مدينة الــ 100 برج تستقبل حشوداً لا تنقطع من السيّاح

روان تحتفل بالذكرى 600 لميلاد جان دارك

صورة

تسود مدينة روان الفرنسية أجواءً خاصة هذه الأيام بمناسبة الاحتفال بذكرى ميلاد البطلة القومية جان دارك، في هذا المكان قبل 600 عام، إذ تتدفق جموع السياح لزيارة المدينة التي شهدت إحراق ابنة المزارع، التي تحمل لقب «عذراء أورليان»، وهي على قيد الحياة في عام .1431

ومع ذلك، فإن هذه المدينة الفرنسيـة تزخر بالكثير من الكنوز التاريخية والآثار العتيقة التي تستقطب السياح من جميع أنحاء العالم.

وتستقبل مدينة روان حالياً حشوداً لا تنقطع من السياح، حيث يرغب الجميع في مشاهدة المكان الذي كتب عليه تاريخ 30 مايو ،1431 ففي هذا اليوم قام الجلادون بسحب جان دارك، التي لم يتجاوز عمرها آنذاك 19 ربيعاً، أمام الجموع الغفيرة وتم تنفيذ الحكم الصادر بإعدامها حرقاً.

وبعد ذلك قاموا ببعثرة الرماد الناتج عن حرق جثمانها في نهر السين، لذلك تشهد مدينة روان الكثير من الفعاليات كل عام تخليداً لذكرى الشهيدة جان دارك، غير أن الاحتفالات هذا العام أكبر من المعتاد وتتميز بطابع خاص، لأن هذا العام يشهد الاحتفال بمرور 600 عام على ميلاد عذراء أورليان.

وتبدأ جميع الأحداث مع بداية القرن الـ،15 عندما قامت القوات البريطانية باحتلال شمال فرنسا حتى منطقة وادي اللوار خلال حرب الـ100 عام.

وقد طلبت السلطات العليا من ابنة المزارع، التي لم يتعد عمرها 13 ربيعاً، مقاومة القوات الإنجليزية.

ولكن بعد فترة وجيزة وقعت جان دارك ضحية المؤامرات والدسائس في الأسر، وسقطت في يد المحتلين الغزاة، الذين اتهموها بالسحر والهرطقة وقاموا بإعدامها حرقاً. ولاتزال جان دارك حتى الآن تحظى بتقديس الناس لها في جميع أنحاء فرنسا.

كنوز وأيقونات

غير أن الشهيدة جان دارك، المناضلة من أجل الحرية والمدافعة عن عزة وكرامة فرنسا ضد الإنجليز الغزاة، ليست هي السبب الوحيد الذي يجعل مدينة روان، التي ترجع إلى القرون الوسطى، تتمتع بشهرة سياحية كبيرة ويجعلها تحتل مركزاً مهماً على قائمة الآثار التاريخية الموجودة بفرنسا.

ولكن هذه المدينة ترخز بالعديد من الكنوز المعمارية والأيقونات الفنية المتفردة الأخرى، منها على سبيل المثال، «الكاتدرائية القوطية»، و«الساعة الفلكية» التي تعود إلى القرن الـ14 الميلادي، إضافة إلى «قصر العدل» المُشيد في عام ،1509 الذي يعد واحداً من أكبر المباني غير الدينية في أوروبا.

كما يعد السوق القديم التاريخي، الذي يحوي الكثير من المباني نصف الخشبية والمُرممة بعناية فائقة، من ضمن المزارات الأخرى التي تجتذب جموعاً غفيرة من السياح إلى مدينة روان.

مدينة الأبراج

وصف الكاتب الفرنسي فيكتور هوغو، مدينة روان بقوله: «إنها المدينة ذات 100 برج، التي ترتفع أصوات أجراسها إلى عنان السماء».

وقال الأديب الفرنسي الشهير ذلك وهو يشير إلى «كاتدارئية نوتردام»، التي تهيمن على المدينة بأبراجها السبعة الرائعة، ويمتاز مبنى الكاتدرائية الضخم بأنه يُصهر جميع الأساليب القوطية في بوتقة واحدة، ليجعل منها تحفة فنية متفردة.

ويرتفع برج الأجراس بالكاتدرائية إلى عنان السماء حتى يصل إلى ارتفاع 151 متراً، ويقول المرشد السياحي فرانسوا ليغاند: «لا يوجد في فرنسا كلها برج أجراس أعلى من ذلك، وقد كان هذا البرج هو صاحب أعلى ارتفاع في العالم حتى عام ،1880 إلى أن تم الانتهاء من تشييد (كاتدرائية كولونيا) لتنزع اللقب منها بزيادة في الارتفاع قدرها ستة أمتار فقط».

كما تشتهر الكاتدرائية أيضاً بما يُعرف باسم برج الزبدة، حيث تحكي الروايات بأن تناول الزبدة كان في واقع الأمر من الأمور المحظورة أثناء فترة الصوم، ولكن من أجل جمع الأموال لاستكمال بناء البرج قامت الكنيسة برفع الحظر عـن تناول الزبدة لفترة مؤقتة.

مقبرة الطاعون

يلفت بيير كلود المرشد السياحي، الذي درس تاريخ القرون الوسطى بجامعة المدينة، الأنظار إلى أحد المزارات السياحية الأخرى، التي لا يمكن اكتشافها من الوهلة الأولى، وهي مقبرة الطاعون وصندوق عظام الموتى. ويحكي بيير كلود قائلا: «لقد تسبب الطاعون الأسود خلال عام 1348 بالقضاء على ثلاثة أرباع السكان تقريباً، وقد تم في البداية دفن ضحايا هذا الوباء اللعين في مقبرة جماعية وسط المدينة.

وتستعيد الجماجم الموجودة على واجهات المباني النصف الخشبيـة، التي تعود إلى القرن الـ14 الميلادي، الذكريات الأليمة لهذه الكارثة الإنسانية المروعة، أما في الوقت الحالي فيعمل في هذه الغرف مجموعة من الفنانين».

وتتخلل البلدة القديمة التاريخية العديد من المناطق المُخصصة للمشاة فقط، وخلال ساعات النهار تبدو بعض الحارات والأزقة خالية من الزوار إلى حد ما، لكن في المساء سرعان ما تدب الحركة والحياة في هذه الأماكن السياحية، إذ تفتح العديد من الحانات أبوابها أمام الجمهور والزوار.

وأوضحت فيفيان بارتلز، السائحة القادمة من مدينة ميونيخ الألمانية، قائلة: «يقابل السياح هناك العديد من الشباب والطلاب بصفة خاصة، والذين يسهل التواصل معهم وتكوين علاقات صداقة بسرعة، وبعد أن يستمتع السياح بتناول عصير التفاح اللذيذ يصطحبهم المرشد السياحي بيير كلود لزيارة بعض المناطق السياحية الأخرى، مثل غروس هولوغ أو ما يُعرف باسم برج الساعة الشهير الذي يضم ساعة فلكية، أو قصر العدل، الذي يندرج أيضاً في قائمة الآثار الوطنية بفرنسا».

سياحة بحرية

في أيام الصيف يتجوّل السياح على ضفاف نهر السين، الذي يخترق المدينة ويقسمها إلى جزئين، ويقول بيير كلود: «تتميز مدينة روان بأنها من المدن الساحلية لما تزخر به من سفن بحرية أو بواخر نهرية، إذ يقع بحر المانش على مسافة 125 كيلومترا، وترسو على أرصفة الشحن الكثير من السفن التجارية التي تجوب أعالي البحار».

وأضاف المرشد السياحي: «يُقام هنا كل سنوات عدة أكبر معرض للسفن الشراعية في العالم، وسيتم تنظيم الدورة المقبلة لهذا المعرض خلال شهر مايو ،2013 وإلى أن يحين هذا الموعد فإن البواخر السياحية النهرية تتيح للسياح الاستمتاع بزيارة مدينة جان دارك الرائعة في أجواء القرون الوسطى.

تويتر