديره لحبها وعطائها.
تقدير
قال رئيس القسم النفسي في أكاديمية شرطة دبي، الدكتور محمد رمضان، ان «أجمل هدية تقدم من الطفل لأمه، هي الهدية التي يصنعها بنفسه، ولا يأخذ ثمنها من أبيه، وإنما من جهده الخاص وتعبه، وحبه لأمه، فبهذه الهدية يقول الطفل لأمه: «لست أملك مالاً، لكنني أملك قلباً كبيراً مملوءاً بحبي لك»، واصفا تلك الهدية، بأنها من القلب للقلب، وتدلل على العلاقة الحميمة بين الام والطفل، إذ دائما ما تكون الأم جزءاً من التكوين النفسي لأولادها. وأشار رمضان الى أن الأم، وإن كانت أمية لا تقرأ ولا تكتب، إلا أنها تعد أعظم جامعة في الدنيا، تقدم للأطفال أجمل تعليم من خلال حبها لهم، كما انه في المقابل افضل ما تتلقاه الأم من أطفالها هو نظرة حب، وكذلك احساس الصغير بالحاجة لتضمه، وهذا وحده يكفي أي ام في العالم، لافتا إلى أن الطفل يحب أمه منذ الولادة، لذلك لا يمكن الحديث عن بدء وعي بالأم في المدرسة، ومع الهدايا التي يصنعها، فالحب يبدأ مع الايام الأولى، خصوصا في مرحلة الرضاعة، لأن الأم لا ترضع الطفل الحليب فحسب، بل تقدم له الغذاء والحنان والحب ورائحتها والأمن بحضنها، وهذا ما تحرم بعض الأمهات أنفسهن منه حين يمتنعن عن الرضاعة. واعتبر رمضان الهدية مشروعاً اجتماعياً، بينما حب الطفل لأمه مشروع انساني، مشددا على اهمية دور الزوج في تعليم الأطفال التعبير عن الحب والتقدير لأمهاتهم في هذا اليوم.