حملة دولية «من أجل المشرّدين».. يتردّد صـداها في دبي
عاش خمسة طلاب من الجامعة الكندية في دبي، أخيراً، حياة المشرّدين لمدة خمسة أيام متواصلة في الحرم الجامعي، بهدف رفع مستوى الوعي بقضية المشرّدين حول العالم، المعروفين بـ«الهوملست»، وجمع التبرعات لمساعدتهم، وذلك في إطار حملة خيرية بعنوان «خمسة أيام من أجل المشرّدين».
وقالت منظمة الحملة ومديرة خدمات الطلاب في الجامعة، ميري لايمن، لـ«الإمارات اليوم»: «بهدف رفع مستوى الوعي بقضية المشرّدين المعروفين بـ(الهوملست)، التي باتت في تفاقم كبير لا يقتصر على دول محددة، بل يشمل مجموعة كبيرة من الدول العالم، ارتأينا تطبيق فكرة الحملة الخيرية (خمسة أيام من أجل المشرّدين) في الجامعة، كأول شريك دولي يشارك في الحملة، التي تشترك فيها كل عام أكثر من 21 جامعة من كل أنحاء كندا». وأضافت: «تقوم مشاركة الطلاب في الحملة وفق شروط تسعى قدر الإمكان إلى محاكاة الظروف التي يعيشها المشرّدون، تتمثل في النوم في فناء الحرم الجامعي في العراء من دون أي وسائل تكنولوجية، وغيرها من وسائل التسلية والترفيه، باستثناء هاتف متحرك واحد فقط لحالات الطوارئ، والاعتماد في المأكل على التبرعات التي يحصلون عليها من قبل إدارة الجامعة أو طلابها، كما هي الحال بالنسبة لـ(الهوملست)، الذين عادةً ما يسدون جوعهم بالأطعمة المجانية التي تصلهم».
حياة «الهوملس»
«خمسة أيام من أجل المشرّدين» تأسست حملة «خمسة أيام من أجل المشرّدين» الخيرية، على يد طلاب في مدرسة ألبرتا للأعمال بكندا في عام .2005 وقد تم تنظيم الحملة هذا العام، وبالتزامن، في الجامعة الكندية في دبي، لتكون بذلك أول شريك دولي يشارك في الحملة، التي يشترك فيها كل عام أكثر من 21 جامعة من كل أنحاء كندا. |
أشارت منظمة الحملة، ميري لايمن، إلى أن «البعض يعتقد أن حياة (الهوملست) قرار شخصي نابع من تخاذل الفرد عن العمل والسعي إلى توفير متطلبات الحياة الآمنة والمستقرة، إلا أنها في كثير من الأحيان تكون أشبه بالقدر الذي يجد فيه الأشخاص فجأة أنفسهم، كما هي الحال في ظروف الحروب والكوارث الطبيعية التي تكون خارجة عن سيطرة الأفراد، والتي تحتاج إلى وقت طويل حتى تمحى آثارها».
وقال نائب رئيس شؤون الطلاب في الجامعة، كمال فوديل، إن «الحملة تعد درساً بالغ الأهمية للطلاب، وتجربةً مملوءة بالعبر التي تتمحور حول معاناة الأشخاص الأقل حظاً في الحياة، إذ أسهمت بشكل كبير في نشر الوعي حولهم وتعريف الآخرين بهم، وذلك داخل الحرم الجامعي وخارجه، الأمر الذي يعد إنجازاً كبيراً».
وقال الطالب الإيراني المشارك في الحملة مهدي شيشاكر: «تأتي مشاركتي في الحملة بهدف رفع مستوى الوعي بقضية المشرّدين حول العالم، لاسيما أنني أدركها جيداً نتيجة انتشار عدد كبير منهم في بلدي الأم إيران، من دون مأوى يضمهم وطعام يسد جوعهم»، وبيّن: «لا تقدم الحملة صورة طبق الأصل من حياة (الهوملست)، إلا أنها تسعى قدر الإمكان إلى تصويرها، وذلك عن طريق العيش في فناء الجامعة من دون أي وسائل تكنولوجية، بعيداً عن الترفيه والتسلية، والنوم في العراء».
وذكر الطالب الباكستاني محمد أنجم: «شاركت في الحملة بهدف الإسهام في رفع مستوى الوعي بقضية المشرّدين حول العالم، خصوصاً أن هناك عدداً كبيراً من الأفراد لا يدركون طبيعة حياة هؤلاء المشرّدين، الذين يواجهون يومياً خطر الموت في ظروف معيشية قاسية، يفتقدون فيها معايير الأمن والسلامة، الأمر الذي نسعى إلى حله، وذلك عن طريق جمع التبرعات لهم، بالتعاون مع جهات معنية عالمية تعنى بأوضاع (الهوملست) في معظم دول العالم».
وقال الطالب الأفغانستاني وايسدين بول: «أشارك في هذه الحملة من أجل مساعدة المشرّدين الذين ينتشرون حول العالم، ويشكلون خطراً على أنفسهم وعلى المجتمعات التي ينتمون لها، الأمر الذي يدعو أفرادها إلى التكاتف سوياً من أجل دعمهم ومساعدتهم على تحسين مستوى معيشتهم، وذلك عن طريق جمع التبرعات، كما هي الحال بالنسبة لنا اليوم».
طبيعة التجربة
حول طبيعة التجربة في «خمسة أيام من أجل المشرّدين»، قال الطالب الباكستاني إحسان محمد بو: «كانت الليلة الأولى مسلية وانقضت بسهولة، ولكن مع مرور الوقت بدأت الصعوبات بالظهور، وكان وضعنا في غاية السوء، وبدأت أشعر بالإرهاق الشديد، كما أنني لم أستطع النوم في إحدى الليالي بسب الهواء الشديد، وحينها تأكدت أن حياة المشرّدين أصعب بكثير مما كنت أتصور، وكان الأمر الأصعب بالنسبة لي هو طلب الطعام، حتى ولو رغب الآخرون في تقديمه، فالأمر لايزال في غاية الصعوبة، فتخيلوا ما يعانيه المشردون يومياً».
في المقابل، تفاجأ إحسان باللطف والكرم الذي لمسناه في مجموعة من الأفراد، فقد رأينا عدداً كبيراً منهم يقومون بالمشاركة في التبرعات بمبالغ كبيرة بالنسبة لطلاب، في الوقت الذي كنا نعتقد أننا لن نكون قادرين على جمع كمية كبيرة من المال لمساعدة (الهوملست)».
أما الطالب النيجيري تيوا هومبوي، فيعي جيداً طبيعة حياة «الهومسلت»، ويدرك جيداً مدى البؤس الذي يعانونه، وذلك «بعد أن تعرفت إلى أحد المشرّدين، الذي كنت أصادفه بشكل مستمر وأنا في طريقي إلى المدرسة في كندا، قبل عامين، وفي كل مرة أقابله كنت أحرص على تقديم بعض المال له على سبيل المساعدة». ويتابع: «في أحد الأيام كنت متأخراً ولم أتوقف، لاكتشف لاحقاً أنه قد توفي في هذا اليوم، وحينها شعرت بالحزن الشديد، ومنذ ذلك الوقت وأنا أرغب في تقديم المساعدة للأشخاص المشرّدين، وأسعى إلى صناعة فارق في حياتهم، وذلك عن طريق تسليط الضوء على قضيتهم وجمع التبرعات لمساعدتهم، الأمر الذي يتجسد اليوم في حملة (خمسة أيام من أجل المشرّدين)».
وعلّق هومبوي: «ليس مهماً إلى أي طبقة اجتماعية تنتمي، فمن الممكن أن يفقد الشخص كل شيء في لحظة ويصبح مشرّداً، كما هي الحال في بعض الدول الغربية، إذ من الممكن أن يفقد الفرد كل ما يملك بسبب القروض والديون، لذلك علينا ألا نتخلى عن أي أحد يمرّ بظروف صعبة».