تراجع لمسة شهر رمضان في المغرب
خفّت مظاهر الاستعداد لشهر رمضان لهذا العام في المدن المغربية مقارنة بالسنوات الماضية، والسبب هو تزامن الشهر الفضيل مع عطلة فصل الصيف، وارتفاع درجة الحرارة، وحيرة العائلات المغربية بين توفير «مصروف مالي» للاستجمام في الشواطئ أوفي المناطق الجبلية، وبين المبالغ المالية التي يحتاجها التدبير اليومي لأيام الصيام، علماً بأن للمغاربة مجموعة من الطقوس خلال شهر رمضان، إذ يركزون على الاستعدادات لتوفير صنوف معروفة من الأطعمة والحلويات والرغيف.
كما انهمك عدد من العائلات هذا العام في إقامة حفلات الزفاف حتى يتفادى التزامن مع شهر رمضان، الذي لا تقام فيه هذه الحفلات، فمعظم الراغبين في عقد قران أو إقامة حفل الزواج، بادروا بذلك في فترة ما قبل شهر رمضان، لذلك ارتفعت أسعار الدواجن واللحوم الحمراء، كما صعدت أسعار تأجير قاعات الحفلات إلى أعلى المستويات، بسبب حلول رمضان هذا العام خلال فترة الذروة في الصيف.
لكن رغم خفة مظاهر الاحتفال بقدوم رمضان، إلا أن المدن العتيقة مازالت تعد قبلة للاستعدادات، فعدد من محال الحلويات «الشباكية»، المعروفة على الصعيد المغربي، «تصنع بالعسل»، تعيش هذه الأيام أبهى فتراتها التجارية، نظراً إلى إقبال المغاربة على هذا النوع من الحلوى الذي لا تكاد تخلو مائدة منه. فإلى جانب خيار اقتناء حلوة «الشباكية»، التي تسوق بنحو 30 درهماً للكيلوغرام، فإن هناك عائلات تلجأ إلى صنعها في البيت، «لضمان الجودة، ثم إنني سيدة بيت ولا أقبل أن أقصد السوق لشراء (الشباكية)، فهذا شيء غير مقبول»، هكذا تقول فتيحة، أم أربعة أطفال، التي شددت على أن شراء الحلوى فيه انتقاص من مردوديتها كامرأة، وأيضا لتلبي رغبة زوجها وأبنائها الذين يرفضون تناول حلوى تم اقتناؤها من السوق.
أما الحاجة سعاد، موظفة في إدارة عمومية، وأم لذكرين وأنثى، لا ترى أي مانع في شراء هذه الحلوى، لكنها في المقابل، فكرت في صيغة عملية، بيد أنها لجأت إلى سيدة من معارفها وكلفتها بأن تصنع لها الحلوى. إنها طريقة أضحى يتعامل بها من قبل مجموعة من الموظفات، وأيضا من قبل ربات البيوت اللواتي يبحثن عن مورد مالي خلال شهر رمضان. فعدد من النساء يشرعن في صنع الحلوى والرغيف بمختلف أنواعه، وهناك من لا تتردد في أن تقصد السوق وتعرض منتجاتها للزبائن، في حين أن أخريات يشتغلن بعيداً عن الأنظار، أي في بيوتهن، ويكتفين بربط علاقات خاصة ومباشرة مع زبونات دون المرور عبر قناة السوق.
خلال شهر رمضان تنتعش العديد من أنواع التجارة، على رأسها تجارة التمر، الذي لم يعد يقتصر على المناطق الجنوبية المغربية، بل حتى من الخارج، خصوصاً التمر الجزائري والتونسي. شباب يتعاطون لتجارة التمور، التي تراوح أثمانها بين 25 و40 درهماً، علماً بأن الأنواع الجيدة، التي يفوق سعرها 100 درهم، لا تقبل عليها العائلات المغربية المتوسطة، إلا في مناسبات الزواج.
تجارة الألبسة والأحذية التقليدية بدورها تلقى رواجاً كبيراً خلال رمضان، فالنساء يعملن على تغيير مظهرهن بارتداء اللباس التقليدي، وكذا الرجال والأطفال الصغار. وإذا كانت الخياطة بالآلة قد نافست الخياطة اليدوية، فإن هذا انعكس على الأسعار، إذ بدأت تسوق جلاليب بأثمنة تصل إلى حد 200 درهم، علما بأنه في المقابل، تلك المصنوعة باليد يتجاوز سعرها أحيانا كثيرة الـ1000 درهم.
وعموما تتخوف العائلات المغربية من المضاربة التي تنهك كاهلها، خصوصاً مع بداية شهر رمضان، إذ ترتفع الأسعار بالنسبة إلى مختلف المواد الاستهلاكية التي يكثر عليها الطلب، علما بأن وزارة الداخلية المغربية، باعتبارها الجهة الوصية على مراقبة الأسواق، عممت قبل أيام بلاغاً أكدت فيه على أنها قامت باتخاذ مجموعة من المبادرات التي تضمن توازنا في السوق، من حيث التموين بمختلف المواد والسلع. لكن على الرغم من هذه التطمينات الرسمية، فإن المواطنين عادة ما يواجهون «جشع» المضاربين الذين يرفعون الأسعار.