تجنّب الكولا والقهوة سبيل للوقاية من الجفاف
يحتاج الجسم إلى الكثير من السوائل، خصوصاً في فصل الصيف الحار، غير أن الفترة الزمنية لتناول السوائل في شهر رمضان تكون محدودة جداً، ويجب على الصائمين أن يتناولوا بين الإفطار والسحور كمية من السوائل تكفي لليوم بأكمله، إلا أن الأطباء يحذرون من تناول الكثير من السوائل مرة واحدة. ومع ذلك، هناك سُبل كثيرة لتجنب التعرض للجفاف خلال شهر رمضان المبارك، فعلى سبيل المثال ينبغي أن تحتوي قائمة طعام الإفطار قدر المستطاع على مواد غذائية غنية بالسوائل. وعلى العكس من ذلك، يُفضل تناول مشروبات من قبيل الكولا والقهوة والشاي بكميات قليلة.
وبشكل عام تسري هذه القاعدة على جميع المشروبات التي تحتوي على مادة الكافيين، وتعزو نائبة مدير قسم التغذية العلاجية بمؤسسة حمد الطبية في الدوحة ريم السعدي، السبب في ذلك إلى أن هذه المشروبات مُدرة للبول، ومن ثم تُسرع من وتيرة الجفاف. وعلى العكس من ذلك، يسهم الإكثار من الخضراوات والفواكه الغنية بالسوائل، مثل البطيخ والخس والخيار والطماطم في الوقاية من الجفاف، فضلاً عن أنها تمد الجسم بالمعادن اللازمة التي لا يحصل عليها من خلال تناول الماء فقط. وبخلاف ذلك، تقل السوائل في الحبوب الكاملة والثمار المجففة واللحم والدجاج والسمك المسلوق وغالبية المواد الغذائية الغنية بالكربوهيدرات.
حذر
يتفق رئيس جمعية القلب الإماراتية التابعة لجمعية الإمارات الطبية الدكتور وائل المحميد، مع أخصائية التغذية ريم السعدي، مشيراً إلى أنه ينبغي على الصائمين أيضاً التعامل بحذر مع المشروبات والمواد الغذائية الغنية بالسكر؛ لأنها مُدرة للبول أيضاً. وينصح المحميد الصائمين، قائلاً «اشربوا ماء وتجنبوا القهوة والعصائر والمشروبات المحتوية على حمض الكربونيك والطعام المملح». ويرجع ذلك إلى أن الطعام المملح، خصوصاً الوجبات السريعة تحتوي على القليل من السوائل.
غير أن هذا لا يسري على جميع أنواع العصائر، فعلى سبيل المثال يتمتع عصير التمر الهندي بصفة مميزة للغاية، وتقول الدكتورة منى عبدالرازق، أخصائية التغذية السريرية والسمنة بمستشفى دار الفؤاد بالقاهرة، «التمر الهندي لديه القدرة على الاحتفاظ بالماء داخل خلايا الجسم، إنه يتمتع بتأثير محافظ على الماء». غير أنه من الأفضل أن يتجنب الأشخاص الذين يعانون ارتفاع ضغط الدم تناول هذا العصير. وإضافة إلى ذلك ينبغي تناول عصير فاكهة مع وجبة الإفطار، وعن فائدة عصائر الفاكهة تقول الدكتورة منى «إنها ترفع نسبة السكر بالدم، ومن ثم يشعر المرء بالظمأ على نحو أقل». وأضافت الدكتورة منى أن المشروبات والأطعمة المحتوية على الملح والسكر لا تمثل مشكلة في واقع الأمر، طالما أنها لا تحتوي على كمية زائدة عن الحد منهما.
نشاط
يُعد الماء هو الخيار المثالي بين وجبتي الإفطار والسحور، إذ يجب تناوله بكميات وفيرة من أجل تعويض السوائل التي يفقدها الجسم بسبب التعرق أو التبول. وبحسب الخبراء، لا توجد قيمة دقيقة لكمية الماء التي يجب تناولها، وتعلل الدكتورة منى عبدالرازق ذلك بأن كمية الماء التي يجب تناولها تختلف من شخص إلى آخر، وتتوقف أيضاً على مدى النشاط الجسدي الذي يبذله المرء. وعن متوسط كمية الماء اللازم تناولها تقول عبد الرازق «في المتوسط، ينبغي تناول ثمانية أكواب من الماء يومياً، علماً بأن وزن الجسم يلعب دوراً حاسماً في ذلك؛ إذ ينبغي تناول كوب ماء لكل ستة كيلوغرامات من الوزن».
غير أنه ينبغي توزيع هذه الأكواب الثمانية على مدار الفترة الممتدة بين الإفطار والسحور؛ لأن تناول الكثير من الماء مرة واحدة قد يؤدي إلى حدوث متاعب، وتقول السعدي «مَن يتناول الكثير من الماء دفعة واحدة، يثقل معدته التي تكون سعتها محدودة». وإضافة إلى ذلك، يمكن أن يختل توازن المحتوى الإلكتروليتي في الجسم. وتلتقط الدكتورة منى عبدالرازق الخبيرة بمستشفى دار الفؤاد طرف الحديث، وتقول إن الماء البارد يؤدي علاوة على ذلك - خصوصاً على المعدة الخاوية - إلى حدوث انتفاخات.
عادات
على الرغم من أنه ينبغي تناول المواد الغذائية بكميات محدودة فقط، إلا أن الدكتورة منى عبد الرازق تؤكد أنه من المهم لصحة الكُلى أن يتم التبول بشكل منتظم، مشيرة إلى أن الكمية وعدد مرات التبول تختلف من شخص إلى آخر. وينبغي أن تكون كمية البول التي يُخرجها الجسم في رمضان مماثلة تقريباً للكمية التي يتم إخراجها في المعتاد، لذا يُوصى بملاحظة العادات الشخصية قبل بدء الصيام.
وأوضح طبيب القلب وائل المحميد أعراض الجفاف، بقوله «الأعراض الرئيسة للجفاف التي ينبغي الانتباه إليها تتمثل في الضعف والتعب والدوار وانهيار جسدي، وكذلك عدم الذهاب إلى المرحاض لفترة طويلة». وفي أسوأ الحالات يمكن أن تحدث مشكلات بالكُلى وتتكون حصوات بها، كما يمكن أن تحدث تشنجات عضلية وانخفاض في ضغط الدم.
وشددت الدكتورة منى عبدالرازق على أنه «حال حدوث تشنجات عضلية ودوار وفقدان القدرة على التوجيه والإعياء والانهيار الجسدي والإغماء، يجب قطع الصيام على الفور». وبعد ذلك يجب إعادة إمداد الجسم بالسوائل تدريجياً. وتحذر الخبيرة قائلة «الجفاف حالة خطرة جداً يمكن أن تؤدي إلى الدخول في غيبوبة».
أعراض
تقول ريم السعدي، الخبيرة لدى مؤسسة حمد الطبية، إن قائمة الأعراض تتسع لتشمل أيضاً ارتفاع ضغط الدم والإمساك المزمن ومتاعب أخرى بالمعدة والأمعاء، إذا لم يتم إمداد الجسم بسوائل كافية لفترة طويلة. وأضافت السعدي أن أكثر الناس عرضة للإصابة بالجفاف هم كبار السن الذين يتناولون بشكل عام كمية قليلة من السوائل والأشخاص الذين يتناولون مُدرات البول. وتؤكد الدكتورة منى عبدالرازق ضرورة أن يأخذ مرضى السكري وارتفاع ضغط الدم أيضاً حذرهم من الجفاف، موضحة أن الجفاف قد يتسبب في تعرض مرضى ارتفاع ضغط الدم لأزمات قلبية أو سكتات دماغية مثلاً.