«تخلخل العظام» يهدد صحة الإنسان بصمت
يُعد مرض تخلخل العظام من الأمراض التي تصيب الإنسان مع تقدمه في السن، وقد يشكل خطراً على حياته، إذا لم يتم التغلب على أعراض المرض من خلال اتباع طرق معينة من العلاج، ونظام تغذية صحي غني بالكالسيوم وفيتامين «دي». وعندما تنخفض كثافة كتلة العظام في جسم الإنسان، فإن ذلك إشارة إلى الإصابة بمرض تخلخل العظام أو وهن العظام. ويقول المدير الطبي في مستشفى العظام التخصصي في باد نوينار الألمانية، توماس كاوش، إن «العظم الذي يتم استخدامه بشكل مكثف يخزن بشكل أكبر مادة الكالسيوم، وهذا من شأنه أن يقوّي العظام». ولا يلاحظ معظم المصابين فترة طويلة إصابتهم بمرض وهن العظام، الذي يتسلل إلى العظام ويصيبها بالهشاشة على مدى 10 إلى 15 عاماً. وعادة لا يكتشف المصابون المرض إلا بعد حدوث كسر في أحد العظام.
تصاب العظام بالوهن لدى كل امرأة من إجمالي ثلاث نساء فوق سن الـ50، أي بعد انقطاع الطمث، بسبب تراجع الهرمونات. وإجمالاً تعد النساء أكثر تعرضاً للإصابة بانخفاض كتلة العظام أكثر من الرجال. ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية فإن مرض وهن العظام يعد من ضمن أهم 10 من أمراض العصر الحديث، وعلى الرغم من ذلك فإن العديد من الناس لا يعطون هذا المرض أي أهمية، وهذا من شأنه أن يشكل خطراً على حياة المصاب، فوفق ما يؤكد كاوش فإن «وهن العظام في حالاته القصوى مرض يهدد حياة الإنسان»، ويوضح كاوش أن أقصى حالات هذا المرض هو الإصابة بكسر في الورك، لافتاً إلى أن نسبة الوفاة لدى المصابين به أكبر من المصابين بنوعية أخرى من الكسور.
الفحص المبكر
قوة الهرمون قام باحثون في جامعة فيلانوفا في نيويورك بدراسة طبقات العظم البشري مجهرياً، واكتشفوا أنه يحتوي على نوعين من هرمونات يساعد وجودهما مع بعض في تماسك نسيج العظم ومنعه من الاتساع. ويقوم أحدهما، ويدعى هرمون «أوستيكالين»، بحماية عظام الإنسان من الكسر. واعتبر الباحثون نتائج الدراسة مهمة، لأنها كشفت الأسباب التي تؤدي إلى الكسر، وأهمها خلل في الهرمون المذكور. ويدرس العلماء حالياً إمكانية الحد من وهن العظم عند كبار السن من خلال تقوية هرمون أوستيكالين. وقال خبراء في نيويورك إن الطريقة لجعل الهرمون قوياً في العظام تكون بتناول السبانخ والورقيات أو كل ما يحتوي على فيتامين «ك»، لأن امتصاص هذا الأخير سهل على النسيج العظمي. تناول الكافيين تحتوي القهوة والشاي والمشروبات الغازية على مادة الكافيين، التي قد تقلل امتصاص الكالسيوم، وتسهم في فقدان العظام، وينصح بالاعتدال في تناول هذه المشروبات، فشرب أكثر من ثلاثة أكواب من القهوة يومياً قد تتداخل مع امتصاص الكالسيوم، وتسبب هشاشة العظام. أما بالنسبة للمشروبات الغازية، فبعض الدراسات تشير إلى ارتباط تناول المشروبات الغازية مع فقدان العظام.
|
من الممكن الكشف بشكل مبكر عن الإصابة بمرض وهن العظام، وذلك من خلال الفحص بالأشعة السينية الرقمية التي تقيس مدى كثافة العظم. ويقول كاوش في هذا الإطار إن «هذا الفحص مختلف عن الفحص المتداول بالأشعة، لأن كمية الأشعة المستخدمة خلال الفحص قليلة»، مضيفا «خلال هذا الفحص يتم قياس كمية الكالسيوم في مناطق محددة من الجسم، خصوصاً في منطقة الورك، لأنها تتعرض للكسر بسهولة. وفي حال تم تسجيل انخفاض حاد في نسبة الكالسيوم عن المعدل العادي، فإن ذلك يعني الإصابة بوهن العظام؛ وعندما يتم تشخيص انخفاض كتلة العظام في الجسم، نقوم بوضع برنامج يتناسب مع التشخيص، منها وحدات من العلاج البدني، وتمارين للحيلولة دون الوقوع والإصابة بكسور».
هناك بعض الأدوية التي تسهم في الإصابة بمرض وهن العظام، فعندما يضطر المصابون بمرض الروماتيزم إلى تناول الكورتيزون طوال حياتهم، فإن هذه المادة أحياناً تسبب لهم إصابة بمرض وهن العظام، وكذلك العلاج الكيمائي بعد الإصابة بمرض السرطان يتسبب أيضاً في الإصابة بوهن العظام، وهو ما حدث لريغينا بروير، التي تم لديها عام 2002 تشخيص سرطان المعدة، وبعد عملية استئصاله تم إخضاعها للعلاج الكيميائي، الأمر الذي تسبب لها في الإصابة بنوع ثانوي من وهن العظام، ويتعين على ريغينا ممارسة الرياضة، وكذلك تغيير نظامها الغذائي، والتركيز على المواد الغذائية التي تحتوي على كميات كبيرة من الكالسيوم وفيتامين «دي». أما من تقدم لديهم المرض فيتم علاجهم باستخدام مادة «بيسفوسفونات»، التي توقف عملية انخفاض كتلة العظام، وبالتالي تقليص خطر الإصابة بكسور. ولمادة «سترونشيوم» تأثير مماثل، وكذلك الهرمونات بإمكانها المساعدة على وقف انخفاض كتلة العظام، لكن العلاج بالهرمونات يرفع من خطر الإصابة بسرطان الثدي لدى النساء.
إذن، بالإمكان معالجة مرض وهن العظام في حالات عدة من خلال التغذية الصحيحة والحركة.
عن «دوتشيه فيلله» و«إهيلث ماكس»