قمة الحكومات الخليجية للتواصل الاجتماعي تعد الأولى من نوعها فـــــــــــــــــــــــــــــــــــــي المنطقة. تصوير: أشوك فيرما

شبكــات التـواصـــل الاجتماعي تدمج الهوية الفـــــردية والافتراضية

انتشر استخدام مواقع التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت في العالم، بوتيرة فاقت كثيرا من التوقعات، وأصبح «فيس بوك» و«تويتر»، ضمن السلوك اليومي لكثير من مستخدمي الإنترنت، سواء عبر أجهزة الكمبيوتر أو الأجهزة الدفترية، وكذلك عبر الهواتف المحمولة. ونتيجة لقوة انتشار وسائل الإعلام الإلكتروني ـ الذي يصفه البعض بأنه «إعلام بديل»، الذي أصبح فضاء يومياً يضج بالمعلومات والآراء والصور والتفاصيل اليومية الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية ـ تنبهت كثير من الدول إلى هذا التحول، وعززت صفحات لها عبر مواقع التواصل، لتوثيق التواصل بين الناس وبين المؤسسات والشركات، وتقديم خدمات جديدة للأهالي، توفر عليهم الوقت والمال والجهد.

وفي «قمة الحكومات الخليجية للتواصل الاجتماعي»، التي تعد الأولى من نوعها، وانطلقت جلساتها النقاشية، صباح أمس، في ريتز كارلتون بدبي، أشار متحدثون إلى أن شبكات التواصل أصبحت تتضمن الكثير من المعلومات وكذلك الخدمات، وعززت التواصل الحكومي مع المواطنين في كثير من الدول.

وبينما قال مشاركون إن «اندماجا بين الهوية الفردية والافتراضية تحقق عبر تلك المواقع»، اعتبرت الاخصائية في السياسات والشؤون الحكومية في «فيس بوك» اليزابيث ليندر، أن موقع التواصل «فيس بوك» «عالم واقعي وهوية حقيقية»، خصوصا أنه يبين نمط تفكير الشخص، ومستواه الثقافي وأسلوب حياته، والكثير من التفاصيل التي تعد واقعية، وليست خيالية أو افتراضية.

جلسات

مستخدمون

بينت الدراسات، التي عرضت بعض أرقامها في الجلسات النقاشية، أن دول الخليج العربي تتصدر قائمة الدول العربية الخمس، الأكثر استخداماً لمواقع التواصل الاجتماعي، إذ تتقدم الإمارات في التصنيف على الكويت وقطر، كما بينت الدراسات أن نسبة النمو، التي تحققت في الوطن العربي في استخدام الإعلام الاجتماعي، تعيق مسيرة تطورها الفئة الغالبة التي تستخدم هذه المواقع، إذ إن 70٪ من الذين يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي تراوح أعمارهم بين 15 و29 عاما، الأمر الذي يتطلب إيجاد نوع من التوازن بين جميع الشرائح.

تناولت «قمة الحكومات الخليجية للتواصل الاجتماعي» مجموعة من القضايا التي تحدد كيفية تعاطي الناس، لاسيما في الخليج مع وسائل التواصل الاجتماعي.

وشهدت الجلسات الحوارية نقاشات، لفت من خلالها المشاركون إلى ضرورة اتخاذ الإجراءات المناسبة، لتهيئة المنطقة للدخول في حقبة الإعلام الاجتماعي الجديد التي تجتاح العالم.

وأوضحت الجلسات كيفية توجيه الفرد أو «المواطن الاجتماعي»، إلى وسائل التواصل الاجتماعي، التي قد تنطلق من التواصل الشخصي لتصل إلى تبادل المعلومات، فيما عرض مسؤولون من جهات حكومية كيفية الاستفادة من هذه الوسائل، لتقديم خدمات أفضل عبرها.

وأكد المجتمعون ضرورة توحيد الجهود، للاندماج ضمن المنظومة الإعلامية الجديدة، لاسيما في ظل الإقبال المتزايد بالوطن العربي على هذه الوسائل، مثل موقع «فيس بوك» للتواصل الاجتماعي، الذي زاد عدد مستخدميه ثلاثة أضعاف خلال العامين الماضيين من 16 إلى 45 مليون مستخدم عربي، مع الإشارة إلى أن العام الماضي وحده سجل نسبة 50٪ من هذه الزيادة.

أما موقع «تويتر» فيحظى بأهمية كبيرة أيضا، يعكسها حجم التغريدات العربية، التي بلغت ستة ملايين تغريدة يومياً، أي بمعدل 70 تغريدة في الثانية، وفقاً لتقرير وسائل الإعلام الاجتماعية بالوطن العربي.

حرية

قال رئيس المؤتمر، مدير برنامج الحكومة والابتكار في كلية دبي للادارة التقنية، فادي سالم، إن «الدراسات التي قمنا بها، قبل القيام بالمؤتمر، أوضحت لنا أن هناك نموا هائلا في عدد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في العالم العربي، والذي وصل إلى ما يقارب الـ40٪ من السكان في دول خليجية عدة، منها الإمارات والسعودية». وأضاف «لاحظنا النضج والنمو في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، إذ بدأت الحكومات تفهم ضرورة التواصل مع المواطن من خلال هذا الوسائل، وكذلك فهم ما يحدث معه، والبناء عليه لتقديم خدمات أفضل للأول».

ولفت إلى ان الدول اليوم تدرك ان وسائل التواصل الاجتماعي تشكل فرصا للحكومات وليست تهديدا لها، خصوصا أن وسائل الإعلام التقليدية لا تتمتع بدرجة كافية من حرية التعبير في العالم العربي، وبالتالي أوجدت فرصة لمعرفة ما يدور بين الناس. وأكد سالم أن وسائل التواصل الاجتماعي هي عبارة عن تكنولوجيا، ولا يمكن القول إنها خيرة أو شريرة، لذا فإن تحديد الأطر التي تستخدم فيها هذه الوسائل هي التي تحدد التوجه العام، وأتاحت الدول استخدام هذه الوسائل، لأنه لم يكن هناك بديل، وبالتالي فإن هذه الوسائل التي تمنح المستخدم هامشا من الحرية، لابد أنها ستستغل في البداية بطريقة تحمل السلبي والإيجابي، إلى أن يتشكل الوعي العام عند المجتمع، لاستخدامها كما تستخدم وسائل الإعلام الأخرى، التي اعتادها الناس.

واعتبر سالم أن فئة كبيرة من المستخدمين باتوا يستخدمون اللغة العربية أكثر من قبل، وذلك بسبب هذه المواقع.

وبين في ختام حديثه أن الحديث عن هوية افتراضية أمر غير دقيق، إذ بينت الدراسات التي قاموا بها بوجود تماهٍ واندماج بين الهوية الفردية والافتراضية، وهذا ناتج عن تغير الثقافة في العالم العربي.

وعي

اعتبر نائب المدير العام، مدير قطاع في هيئة تنظيم الاتصالات، سالم الشاعر، أن أهمية الملتقى تتمثل في نشر الوعي بين متخذي القرار وبين الجمهور والمتلقي، الذي يتواصل اجتماعيا عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وشدد على أن كل شخص مسؤول عن تعلم التواصل عبر القنوات، مؤكدا أن التواصل صفة بشرية، ومن الضروري أن تواكب التطورات العصرية.

وقال إن «هذه الوسائل موجودة اليوم، وقد لا تكون متوافرة في المستقبل القريب، وبالتالي لابد أن نكون مستعدين لهذه النقلة، لأننا في عصر التطورات السريعة».

ورفض أن يعتبر المواطن العربي أقل من الغربي، وإنما راح يقارن بين المستوى التعليمي في الرقع الجغرافية، مفيدا بأن هذه المقارنة تدلل على أن المواطن العربي أقل حظا، وبالتالي فإن الهدف هو التوعية ونشر المعلومات لهؤلاء الأقل حظا حول كل ما هو جديد، لإتاحة دخولهم ضمن هذه المنظومة الاجتماعية.

وبين الشاعر أن التواصل بين المواطن والحكومات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يجب أن ينطلق من خلال التفاعل، ومن المهم أن تكون هناك صفحات للمؤسسات، وأن يكون هناك من يتفاعل مع الناس، الذين يحق لهم أن يطرحوا مشكلاتهم مع الشركة أو المؤسسة عبر الموقع، فهذا يعزز الثقة بين المواطن والجهات التي يتعامل معها.

تغيير المعادلة

قال نائب الرئيس التنفيذي في مؤسسة الصايغ للإعلام، الدكتور حسن داوود «لا يمكن التشكيك في أهمية التواصل الاجتماعي، لكن قرأت في إحدى الدراسات أن نحو 70٪، مما ينشر على وسائل التواصل الاجتماعي، هو عبارة عن أمور سلبية، وأتوقع أنه لهذا السبب هناك الكثير من المؤسسات لم تبادر إلى استخدام هذه القنوات، وبالتالي لابد من استخدامها بالطرق الصحيحة وعلى نطاق أوسع».

ورأى داوود، أن الوسائل الإعلامية لا تأتي لتحل مكان أخرى، بل لتضيف إلى الوسائل الموجودة، وبالتالي تغير المعادلة في التعاطي مع هذه الوسائل.

عالم واقعي

الاخصائية في السياسات والشؤون الحكومية في «فيس بوك» اليزابيث ليندر، لفتت إلى ان «فيس بوك» بات من المواقع التي تستخدم يوميا من قبل الناس، ويكتبون ويضعون كل المعلومات التي تهمهم.

وأكدت أن «هذا الموقع يلبي حاجات الناس من خلال مراقبتنا ما يفعلون، ففي البداية لاحظنا أنهم يحبون تبديل الصور الشخصية وتيقنا أن موضوع الصور يهمهم، لهذا أضفنا إمكانية تحميل الصور على الموقع.

وقالت إن «الموقع لم يعد محددا ضمن أطر التواصل الاجتماعي فقط، فكل شخص يجد اهتماماته عليه، إذ يمكنه ان يتابع الأخبار السياسية إن كانت تهمه، أو أي مجال آخر». ولفتت إلى أن 50٪ من مستخدمي «فيس بوك» يفتحون صفحتهم يوميا، ليروا التغيرات الحاصلة على الموقع، وليتابعوا الأخبار، مضيفة أن موقع التواصل «فيس بوك» يعد «عالما واقعيا وهوية حقيقية، لا يمكن القول عكس ذلك، فهو يبرز نمط تفكير الشخص، ومستواه الثقافي، وأسلوب عيشه، والكثير من التفاصيل التي تعد واقعية وليست خيالية أو افتراضية».

الأكثر مشاركة