معتقل نيلسون مانديلا يتحوّل إلى مزار سياحي

«روبــن آيلاند».. انتصار الروح

صورة

تُمثل جزيرة روبن آيلاند الواقعة في جنوب إفريقيا رمزاً لانتصار الإرادة والروح الإنسانية على الظلم والتمييز العنصري ليس فقط لتلك الدولة الإفريقية بل للعالم بأسره.

وتستقطب هذه الجزيرة حالياً أعداداً غفيرة من السياح للتعرف إلى التاريخ المظلم لهذه الجزيرة التي كانت معتقلاً ومنفى للمعارضين السياسيين، قبل سقوط نظام التمييز العنصري في جنوب إفريقيا.

قمة الشيطان

طبيعة خلابة

بعد التجول في هذا السجن الشهير يأخذ المرشد السياح في جولة بالجزيرة لرؤية أهم معالمها، حيث يمكن التمتع بطبيعتها الخضراء الخلابة وأنواع الطيور الكثيرة. وتحوي جزيرة روبن نحو ‬132 نوعاً من الطيور البحرية والمائية والبرية، وتوفر لها مأوى وملاذاً آمناً؛ لأن بعضها مُعرّض لخطر الانقراض. وشهد عام ‬1996 مغادرة آخر سجين لجزيرة روبن آيلاند، لكن هذه الجزيرة ستظل تحمل رمزية كبيرة لجنوب إفريقيا الجديدة، حيث قام نيلسون مانديلا قبل ساعتين من رأس السنة الجديدة في ‬1999/ ‬2000 بتسليم شمعة تحترق إلى خليفته ثابو مبيكي، ترمز إلى أن شعلة الحرية لا يمكن إطفاؤها.

تقع جزيرة روبن آيلاند على بعد مسافة سبعة كيلومترات قبالة سواحل كيب تاون، ويتمكن السياح خلال الرحلة بوساطة العبَّارة من الاستمتاع بالعديد من المناظر البانورامية الرائعة، حيث يظهر أمامهم في المنتصف جبل الطاولة بارتفاعه الذي يبلغ ‬1000 متر، وعلى اليسار واليمين تتبدى القمم الجبلية المعروفة باسم «قمة الشيطان» و«رأس الأسد»، وعند سفح الجبل تقبع مدينة كيب تاون المترامية الأطراف. ولا يمكن للسياح تجاهل منظر الاستاد البديع في منطقة غرين بوينت، الذي أقامته جنوب إفريقيا بمناسبة تنظيمها نهائيات كأس العالم خلال ‬2010، ولا يتوقف كل السياح تقريباً عن التقاط صور لهذه المناظر البانورامية الرائعة.

رمز الوحشية

تستغرق العبَّارة نحو ‬30 دقيقة للوصول إلى جزيرة روبن آيلاند، التي كانت معروفة عالمياً رمزاً للوحشية والظلم، حيث كانت السلطات التي كان يسيطر عليها البيض حينها تنفي معارضي سياسة التمييز العنصري من الأفارقة والأعراق الأخرى إلى الجزيرة لعزلهم، حيث قضى بعض المطالبين بالحرية والمساواة أكثر من ربع قرن في سجون الجزيرة.

وأثناء الرحلة لا يكاد ينتبه أي شخص للصوت الصادر من السماعات باللغة الإنجليزية، الذي يوضح بعض الحقائق والمعلومات عن جزيرة روبن آيلاند.

وترسو العبَّارة في الميناء الصغير بالجزيرة، ويشاهد السياح على بوابة هذا السجن القديم كلمة «نحن نخدمك بكل فخر». ويقف ديريك باسون، أحد السجناء الذي أمضى سنوات عديدة معتقلاً في جزيرة روبن آيلاند، في استقبال السياح ليشرح لهم المعالم الأثرية في هذه الجزيرة.

علاج الجذام

يوضح المرشد السياحي أن الهولنديين استخدموا جزيرة روبن آيلاند خلال القرن الـ‬16 معتقلاً للسجناء. وفي وقت لاحق تم استغلال هذه الجزيرة مكاناً لعلاج مرضى الجذام، وتوجد هناك مقبرة كان يتم بها دفن هؤلاء المرضى. ويتوجه السياح بعد ذلك إلى منزل رئيس حزب المؤتمر، روبرت سوبوكيه، الذي يعد السجين السياسي الوحيد الذي قضى تسع سنوات كاملة في الحبس الانفرادي. وفي المحطة التالية في الجولة السياحية بجزيرة روبن آيلاند يتوجه السياح إلى زيارة السجن المزود بحراسات أمنية مشددة، حيث كان يتم احتجاز السجناء السياسيين من الحركة المناهضة لسياسة الفصل العنصري مع عتاة المجرمين.

أشهر سجين

يعد نيلسون مانديلا، زعيم حزب المؤتمر الوطني الإفريقي الذي أصبح في ما بعد أول رئيس لجنوب إفريقيا الديمقراطية الجديدة، أشهر سجين في جزيرة روبن آيلاند، حيث قضى في هذا المعتقل ‬27 عاماً من حياته في زنزانة صغيرة، ويصف نيسلون مانديلا في سيرته الذاتية «مسيرة طويلة نحو الحرية» سنوات احتجازه المريرة.

وأوضح نيلسون مانديلا في إحدى شهاداته عن تجربته في الاعتقال، أن ظروف الاعتقال كانت صعبة للغاية على الأقل خلال السنوات الأولى، حيث كان السجناء يعملون في المحاجر، ولم يكن هناك كساءٌ كافٍ فضلاً عن سوء التغذية، لكن في عام ‬1971 طرأ بعض التحسن على ظروف الاعتقال، حتى إنهم سمحوا للسجناء بالدراسة.

وأشار المرشد السياحي ديريك باسون إلى أنه «هنا كانت زنزانة نيلسون مانديلا»، ولم يطرأ أي تغيير على هذه الزنزانة التي لا تتعدى مساحتها ستة أمتار، حيث توجد بها أرضية حجرية عليها غطاء للنوم، ودلو كان يُستخدم مرحاضاً. ويتلمس السياح من كلام المرشد السياحي أنه في غاية الفخر لما حققوه خلال فترة سجنهم، حيث تمكنوا على المستويين النفسي والسياسي من تحويل هذا السجن إلى رمز للحرية والتحرير الشخصي، عن طريق التغلب على جلاديهم وهيئة السجون في ذلك البلد.

 

تويتر