‬6 شعراء في الأمسية الافتتاحية ضمن «ملتقى الإبـــداع الخليجي» بالشارقة

مطر وقصائد في فضــــاء مفتوح

صورة

في فضاء مفتوح جاءت الأمسية الشعرية الافتتاحية ضمن فعاليات الدورة الثالثة لملتقى الإمارات للإبداع الخليجي الذي ينظمه اتحاد كتاب وأدباء الإمارات. وشارك في الأمسية التي أقيمت، أول من أمس، في الحديقة الخلقية لفندق «سنترو» في الشارقة، ستة شعراء قرأوا قصائد، في أجواء مطر هطل قبل بدء اللقاء، كما لو أن الطبيعة تقرأ قصائدها أيضاً، فكانت أمسية للشعر والمطر، في فضاء يليق بالشعر، وتحرسه أشجار نخيل.

فعاليات الاختتام

ينظم اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، اليوم، جلستين بحثيتين ضمن فعاليات الدورة الثالثة لملتقى الإمارات للإبداع الخليجي، في قاعة أحمد راشد ثاني في مقر الاتحاد في الشارقة. تبدأ الجلسة الأولى الساعة العاشرة صباحاً، ويقدم فيها الدكتور حمود الدغيشي من عمان ورقة بعنوان «القصيدة الحديثة في الخليج: الآفاق وهواجس التغيير»، تليها الجلسة الثانية، ويتحدث فيها كل من صالح غريب من قطر، والدكتورة ميساء الخواجا من السعودية حول «القصيدة الحديثة في الخليج: بحث في الأصول والملامح والتطور التاريخي».

ويختتم الملتقى أعماله، في الساعة السابعة والنصف مساء اليوم، بأمسية شعرية في مؤسسة سلطان العويس الثقافية في دبي، يشارك فيها إيمان أسيري من البحرين، وبن عزوز عقيل من الجزائر، وجميل مفرح من اليمن، وحمدة خميس من الإمارات، وسعيدة بنت خاطر من عمان، وعبدالرحمن الحربي من السعودية، ونشمي مهنا من الكويت.

الشاعر خالد الظنحاني أدار الأمسية، منوهاً في بدايتها بتزامن ملتقى الإبداع مع احتفالات اليوم الوطني، وقد زيّن علم الإمارات باقة الزهور على المنصة التي تناوب عليها الشعراء أحمد العجمي من البحرين، وطالب عبدالعزيز من العراق، وزكية مال الله من قطر، ومسعود حديبي من الجزائر، وخلود المعلا من الإمارات، وعبدالله العريمي من عمان.

في الأمسية تعددت الأصوات على منصة واحدة، وتفاوتت مناخات النصوص وحساسياتها، ولم تخل من أخطاء لغوية متتالية وقعت فيها الشاعرة القطرية، وعلق أحد الحاضرين بأن «الشاعرة لا تعترف بحروف الجر، ولذلك تضم ما شاء لها من الكلمات». وعلق آخر على قصائد الشاعر الجزائري، واصفاً إياها بأنها «مجرد خواطر بسيطة». لكن الشعراء الأربعة الآخرين عبروا عن تجارب تفاعل معها الجمهور الذي ضم كثيراً من الكتّاب، خصوصاً أن الأمسية أقيمت جوار مطار الشارقة، وكل الحاضرين جاؤوا خصيصاً بوصفهم عشاقاً للشعر، على الرغم من بعد المكان عن وسط مدينة الشارقة.

الشاعر أحمد العجمي افتتح الأمسية، وقرأ مجموعة من قصائده، من بينها «عند النبع» التي يقول فيها:

«هل هو صوت البيانو

أم هي الكلمات المنخفضة

التي يلعب بها الظلام».

وفي قصيدته «متعة زائدة» يبحث عن طباع النور، يقول فيها:

«اتركوا لي الصحن والكأس

أريد أن أعثر على ذاتي ببطء

أن أجد النجمة

التي لم تصب بالعمى

ها هي هنا، هناك، فوق شجرة المعرفة».

أما الشاعر طالب عبدالعزيز فيقول في قصيدته «الطين مرتفع عن الماء»:

«شجرة الأثل المرمية منذ أمس

لا، لم يكن حلماً، قطعاً

قلت: لم يكن حلماً

هذا الحجر يفقد مرتبته في الأعلى

فتهبّ الريح من هناك».

وجاءت مشاركة الشاعرة زكية مال الله رهينة للسجع، إذ تقول في قصيدة لها:

«للحب ودائع من نور

تضج بأعماقي كالناي المسحور

وللحب العابر فوق خطوط الوقت

وحولك الجنيات عرائس وبنات الحور

تزهو بثياب من سندس وحرير واستبرق

وتفوح بعطر وبخور».

أما الشاعر مسعود حديبي فقرأ «خواطر»، كما وصفها أحد الحضور، ولم تعبر مشاركته عن مستوى الشعر في الجزائر، التي تحل «ضيفة شرف» في ملتقى الإبداع الخليجي.

وفي أجواء الغيم الذي تعشقه، قرأت الشاعرة خلود المعلا قصائد من مجموعتها «أمسك طرف الضوء» التي تصدر قريباً عن دار «فضاءات» في العاصمة الأردنية عمان، كما قرأت قصائد من مجموعتها «ربما هنا». تقول الشاعرة في قصيدة «طقوس»:

«كثيراً ما أنثر ضفائر وحدتي على جسد الليل

أنتشي بانسدال السكون على حالي

أُطلّ من شرفة قلبي

فأرى قمة الجبل عامرة بغمامها

إذاً

ثمة انعتاق مبهر يسري في أوصالي حين ينام الكون».

ومن غيم في السماء إلى غيم في القصيدة، تقول خلود المعلا في قصيدة «بيت» من مجموعتها الجديدة:

«حين أرى الغمامَ يتلاشى

أتمنى لو أنَّ بوسعي الاختفاء معه

أمنيةٌ كهذه أنسَتني الطريقَ إلى البيت

لا ينبغي أنْ أواصلَ التمنَّي».

الأمسية اختتمها الشاعر عبدالله العريمي الذي يقول في قصيدة «الطريق إلى البيت»:

«كلّ شيء يفيض بمعنى

ليثبت أني ما زلت طفلاً

التراب الذي دسته

يتلون مثل الفراشة في ضوء هذا الجسد

مناديل أُمي التي انعقدت كالتمائم

فانفلتت وردة من شقوق الأبد».

وحول الأمسية الأولى في الملتقى، ذكر بيان صحافي لاتحاد كتاب الإمارات أن النصوص التي قرأها الشعراء الستة «مثلت اتجاهات مختلفة في القصيدة العربية، سواء من حيث الأشكال الفنية أم المضامين والرؤى، فمن قصيدة النثر، كما لدى العجمي وعبدالعزيز ومال الله والمعلا، إلى قصيدة التفعيلة كما لدى حديبي والعريمي، وإلى قصيدة العمود كما لدى العريمي أيضاً. ومن القصيدة الطويلة إلى النص القصير الوامض، ومن اللغة البسيطة الشافة إلى الجملة المركبة المنفتحة على مختلف الدلالات، ومن الهم الخاص إلى القصيدة السكونة بهموم الكون والحياة والوطن».

وأضاف البيان أن العجمي قرأ «عند النبع»و«ذكاء النجوم وصفاؤها» و«من تحت الرمال»، وحضرت في هذه النصوص الطبيعة بمختلف عناصرها، في تشكيلات شعرية لها أبعادها الروحية والجمالية. فيما حضرت الذاكرة في نصوص عبدالعزيز تضفي عليها حيوية وحساً دافئاً. أما نصوص مال الله فكانت مسكونة بهواجس الحب والحنين. وكان الوطن عنواناً عريضاً لمجمل نصوص حديبي. في حين قدمت نصوص المعلا إضاءات وامضة كشفت عن جوانب في عالم الأنوثة والحنين والغياب، وختم العريمي بغنائيات تنقلت بين عوالم الطفولة والحب والحياة.

القصيدة الحديثة

تواصلت، صباح أمس، فعاليات الدورة الثالثة من ملتقى الإمارات للإبداع الخليجي الذي ينظمه الاتحاد، فانعقدت جلستان بحثيتان في قاعة أحمد راشد ثاني في مقر الاتحاد في الشارقة، عالجت أولاهما موضوع »القصيدة الحديثة في الخليج: التحولات والاستجابة»، وشارك فيها الدكتور أحمد الزعبي الناقد الأردني المقيم في الإمارات، وجعفر حسن من البحرين، والدكتور سالم خدادة من الكويت، وأدارها محمد المزيني من السعودية.

بدأ خدادة الجلسة بورقة حملت العنوان «عن القصيدة العمودية في الشعر العربي الحديث»،تحدث فيها عن الحضور المتواصل والمؤثر لهذه القصيدة في المشهد الشعري الخليجي، وأكد أن لهذه القصيدة إمكانات وطاقات تعبيرية وجمالية وإيقاعية تؤهلها للاستمرار والتجدد.

وحملت ورقة الزعبي عنوان «مظاهر الحداثة في الشعر الإماراتي»، تناول فيها عدداً من النصوص الشعرية الإماراتية، التي اتسمت بأبعاد حداثية، وظهرت فيها تقنيات أو مصطلحات تنتمي إلى المدارس النقدية الجديدة. فقد وظّفت هذه الكتابات أساليب التناص وتيار الوعي والمونولوج والقناع والارتداد والانزياح والشعرية وغيرها، وطرحت رؤى فكرية جديدة مواكبة لعصرها، متمردة على واقعها التقليدي، ومحرضة على التغيير والتطوير وفتح آفاق المستقبل. واختتم جعفر حسن بورقة حول «القصيدة الحديثة في الخليج، كتاب التحولات، أحمد العجمي نموذجاً»، تناول فيها أهم تحولات القصيدة في الخليج ومظاهرها في قصيدتي التفعيلة والنثر من خلال تجربة الشاعر العجمي، خصوصاً في جوانبها الفنية والجمالية والإنسانية عبر محاور الدهشة واللغة والحدث الشعري والمتغيرات الاجتماعية.

أما الجلسة الثانية فكان محورها «القصيدة الحديثة في الخليج: الانفتاح على الأجناس والفنون الأخرى»، وأدراها الناقد المصري عبدالفتاح صبري مشرف نادي القصة في اتحاد الكتاب، وشارك فيها الباحث اليمني الدكتور إبراهيم أبوطالب بورقة حملت العنوان «مرايا الفراشة ونارها.. قراءة في ديوان الشاعرة بروين حبيب»، متخذاً من تجربة بروين حبيب أنموذجاً للقصيدة الخليجية في علاقتها بأجناس أدبية مختلفة، كالأسطورة وطقوس التعبد والحكاية والسرد.

أعقبه الباحث العراقي حسن مجاد بورقة بعنوان «تجليات القناع بين الأداء الدرامي والنزوع الذاتي في القصيدة العراقية الحديثة»، حيث سلط الضوء على تقنية القناع كما ظهرت في تجارب عدد من الشعراء العراقيين، وكان من محاور هذه الورقة تجليات القناع في القصيدة العراقية، والقناع بين السياب والبياتي، والعودة إلى الموروث، وتمثلات أطلال امرئ القيس، وقناع الوعي الوجودي للمنفى العراقي.

 

تويتر