مرتفعات معزولة عن العالم وبلا وسيلة اتصالات

سييرا هاي روت.. جنة للتزلـج فـوق قمــم الجبال

صورة

تشتهر سلسلة سييرا نيفادا الجبلية بكثرة القمم المغطاة بالثلوج، والتي تتيح للسياح إمكانية الاستمتاع بالتزلج على الجليد فوق قمم الجبال، حيث يصل ارتفاع جبل مايلستون إلى ما يقرب من ‬4160 متراً. وتقع هذه المنطقة الجبلية الوعرة ما بين ولايتي كاليفورنيا ونيفادا الأميركيتين. ويمر طريق «سييرا هاي روت» عبر منطقة مايلسون الوعرة التي يبلغ ارتفاعها ‬4000 متر بالقرب من هذه القمم الجبلية المغطاة بالثلوج. ويعد هذا الطريق هو أعلى منطقة وأكثرها خطورة في جولة التزلج.

طبيعة معزولة

تمتاز المنطقة بانعزالها التام عن العالم، حيث تبعد أقرب مدينة في اتجاه الغرب نحو ‬40 كيلومترا أو ‬20 كيلومترا في اتجاه الشرق، علاوة على أن شبكات الاتصالات الجوالة لا تعمل في هذه المنطقة الجبلية الوعرة، ولا يظهر بها أي علامات من مظاهر الحضارة الإنسانية المعاصرة، حيث لا توجد منحدرات أو مصاعد للتزلج، ولا توجد بها أكواخ حقيقية يمكن للسائح أن ينعم فيها ببعض الدفء في ظل البرد القارس، ومن ثم فإن اختراق منطقة سييرا نيفادا الجبلية على الزلاجات في جولة تستغرق أسبوعاً تعد مغامرة فريدة من نوعها في أحضان طبيعة معزولة تماماً.

ولم تعد هذه المنطقة تتمتع بشهرة كبيرة مثل طريق «هوت روت»، الذي يمتد من شامونيكس إلى زيرمات، ويستقبل آلاف السياح سنوياً، الذين يرغبون في الانطلاق في رحلات التزلج المدهشة. ويمر هذا «الطريق العالي» بأكواخ ومناظر طبيعية خلابة بجبال مونت بلانك وماترهورن ومونته روزا، كما أنه يخترق الوديان التي تتيح للسياح إمكانية الوصول إلى القرى القريبة بسرعة.

ويقارن بيلا فادازيتش، المرشد السياحي خلال جولات التزلج، بين الطريقين بقوله «إنها مقارنة ما بين التفاح والكمثرى». وقد هاجر بيلا فادازيتش، الذي يبلغ من العمر ‬59 ربيعاً من المجر عندما كان طفلاً واستقر في كاليفورنيا، وعلى دراية تامة بطريقي التزلج، بالإضافة إلى أنه تجول مرات عدة عبر جبال الألب، فضلاً عن اختراق منطقة سييرا نيفادا بواسطة الزلاجات.

ويقارن فادازيتش بين جبال الألب ومنطقة سييرا نيفادا قائلاً «تمتاز جولات جبال الألب بالمناظر الطبيعية الخلابة والطرق الرائعة، ويتمكن السياح من الصعود لأعلى الجبال بواسطة السكك الحديدية، والاسترخاء في الأكواخ المريحة والمدفأة، فضلاً عن إمكانية التواصل مع الأهل والأصدقاء وإجراء المكالمات الهاتفية، بل وأخذ حمام دافئ. وعلى النقيض من ذلك تفتقر منطقة سييرا نيفادا إلى كل هذه التجهيزات السياحية وتتمتع بطبيعة برية حقيقية، حيث يقوم السياح بنصب الخيمة في أي مكان، والاعتماد على أنفسهم في كل شيء».

وقد اجتمع المرشد السياحي بيلا فادازيتش بخمسة من الأصدقاء المتحمسين لجولة تزلج على الجليد في لودج فوساشي الواقع عند مدخل حديقة سيكويا الوطنية، حيث تتم الاستعدادات النهائية لمثل هذه الجولات. وهنا يجب على كل سائح التخلص من جميع الأحمال غير الضرورية.

وتبدأ الجولة خطوة خطوة لأن المرء يتنفس بصعوبة على الارتفاعات الشاهقة. وبدءاً من ارتفاع ‬3000 متر يبدأ ظهور الجليد على قمم الجبال، الذي يَعد السياح بتجربة مثيرة وسط الطبيعة في الأيام الستة المقبلة. ويضم هذا المشهد البديع جبالا غرانيتية مسننة وأخاديد صخرية حادة إلى جانب الوديان المغطاة بالجليد ناصع البياض، الذي يمتد أمام السياح إلى ما لا نهاية.

وتتقاطع تسعة ممرات جبلية مرتفعة مع الطريق «هاي روت» الذي يمتد لمسافة ‬60 كيلومتراً. ويقضي السياح معظم الوقت على ارتفاع يزيد على ‬3500 متر، وعلى نهاية الحافة الوعرة يقترب السياح من جبل ويتني بارتفاعه البالغ ‬4421 متراً، الذي يعد أعلى قمة جبلية في الولايات المتحدة الأميركية خارج ولاية ألاسكا.

روح الفريق

يضيف المرشد السياحي «ليس بالضرورة أن يكون السائح خبيراً في التزلج على الجليد، كي يتمكن من عبور منطقة سييرا نيفادا، لكن الأهم أن تسود روح الفريق وأن يتمتع بلياقة بدنية، ويكون لديه استعداد لقطع أميال عدة، ولا يتعلق الأمر هنا بمدى طول ووعورة الطريق، إنما بالاستمتاع بجمال الطبيعة البرية».

فيما يرى جيمس بارك، مهندس الكهرباء الكندي، «نظراً لبعد هذه المنطقة الجبلية عن الطرق الممهدة والضوضاء المعتادة في المدن، ينعم السياح بالهدوء والصمت الرهيب الذي يخيم على المكان. وينساب هذا الهدوء إلى حواسك، ويفتح أمامك عالماً مختلفاً تماماً».

ويقوم هذا السائح، الذي يرتدي سترة سميكة، بالحفر على حافة البحيرة المتجمدة، حيث يحيط بهذا المخيم الذي يقع على ارتفاع ‬3500 متر جبال شديدة الانحدار. وبينما يقوم هذا السائح بحفر ثقب في الجليد للحصول على المياه، يقوم السياح الآخرون بنصب الخيام للمبيت فيها.

وتقف تراسي كراكوسكي على حافة ممر «شيبرد باس» الذي يبلغ ارتفاعه ‬3600 متر. وأطلق هذا الاسم على الممر؛ لأن الرعاة يقومون خلال فصل الصيف برعي حيواناتهم فوق الجبال المرتفعة. وتعترف خبيرة الكمبيوتر الكندية بأن الدموع التي انحدرت من عينيها ليست بفعل الرياح الشديدة، التي هبت على السياح بشدة في اليوم الأخير من الجولة، لكنها بسبب الشعور العظيم الذي انتابها عندما أوشكت على إنهاء جولة عبر منطقة سييرا نيفادا الوعرة كانت تبدو مستحيلة للوهلة الأولى.

ولم يبق الآن أمام السياح سوى ‬1800 متر لنزول الجبل، والابتعاد عن المنطقة المغطاة بالجليد والوصول إلى وادي أوينز الجاف، حيث ينحدر مسار التجول شيبرد لأسفل في طريق متعرج. ويعتبر مكان الانتظار سيميس جريك هو نقطة ختام هذه الجولة السياحية الرائعة فوق الجليد، ويقع هذا المكان بالقرب من بلدة إنديبندانس على الجانب الشرقي من سييرا نيفادا.

وفي البداية كان السياح يقومون باحتساب المنعطفات والطرق المتعرجة، لكن بعد المرور على مجموعة كبيرة من الطرق الملتوية، اختلط عليهم الأمر، ولم يعد بإمكانهم مواصلة عملية الحساب. ولم يعد السياح يشعرون بحقائب الظهر الثقيلة المعلق بها الزلاجات، وبدأ يظهر حرقان البثور في القدم نتيجة ضغط أصابع القدم في أحذية التزلج أثناء السير على المنحدرات الشديدة. وعلى أية حال سينعم السياح بشعور «عالٍ» للغاية، حتى إذا كانوا في أدنى نقطة بطريق «سييرا هاي روت».

 

تويتر