إيهاب ويليام: «مرضى السكري والقلب يتجنبون علاج أسنانهم خوفاً من مضاعفات تجاوزتها التقنيات الحديثة». تصوير: أحمد عرديتي

معتقدات خاطئة تمنع مرضى من زيارة أطباء الأسنان

تثير عيادة طبيب الأسنان الخوف عند الكثيرين قبل زيارتها، الأمر الذي يدفع البعض إلى تجنب الزيارة وتأجيلها الى أن تصبح ضرورة ملحة. وتزداد هذه المخاوف عند مرضى السكري والقلب والضغط أو حتى المرأة الحامل، نظراً إلى وجود الكثير من المعتقدات الخاطئة حول الأعراض الجانبية التي قد تنتج عن زيارة عيادة الأسنان، لذا شدد الأخصائي في طب الأسنان والعضو في الجمعية الاميركية لطب الأسنان الدكتور ايهاب ويليام، على أهمية تصحيح المعتقدات الخاطئة الناتجة عن الربط بين عيادة الاسنان والمضاعفات عند المرضى، مؤكداً في حديثه مع «الإمارات اليوم» ان جميع الادوات والأدوية قد تطورت في عصرنا وقضت على جميع المضاعفات التي تخيف المرضى.

وقال ويليام، إن «الخوف عند الكثيرين من زيارة طبيب الأسنان يجب أن يتبدد، خصوصاً مع أصحاب الأمراض التي تعاني مضاعفات من زيارة طبيب الأسنان، وذلك بسبب التطور الحاصل في الطب، سواء في الأدوات أو حتى المضادات الحيوية التي باتت أقوى من ذي قبل». وأوضح أن مخاوف الناس من طبيب الأسنان تتباين بحسب نوعية المرض الذي يحملونه، مشيراً إلى أن مرضى السكري يفضلون عدم زيارة طبيب الأسنان عندما يعانون مشكلة في الأسنان تتطلب خلع الضرس بشكل خاص، لأنهم يخافون من عدم التحام الجرح، بسبب صعوبة التحام جراح مرضى السكري، إلى جانب الزرع الذي يعد صعباً معهم. ولفت ويليام الى وجود الكثير من المضادات الحيوية الحديثة التي باتت تستخدم لتمكن مرضى السكري من القيام بكل العلاجات دون خوف، ومن دون أن ينفي هذا وجوب التفات المريض الى الاعتناء بنفسه وأخذ الأدوية في وقتها، وكذلك الاهتمام بتنظيف الأسنان واتباع جميع ارشادات الطبيب.

التهاب الشرايين

«فوبيا» طبيب الأسنان

رأى مدير المركز الدولي للاستشارات النفسية الدكتور محمد النحاس، أن الخوف من طبيب الأسنان يعرف في علم النفس تحت اسم «فوبيا» طبيب الأسنان، مشيراً إلى وجوب التمييز بين الخوف العادي الذي يجعل صاحبه قلقاً من الزيارة فقط، أو الخوف الذي يسبب تعرق المرء، وكذلك اشتداد الاعصاب والتوتر وعدم القدرة على السيطرة على الانفعالات. وأكد النحاس أن هذه الـ«فوبيا» تنتج عن امرين، إما الخبرات التي تتكون من السمع، والتي يشكلها المرء من الأحاديث السلبية عن طبيب الأسنان، وبالتالي تتكون لديه صورة مزعجة ومرعبة عن طبيب الأسنان، أو عن طريق ما يراه الإنسان ويختبره بنفسه. وشدد على ان التعامل مع هذه الـ«فوبيا» عند الأطفال يكون من خلال التحصين التدريجي، الذي يعني التدرج في التحضير لزيارة طبيب الأسنان، اذ يمكن تحضير الطفل من خلال الحكايات والصور أولاً، وبعدها شراء أدوات طبيب الأسنان له، ولاحقاً حجز الموعد عند الطبيب. في حين ان الكبار لهم طريقة اخرى للسيطرة على هذه الـ«فوبيا»، وتكون من خلال التفاعل العقلاني الانفعالي، اذ يتوجب على المرء تقديم رسائل عقلانية تستعرها العاطفة كي تتحول الى سلوك ايجابي. ولفت الى ضرورة تحضير الذات الى ان زيارة العيادة لم تعد تحمل مفهوم الألم أو المخاطر، لأن توقع الألم يجعل المرء يشعر به بشكل مضاعف.

مرضى القلب يعانون تأثير البكتيريا في القلب، وبين الدكتور ويليام هذا التأثير من خلال الحديث عن البكتيريا التي تتكون في الفم، لافتاً إلى وجود أكثر من 500 نوع بكتيريا في الفم، وأن التسوس الذي يحصل عند الناس، ينتج عن السكر الذي يترك على الأسنان أو حتى مفعول البكتيريا التي تتأكسد وبالتالي تؤدي إلى اهتراء السن. ولفت إلى أن هذا الاهتراء قد يتسلل من الضرس الى الداخل أي العصب الداخلي للضرس الذي يتكون من عصب وأوردة وشرايين، وبالتالي فإن تفاقم حالة التسوس والبكتيريا ستؤدي الى انتشارها في الجسم من خلال الضرس، وهذا الذي يحمل الكثير من التأثيرات السلبية في مرضى القلب، لأنها قد تنتقل وتسبب الالتهاب في شرايين القلب والدماغ. واعتبر ويليام أن متابعة حالة الأسنان بشكل منتظم مع الطبيب من الأمور الضرورية التي تجنب الوصول الى هذه المضاعفات، كون التسوس مهما كان بسيطاً قد يكون تأثيره كبيراً في المريض، لاسيما انه معروف في الطب، أن البكتيريا التي قد لا تؤذي المرء وهي في مكان ما من الجسد قد تسبب له الأذى في حال انتقلت الى مكان آخر. ونوه بأن التسوس يعد من الأمور التي يهملها البعض كونها لم تصل الى العصب بعد، لكنهم لا يدركون أن بكتيريا التسوس قد تصل الى العظام ايضاً.

ويعتبر مرضى الضغط من الأمراض التي تتطلب حذر الطبيب في المعالجة، وبحسب ويليام، لابد من التركيز على أهمية العوامل النفسية في التعاطي مع هذا المريض، وذلك كي نتجنب اثارة مخاوفه من أي خطوة كي لا يؤثر الخوف في ضغطه، وبالتالي علينا ان نقدم له مزيداً من العناية. اما المخدر الذي يقدم الى هؤلاء المرضى، فيجب أن يكون من النوع الذي لا تدخله مادة «الأدرينالين»، علماً بأن المخدر الذي يتكون من الليدوكايين ولا يدخله الادرينالين ينخفض وقت تأثيره من ساعتين ليصبح نسف ساعة فقط، ولهذا أكد ويليام انهم قد يضعون المخدر اكثر من مرة لضمان التخدير الطويل المدة، وتجنباً لأية مضاعفات من استخدام مخدر مع الأدرينالين.

اكتشاف أمراض

تدخل المرأة الحامل ضمن اطار الحالات التي يتعاطى معها طبيب الأسنان بشكل خاص، وأكد ويليام تفضيل الأطباء عدم استخدام الاشعة للمرأة الحامل، إلا إذا كان الأمر ملحاً، إلى جانب ذلك شدد على أنهم يخبرون المرأة بوجوب عدم ارضاع طفلها مدة يومين حين تتعرض للتخدير، وذلك لأن المخدر يدخل في الحليب الذي تقدمه لطفلها وقد يؤدي الى نومه لفترات طويلة. واعتبر أن العلاقة بين طبيب الاسنان والمريض يجب ان تكون علاقة مبنية على المصارحة، فلابد من اخبار الطبيب بما يأخذ المريض من أدوية قد تؤثر في صحته عند طبيب الأسنان، ومنها على سبيل المثال الأدوية التي تسيل الدم، لأنه أحياناً قد يستوجب توقف المريض عن أدويته قبل العمل في عيادة طب الأسنان.

وعلى الرغم من خوف الكثير من المرضى من عيادة الأسنان، إلا أن طبيب الأسنان قد يكون أول من يكتشف أمراض موجودة لدى مريضه من خلال ما يراه من أعراض غير طبيعية داخل الفم. ورأى الدكتور ويليام، انهم يتمكنون أحياناً من اكتشاف بعض الأمراض ومنها مثلاً السكري الذي يسبب الجفاف في الفم، او النزف الكثير. وأشار الى ان الفيروسات ايضاً يمكن اكتشافها، لاسيما الفيروسات المعدية، التي غالباً ما تكون مسببة لتقرحات في الفم، إلى جانب مشكلات الجيوب الأنفية التي نكتشفها من عدم قدرة المريض على التنفس.

الأكثر مشاركة