أيـرلنـدا.. بـلاد التقـاليـد والضحـك والاحتفالات

تعد أيرلندا ثالث أكبر جزيرة في قارة أوروبا ويفصلها البحر الايرلندي عن المملكة المتحدة إلى الشرق، ويحيط بها المحيط الأطلسي من الغرب، وهناك دلائل تشير إلى أن الجزيرة سُكنت منذ عام 6000 قبل الميلاد، لكن لا يعرف الكثير عن سكان تلك الفترة. وغزا «السلتيون» أيرلندا قبل 2500 عام مضت، ونقلوا معهم لغتهم الأصلية والألعاب والموسيقى التي لاتزال جزءاً من ثقافة ايرلندا الحديثة.

وتحتض كل من جمهورية أيرلندا وايرلندا الشمالية بعضاً من أهم الوجهات والفعاليات السياحية والترفيهية والرياضية في أوروبا الغربية، إلى جانب المنشآت الفندقية التاريخية، ويعد مهرجان سوق دبي الحرة للديربي الايرلندي أكبر مهرجان دولي للتسوق مرتبط بسباق للخيول خلال العام الجاري، إذ يجمع المهرجان الذي يعد ضمن الأحداث المهمة في التقويم الايرلندي بين الرياضة التقليدية الايرلندية مع الترفيه، والأزياء، والضيافة، حيث يتنافس أفضل خيول العالم طوال أيام السباق التي تمتد على مدى ثلاثة أيام للفوز بجوائز مختلفة.

وجددت السوق الحرة لمطار دبي واحدة من أكبر شركات تجارة التجزئة في العالم بعد مرور خمس سنوات على التوالي راعياً رسمياً للحدث، رعايتها مهرجان ديربي الأيرلندي في حلبة كريغ للسباق ثلاث سنوات حتى عام 2015 مع خيار عامين إضافيين، إذ سيشهد سباق 2015 تنافس 150 فرساً.

اليوم الإماراتي

فولكلور

التاريخ الايرلندي غني بالخرافات والأساطير ابتداءً من الحكايات الرومانسية للمحاربين القدماء إلى القديسين إلى التقاليد الخرافية، وتقع أساطير السيلتيك في صميم الثقافة الأيرلندية.

وبعض أكثر الحكايات الأيرلندية الأكثر شهرة هي الحكاية التي تدور حول أطفال لير الذين حولتهم زوجة أبيهم إلى طيور البجع، والمحاربC Chulai، وفين ماكول واحد من أشجع أبطال سلتيك الذي اكتسب الحكمة عندما كان شاباً بسبب تذوق سلمون المعرفة، وعند البلوغ انتصر على العمالقة.

تقاليد

تتصف الثقافة الأيرلندية بكونها مليئة بالتقاليد. فالبلاد مليئة بهذه التقاليد، إبتداءاً من أكل Colcannon وهو مزيج من الملفوف والبطاطا المهروسة في عيد «الهالوين» إلى ارتداء ملابس باللون الأخضر في عيد القديس باتريك والموسيقى التقليدية والرقص الأيرلندي التي تعد الأكثر شهره عالمياً. ولم تكن الموسيقى الشعبية الأيرلندية أكثر شعبية كما هي مع فرقة لورد أو ذا دانس أو كما يطلق عليهم ببملوك الرقص الذين نقلوا الرقص الأيرلندي إلى جميع أنحاء العالم.

خفة دم

يبلغ عدد سكان أيرلندا نحو 5.6 ملايين نسمة، 3.9 مليون منهم يسكنون في جمهورية أيرلندا و1.7 مليون في أيرلندا الشمالية. وتتمتع أيرلندا بالتنوع العرقي والثقافي، ويتمتع جزء كبير من سكانها بالشباب والحيوية، وأكثر من نصف السكان تقل أعمارهم عن 30 عاماً. يعتبر التعرف إلى أيرلندي مثل العثور على صديق للحياة، ولكن هناك بضعة أشياء يجب أن تُعرف سلفاً.

الأيرلندي يتخذ أي ذريعة حتى لو كانت صغيرة لإقامة حفل، يعرف هذا البلد باحتفالاته وتمثل المهرجانات جزءاً كبيراً من الحياة الثقافية، يؤمن الأيرلنديون بأن دم السلتيك يجري في عروق جميع أصحاب القلوب الطيبة، ومن بين الذين يفتخرون بأن أصولهم ترجع إلى أيرلندا جون إف كينيدي، وتشي غيفارا (كانت جدته أيرلندية) وديفي كروكيت، وجين كيلي، وغريس كيلي، ونيد كيلي. يحب الأيرلنديون الضحك والنكات، فإطلاق نكتة والقيام بالمقالب المضحكة جزء من الحياة اليومية في أيرلندا، ولا عجب باكتساب جيل جديد من الكوميديين الأيرلنديين سمعة دولية واسعة، ومنهم ديلان موران، وإد بيرن، واندرال هانلون، ودارا أوريان، وتومي تيرنان، وكيفين غيلدي. كما يوجد هناك عدد من المهرجانات الكوميدية في أيرلندا منها مهرجان سميثويكس كاتس الكوميدي في كيلكيني و مهرجان بولمرز الكوميدي في دبلن.

خلال الأيام الأولى من شهر يونيو وصل واحد من أكثر سباقات اليخوت إثارة في العالم إلى وجهته الأخيرة في مدينة «غالواي»، التي تقع غرب جمهورية ايرلندا. وشهد هذا الحدث الذي امتد على مدى تسعة أشهر متواصلة منافسة بين ثمانية من أفضل الفرق العالمية لمسافة أكثر من 39 ألف ميل بحري، مع التوقف في المدن الساحلية في مختلف أنحاء العالم.

وتوقف السباق في أبوظبي في يناير الماضي. وحققت قرية السباق في أبوظبي نجاحاً كبيراً استضافت فيه يوم ايرلندا الذي سلط الضوء على الروابط القائمة بين التراث في دولة الإمارات وايرلندا، وخصص يوم الخامس من يناير يوماً للإمارات في قرية السباق في الوجهة الأخيرة في مدينة غالواي التاريخية، إذ تم تكريس شارع المتاجر واحداً من أكثر مناطق التسوق الأكثر شعبية في غالواي للإمارات طوال مدة السباق، رافقه مجموعة من الأحداث للاحتفال بالدولة.

مزارع الخيل

تشتهر أيرلندا بكونها موطناً لمزارع الخيل حيث جرت عمليات التزاوج للخيول الاصيلة وخيول السباقات لعقود عدة في مقاطعة كيلدار، إذ كانت مزرعة كيلدغان جزءاً مهماً من هذا الإرث، وتضم شركة مزرعة كيلدغان الآن خمسة مزارع في مقاطعة كيلدار، إضافة الى واحدة في مقاطعة ميث وواحدة في مقاطعة تيبراري، وتزيد مساحة الملكية الكاملة من المزارع على 1600 هكتار.

وتعد شركة مزرعة «كيلدغان» موطن لخيول وأحصنة مجموعة دارلي الايرلندية وتستخدم أيضاً مركزاً لتدريب أشبال دارلي وغودولفين، في حين تشكل تربة المزرعة الغنية بالكلس والأعشاب الخضراء ومياهها الغنية بالكالسيوم والتربة المموجة القوية المحمية من أشجار البلوط القديمة وأشجار الزان والرماد، البيئة المثالية لتربية جميع أنواع الخيول.

ويوجد اليوم 20 إسطبلاً في مزرعة كيلدغان وهي موطن مبيت لأكثر من 400 من الخيول، إذ يولد نحو 100 شبل في كيلدغان من يناير حتى مايو كل عام، وتستخدم حلبة التدريب بطولها 1500 متر في تدريب الاشبال والخيول الاكبر سناً، كما يتم تدريب الخيول في الحلبة الداخلية لمزرعة كيلدغان.

وتوجد أيضاً مزرعة خيول السباق الايرلندية الوطنية التي تقوم بعمليات التزاوج بين الخيول الأصيلة، ولكن بسبب وقوع الحدائق اليابانية في المنطقة المجاورة لها فإنها أصبحت أيضاً من المقاصد التي يستهدفها سنوياً مجموعات كبيرة من الزوار والسياح منذ بداية الخمسينات.

سياحة التسوق

لعبت سياحة التسوق دوراً بارزاً خلال السنوات الأخيرة في جذب الزوار، إذ يعد مركز قرية كيلدير للتسوق الوجهة الأمثل للتسوق خارج حدود المدينة، حيث يبعد مسافة ساعة واحدة عن مركز مدينة دبلن. وتعتبر قرية كيلدير موطناً لأكثر من 60 محلاً لبيع موديلات المواسم السابقة لأهم العلامات التجارية في الموضة والملابس المنزلية والتي تمنح عروضاً تصل الى 60٪ على مدار العام.

وتم استثمار أكثر من 300 مليون جنيه استرليني في تطويل البنية التحتية ومقاصد سياحية جديدة مميزة في ايرلندا الشمالية خلال الاعوام القليلة الماضية، ويعمل مجلس السياحة في ايرلندا الشمالية مع العديد من الشركاء الرئيسين لتقديم برنامج من الفعاليات التي ستبرز أيرلندا الشمالية الى العالم.

وتعود بطولة ايرلندا المفتوحة للجولف الى إيرلندا الشمالية وذلك بعد غياب دام 60 عاماً تقريباً، حيث يحتضن ملعب نادي بورتروش الملكي للجولف الذي يوجد دائماً ضمن قائمة أفضل 20 ملعباً حول العالم، العديد من أهم المسابقات العالمية، وكان أول ملعب على الجزيرة البريطانية يستضيف بطولة بريطانيا المفتوحة عام .1951

كوزواي وتايتانيك

يعتبر موقع التراث العالمي جاينتس كوزواي من أشهر المواقع السياحية في أيرلندا الشمالية. تشكلت الأعمدة الحجرية فيه نتيجة النشاط البركاني منذ أكثر من 60 مليون سنة، وسيفتتح المركز الجديد في شهرِ يوليو الجاري، وستصل قيمة الاستثمارات الى 18.5 مليون جنيه استرليني.

يتألف مبنى «تايتانيك بيلفاست» من ستة طوابق، ويضم تسعة من المعارض التفاعلية والمترجمة التي تسرد قصص ومشاهد وأصوات وروائح سفينة «تايتانيك» إضافة إلى المدينة والأفراد الذين بنوها في بلفاست وتم الانتهاء منها ،1912 يحتوي المبنى على معارض مؤقتة وعلى قاعة حفلات تستوعب 1000 مقعد ومنشآت اجتماعية وتعليمية وعلى مساحات تجارية ومطاعم وموقف للسيارات. ويستطيع الزوار معرفة مراحل بناء سفينة تايتانيك وسماع القصة الغنية والواسعة عن الصناعة والإرث البحري لأيرلندا الشمالية.

منشآت فندقية

هناك نحو 50 ألف غرفة فندقية في ايرلندا التي تحتضن بعضاً من أهم المنشآت الفندقية القديمة، ففي مقاطعة «لويس» يوجد فندق «باليفين»، الذي تم استيطان موقعه منذ العصور القديمة، ولذلك فإن جذوره عميقة في التاريخ الايرلندي، وتوارثته العديد من العائلات على مر العصور أخرها عائلة الكووتس التي هاجرت الى ايرلندا عام ،1601 وسكنت في المنزل لنحو 100 عام وكانوا قد وظفوا عددا كبيرا من الخدم بحثاً عن اكثر اساليب الحياة الادواردية رقياً، مثل شرب الشاي على الشرفة أو التزلج في الحديقة التي تم توثيقها بالصور التي التقطت في تلك الفترة. وقد قامت العائلة ببيع المنزل بسبب التغيرات السياسية والاستقلال الايرلندي الى الاخوين الباتريشيين اللذين قاما بإدارة المنزل في معظم فترات القرن العشرين كمدرسة داخلية. تم ترميم المنزل من قبل الادارة الجديدة عام ،2002 واستغرقت العملية ثماني سنوات وهي مدة اطول من المدة التي بني فيها أصلاً، وتم تزيين التصميم الداخلي للفندق بأجمل الاعمال الفنية من العالم والفن الايرلندي بروح الاناقة التي عكسها المنزل عام .1820 ويوجد في المنزل 15 غرفة فندقية فقط، وبمساحة 600 هكتار من الحدائق الخارجية الخاصة وبحيرة بمساحة 28 فداناً والغابات القديمة والأغوار والكهوف.

في حين يقع فندق «شيلبورن» في قلب العاصمة دبلن على بعد مسافة قريبة من أهم المعالم في المدينة، مثل المتحف الوطني والمكتبة الوطنية، ومن المناطق الثقافية والترفيهية وأماكن التسوق. ويعتبر هذا الفندق من أجمل الأبنية في المدينة كما أنه يعتبر من الابنية التاريخية فيها، وبني الفندق عام 1824 ونجح في تفادي أضرار الحربين العالميتين الاولى والثانية حيث كان يؤوي كبار السياسيين والصحافيين في تلك الفترات.

لعب الفندق منذ تأسيسه دوراً مهماً في تقاليد الأدب والسياسة والفن والطبخ، فقد تمت كتابة دستور ايرلندا في أحد أجنحته عام ،1922 وبقيت النسخ الاصلية الثانية من هذه الوثيقة التاريخية في هذا الجناح حتى هذا اليوم. تم تجديد الفندق بشكل رائع وأصبح الآن أكبر فندق خمس نجوم في مدينة دبلن، إذ يضم 262 غرفة و19 جناحاً مسماة على بأسماء أشهر النزلاء الذين أقاموا فيها، مثل فرانك سيناترا ومايكل كولينس وجون كينيدي.

أما فندق «ويستبوري» فيقع في قلب العاصمة دبلن في منتصف المسافة بين جامعة «ترينيتي» التاريخية، و«ستيفين غرين» على طرفي شارع «غرافتون» الراقي في منطقة تعج بالمطاعم وأماكن التسوق والمسارح. تمت إعادة تصميم الفندق بكلفة 25 مليون جنيه إسترليني عام 2008 حيث أصبح تصميمه الداخلي يضم 205 غرف.

خليجيون

قال مدير الأسواق في هيئة السياحة الأيرلندية سايمون غريغوري، إن «ايرلندا تستقبل نحو 35 ألف سائح سنوياً من دول مجلس التعاون الخليجي، نحو 70٪ منهم تقريباً يأتون من الإمارات التي تشكل أكبر سوق تصدر الزوار إلى ايرلندا من المنطقة»، موضحاً أن «الهيئة من هذا المنطلق تركز جهودها التسويقية على المنطقة والإمارات بشكل خاص لرفع نسبة تدفق الزوار منها».

وبين أن «ايرلندا استقبلت خلال العام الماضي نحو سبعة ملايين زائر»، لافتاً إلى أن «النتائج النهائية لم تصدر بعد، إلا أن تحسناً ملموساً طرأ على نسب التدفق السياحي من مختلف الأسواق العالمية». مضيفاً أن «الهيئة تأمل في رفع عدد الزوار بنسبة 5.5٪ خلال العام الجاري من معظم الأسواق العالمية بنحو 7.8 ملايين زائر وبعوائد تصل إلى 3.7 مليارات يورو، إلا أنها تستهدف نمواً فوق المتوسط العام بنسبة 10٪ من دول مجلس التعاون الخليجي».

ولفت إلى أن هناك 17 رحلة أسبوعية مباشرة تربط بين دبلن والإمارات منها 10 رحلات لشركة «الاتحاد للطيران»، وسبع رحلات لشركة «طيران الإمارات» وهي تشكل شبكة واسعة بالنسبة للنقل الجوي بين أيرلندا ومنطقة الشرق الاوسط ككل.

وذكر غريغوري أن «الهيئة تعمل أيضاً مع كل من وكالات السياحة والسفر في المنطقة لجذب الزوار، إذ إن المنشآت الفندقية والسياحية في ايرلندا باتت تدرك حاجات واهتمامات زوار المنطقة خصوصاً ما يتعلق بالطعام الحلال»، موضحاً أن «متوسط إقامة السياح من دول مجلس التعاون الخليجي في الفنادق عالٍ، فضلاً عن أن متوسط إنفاقهم اليومي مرتفع أيضاً وهو ما يوضح أن المنطقة واحدة من أهم الأسواق الناشئة التي نستهدفها».

ولفت إلى أن «الفنادق المنتشرة في أيرلندا ليست جميعها من فئة الفنادق الفاخرة أو الخمس نجوم، إذ شهدت السوق الفندقية خلال السنوات الأخيرة تنوعاً كبيراً من حيث المنشآت الفندقية من مختلف الفئات الصغيرة والمتوسطة»، مضيفاً «إلا أن معظم الاستثمارات الأخيرة توجهت إلى الفنادق من فئة الخمس نجوم، لتقديم خدمات عالية الجودة للنزلاء».

تكاليف

حول تكاليف الخدمات السياحية في ايرلندا أوضح غريغوري أنه «لا توجد أرقام محددة بشأن ذلك، إلا أن مدينة دبلن تعد واحدة من أرخص المدن في أوروبا الغربية من حيث الاقامة الفندقية سواءً في الفنادق الفاخرة أو الاقتصادية، إلى جانب الخدمات السياحية عموماً». وذكر أن «دور شركة السياحة الايرلندية يتركز حول زيادة إيرادات السياحة الخارجية وأعداد الزوار إلى جزيرة ايرلندا، ومساعدة ايرلندا الشمالية على إظهار إمكاناتها السياحية، وافتتحت الشركة مكاتبها بصورة دائمة في دول مجلس التعاون الخليجي منذ يوليو عام ،2007 للعمل على الترويج لعوامل الجذب السياحي التي تقدمها أيرلندا، فضلاً عن التآزر بين الثقافتين، بعد أن أصبحت أيرلندا وجهة لها شعبية كبيرة أكثر من أي وقت مضى في المنطقة مع ارتفاع عدد الطلبات على تأشيرة الزيارة على أساس سنوي».

مكتبة تشستر بيتي

تحتفظ مكتبة «تشستر بيتي» بالعديد من الكنوز الثقافية والدينية حول العالم، وتشتمل على مجموعة واسعة من الكتب والمخطوطات والمطبوعات والأعمال الفنية من دول مختلفة في آسيا وشمال افريقيا وأوروبا والشرق الاوسط. كما تحتوي المكتبة على أكبر مجموعة إسلامية على الإطلاق وتحتوي على أولى المخطوطات من القرنين التاسع والعاشر، إضافة الى بعض أهم المخطوطات الانجيلية من الكتاب المقدس ورسائل القديس بول وكتاب سفر الرؤيا، فيعد المتحف في هذه المكتبة من أفضل المتاحف في العالم.

الأكثر مشاركة