فيلم وثائقي حول تاريخ صناعة السفن في الدولة

«الخشب القديم» جسر ثقافي بيــن الإمارات والصين

صورة

في خطوة لمد جسر ثقافي يربط بين تاريخ صناعة السفن في دولة الإمارات، وحاضر هذه الصناعة في الصين، التي تعد اليوم من أكبر الدول المصنعة لها في العالم، قام المنتج الصيني العالمي تانغ زان يانغ، بالتعاون مع مجموعة من رواد التراث البحري الإماراتي، بإنتاج أول فيلم وثائقي حول تاريخ صناعة السفن في الإمارات، تحت عنوان «الخشب القديم» لشركة دلتا للإنتاج.

يسلط الفيلم الضوء على مراحل بناء السفن قديماً، بدءاً بأماكن تصنيعها وعملية جلب الخشب والمواد الأولية المستخدمة في التصنيع، مروراً بطريقة بناء السفن وأسمائها وأنواعها وأحجامها وطرق استعمالها، وصولاً للأشخاص الذين امتهنوا تلك الصناعة قديما، بالإضافة إلى لقاءات مع مجموعة من أقدم صانعي السفن الإماراتيين والنواخذة المعمرين.

تم تصوير الفيلم في أنحاء من الإمارات، ومدينة صور بسلطنة عمان، حيث مازال تصنع هذه السفن هناك، وبنظام تصوير سينمائي بتقنية الدقة عالية الوضوح (فول إج دي)، والفيلم مترجم الى اللغتين الانجليزية والصينية.

الفيلم تناول صناعة «قارب الشاشة» التي اندثرت الى حد بعيد، حيث تم تصوير مراحل عملية تصنيعه التي تعتمد كلياً على شجر النخيل.

وكشف النقاب عن «الخشب القديم»، أمس، في مؤتمر صحافي، عقد في فندق «غلوريا» بدبي، حضره المستشار العام لقنصلية الصين في دبي، جاو يوزان والباحث والخبير التراثي جمعة بن ثالث، الذي أشرف على المعلومات التراثية والتاريخية والعلمية للفيلم، إلى جانب مجموعة من رواد التراث البحري الإماراتي كصناع سفن معمرين.

مشاركون متخصصون

بهجة تكريم

المؤتمر الصحافي الخاص بإطلاق الفيلم الوثائقي حول تاريخ صناعة السفن في دولة الإمارات «الخشب القديم»، في فندق «غلوريا» في دبي، كان ختامه تكريماً لمجموعة من رواد التراث البحري الإماراتي العتيق، الذين شاركوا في إنجازه، في بادرة تقديرية مميزة أبهجتهم، الأمر الذي تمثل في تصفيقهم وتبادلهم التهاني في ما بينهم.

شباب البحر

أثار وصف الباحث والخبير التراثي جمعة بن ثالث، الذي أشرف على المعلومات التراثية والتاريخية العلمية للفيلم، لمجموعة رواد التراث الإماراتي البحري القديم، بالشباب، إعجابهم إلى جانب الحضور.

وأكد في كلمته التي ألقاها في مؤتمر الإعلان عن إaطلاق الفيلم، أن هؤلاء الرواد هم «شبابنا مب شيّابنا»، أي انهم شباب البحر والحياة وليسوا «شياباً»، مؤكداً أن «نجاح الفيلم ينسب لهؤلاء الرواد الذين أبدوا التزاماً كبيراً بالمواعيد أثناء تصوير الفيلم».

 أرجع الباحث بن ثالث رغبته في المشاركة في فيلم «الخشب القديم» إلى سببين رئيسين، يتمثلان في«كون البحر هو مصدر الرزق الأساسي والخير بمختلف أوجهه لأهل الإمارات سابقاً ولاحقاً، فمنه كان المأكل ومن خلاله كان التنقل والتجارة، ومازال، حتى استخرج من باطنه البترول».

وقال إن «البحر جزء لا يتجزأ من تراثنا الذي نفخر به ونسعى إلى تعزيزه وتوثيقه بشتى السبل، الأمر الذي يتمثل في الصناعات والحرف المرتبطة به، والتجارة التي مازال يحتضنها». وأكد أن صناعة السفن التي يسلط فيلم «الخشب القديم»، الضوء عليها، لعبت دوراً بارزاً في الاقتصاد، وسبل عيش المجتمعات القديمة في دول الخليج العربي بشكل عام، وكانت هذه السفن والقوارب هي السبيل الوحيد لنقل البضائع وكسب العيش.

وأضاف بن ثالث ان «إنتاج فيلم وثائقي حول تاريخ صناعة السفن في دولة الإمارات، يعد رصيداً للأجيال الشابة، التي لا يصعب عليها الإلمام بشتى التفاصيل المتعلقة بتراث وتاريخ الدولة، والذي لابد من العمل على حفظه وتوثيقه من الاندثـار».

عالم البحار

حول المشاركين في «الخشب القديم»، ذكر مخرج الفيلم وسام ذيبان، أن «الحرص على تقديم عمل فني يوثق تفاصيل ومراحل صناعة السفن بمنتهى الحرفية والدقة استوجب الاستعانة بالباحث والخبير التراثي الإماراتي جمعة بن ثالث، الذي أشرف على المعلومات التراثية والتاريخية والعلمية للفيلم، نظراً لمشواره الطويل، وجهوده في إحياء التراث البيئي والتاريخي لمهنة الغوص والحياة البحرية، وعشقه البحر الذي نشأ في أحضانه، فتحول إلى غواص وباحث في التراث البحري والبيئي، وهو الآن مدير للمشروعات التراثية بجمعية الإمارات للغوص».

وأضاف «تمت الاستعانة أيضاً في الإشراف على هذا الفيلم بالدكتور أغوس دينوسس، الحاصل على الدكتوراه من جامعة تورنتو، والمعروف باهتمامه بالثقافة الإسلامية وبشكل خاص تاريخ وتراث صناعة السفن، وهو حاصل على جوائز عدة، أهمها الجائزة الكبرى من مؤسسة عبدالله المبارك الصباح، وجمعية الصداقة البريطانية الكويتية، عن كتابه الشهير (شعوب الداو)، الذي ركز على عالم البحار في الشرق الأوسط والخليج العربي وعُمان»، هذا إلى جانب مجموعة من رواد التراث البحري الإماراتي، منهم النوخذة السفار القديم المواطن خليفة الفقاعي، وأستاذ صناعة السفن إبراهيم الجلاف، وصانع وتاجر السفن علي الشامسي، وصانع السفن عبدالله الشاعر، وصانع قوارب الشاشة التي اندثرت إلى حد بعيد، عبدالله سلمان.

تراث بحري

قال المستشار العام لقنصلية الصين، جاو يوزان «يسعدني أن أحضر مؤتمر الإعلان عن فيلم (الخشب القديم)، في دبي، نيابةً عن الجمهورية الصينية، وأقدم لكم الشكر والامتنان والتقدير لإنجاز هذا الفيلم الذي يعرض المهارة والكفاءة العالية لصناع السفن قديماً. وأنا أثق بأن هذا الفيلم سيفتح نافذة لتعريف العالم بتاريخ الدولة، وسيعزز معرفة المغتربين الصينيين في الإمارات بتاريخ هذه الدولة وثقافتها وتراثها البحري العتيق». وعبر عن أمله في تعزيز هذا التعاون بين الدولتين، الذي يقرب بدوره ويعزز أواصر العلاقات بين الشعبين.

وذكر المنتج الصيني العالمي للفيلم تانغ زان يانغ، ان «فيلم (الخشب القديم) يسلط الضوء على الدور الثقافي الذي شكلته تلك الصناعة في هوية دولة الإمارات والمنطقة، لاسيما أن هذه الصناعة تجسد جسراً ثقافياً يربط بين تاريخ وثقافة دولة الإمارات وبين حاضر تلك الصناعة في الصين التي تعد حالياً من أكبر الدول المصنعة للسفن في العالم، ومن هنا جاءت الرغبة في هذا الفيلم».

حضور

حضر المؤتمر الصحافي الذي أعلن إطلاق الفيلم الوثائقي حول تاريخ صناعة السفن في دولة الإمارات، تحت عنوان «الخشب القديم» مجموعة من المهتمين بالتراث البحري، منهم مساعدة أمين متحف الشارقة للسفن والحياة البحرية، سميرة الغيص، والباحث والمؤرخ الدكتور محمد الحمادي، ورئيس الأحواض الجافة العالمية والملاحة العالمية، خميس جمعة بوعميم، إلى جانب المهتمين بمجال الإنتاج الفني مثل مالكة ومؤسسة شركة «شو ـ رانر» للإنتاج الفني، رانيا المغربي.

في ختام المؤتمر تم تكريم مجموعة من رواد التراث البحري الذين أسهموا في صناعة السفن قديماً، والذين شاركوا في «الخشب القديم»، إلى جانب مشاركين ومهتمين في التراث البحري.

تويتر