«آيس كريم» إيطاليا يداعب الشهية طوال العام
لم يعد «الآيس كريم» مجرد نوع من أنواع الحلوى التي يفضل تناولها في أوقات الحر الشديد فحسب، إذ بات يداعب الشهية طوال العام، بفضل تنوع أشكاله ونكهاته، خصوصاً في إيطاليا حيث مئات المتاجر المتخصصة في تصنيعه بمذاقات مبتكرة وغير مألوفة تجعل منه وجبة متكاملة.
ويعتبر عشاق المثلجات «إيطاليا» جنة «الآيس كريم» على الأرض، إذ يشكل هذا الصنف من الحلوى جزءا أصيلا من ثقافة البلد الأوروبي، توارثته الأجيال منذ حقبة الرومان التي اقتصر تناوله فيها على الصفوة من أثرياء الإمبراطورية الرومانية الذين حظوا بمتعة تذوق أوائل أنواع «الآيس كريم»، حيث تعد إيطاليا إحدى الدول الرائدة في صناعته.
وتعد العاصمة روما أكثر المدن الإيطالية استهلاكا للآيس كريم أو الـ«جيلاتو» بالإيطالية، ويتوافد على شرائه السكان والسائحون من أعرق متاجر المثلجات وسط المدينة.
وليس بغريب تناول الآيس كريم في أي وقت من العام في إيطاليا فهو لم يعد مقتصرا على فصل الصيف فقط للتخفيف من شدة الحر، ولكن قد تجد نفسك في حيرة لاختيار النوع المفضل مع تنوع الأشكال والألوان والنكهات.
فاختيار الشكل لم يعد محصورا بين مخروط من البسكويت (كون) بداخله كرات الآيس كريم أو العلب المعتادة، إذ بات يمكن الحصول على أشكال غريبة وغير مألوفة، أما النكهات فتنوعت لدرجة جعلت من الآيس كريم وجبة متكاملة. وعلى الرغم من الشكوك حول قيمته الغذائية، إلا أن إيطاليا تمكنت أيضا من تصنيع أنواع أكثر صحية من الآيس كريم لترضي جميع الأذواق.
متجر
يعد متجر «لا فاتا مورجانا» أحد أشهر نظرائه في صناعة الآيس كريم، فهو مقصد معروف لعشاق الآيس كريم لما يحويه بين جنباته من 120 مذاقا متنوعا يتميز بها عن متاجر الآيس كريم في العالم بأسره، وتتعدد النكهات من التقليدية مثل «الفستق»، وحتى المبتكرة مثل حساء «الجازباتشو» الإسباني الذي يعتمد تصنيعه على الطماطم وصلصة «البيستو» الشهيرة المصنوعة من الريحان، كما يحظى المتجر بطراز معماري نادر على الرغم من صغر حجمه.
فيقع المتجر الشهير في حي كوبيدي الراقي في روما، حيث توجد الأبنية والقصور الفخمة التي صممها المهندس الشهير جينو كوبيدي، ولذا فكل من يرتاد المحل يشعر كما لو أنه جزء من نسيج قصة خيالية في بلاد العجائب، يحلو له فيها تناول ما يشتهيه من أنواع الآيس كريم وسط مساحات خضراء وأبنية عتيقة بواجهات ملونة مازالت تحافظ على طرازها الروماني. وقصدت مالكة المتجر ماريا أجنيسا سباجنولو عند تشييدها له عام 2003 أن يتحول إلى صرح أسطوري تبتكر داخله وصفات سحرية على شكل أنواع آيس كريم جديدة.
ويستخدم «لا فاتا مورجانا» وصفات بسيطة تجاوزت اعتبار الآيس كريم صنفا من أصناف الحلوى، وبعض المقادير التقليدية لـ«الجيلاتو»، المكونة من الثلج وعصائر الفواكه وغيرها التي دائما ما تكون ثمرة الصبر والقدرة على الإبداع.
وتقول سباجنولو التي افتتحت خلال السنوات الماضية فرعين آخرين للمتجر في روما إنها «تستخدم في تصنيع الآيس كريم وصفات تقليدية من المطبخ الإيطالي وأخرى أجنبية، بالإضافة إلى ما ورثته عن والدتها من أطباق غنية بالتوابل يشتهر بها جنوب إيطاليا».
بين الواقع والخيال
في عالم الآيس كريم يتسع الخيال أمام صناعه لابتكار ما يحلو لهم من الأصناف والمذاقات، مثل طبق «الفينيري روزا» الذي يعتمد على نكهة «الفينيري» أحد أنواع الأرز الأسود، إلى جانب أوراق الورود المغلية في الحليب. ويمكن للزبائن أيضاً ترك العنان لخيالهم واقتراح مذاق مبتكر تضيفه سباجنولو إلى قائمة متجرها، فقد استوحت مالكة «لا فاتا مورجانا» ذات مرة من أحد الزبائن المذاق اليوناني الذي تقدمه والمكون من السمسم والعسل.
ولا يقتصر تناول الآيس الكريم على التسلية أو التحلية فقط، وإنما قد يشكل وجبة كاملة بفضل تنوع نكهاته، فعلى سبيل المثال يمكن فتح الشهية بآيس كريم الـ«داتيرينو» وهو مزيج من الطماطم المخلوطة بالريحان أو بآيس كريم «بيستو» الذي يتحول فيه الثوم والزيت، اثنان من اهم مكونات صلصلة «البيستو» الإيطالية الشهيرة بجانب الريحان، إلى جوز وعسل.
أما الطبق الرئيس فيمكن الاختيار بين آيس كريم «الريكوتا» بنكهة جبن الريكوتا مع قشر البرتقال والليمون، أو «الريزو» وهو عبارة عن نكهة نوع أرز «الريزو» يضاف إليه مذاق الفانيليا. وللتحلية يقترح «لا فاتا مورجانا» تناول طبق مكون من آيس كريم شوكولاتة بنكهة التبغ.
وتعتبر الوجبة السابقة واحدة فقط من الاختيارات المتعددة التي يقترحها «لا فاتا مورجانا» الذي ينفرد أيضا بتصنيع مثلجات ذات خصائص علاجية مثل «باناسيا» المكون من حليب اللوز والنعناع الطازج ونبات «الجينسينج» المستخدم بكثرة في الطب الصيني.
وبالمثل يحافظ المتجر على تقديم الأنواع التقليدية من المثلجات التي يتجه لتصنيعها بالمنتجات العضوية، ويرفض إدخال المواد الكيميائية عليها على الرغم من اعتماد مركز إنتاج المذاقات الخاص به على المختبر، فوراء نحو 60 مذاقا مبتكرا يتميز به المتجر مركز مزج النكهات التي تتنوع بين الزبادي والفواكه والشوكولاتة والكستناء (أبوفروة) المغلي والشمر.
وتتكفل ماكينة متخصصة بمزج مذاقات الآيس كريم وتصنيعها بعد تعريضها للغليان على درجة حرارة 85 قبل أن تبرد وتكتسب قوامها والطعم المرغوب فيه وتصبح كاملة الدسم وجاهزة للتقديم.
ولكن في النهاية، ورغم الأشكال والنكهات المختلفة التي يتمتع بها الآيس كريم، فإن مقادير عالم المثلجات الأساسية لا تخرج عن الحليب والقشطة والسكر.