الإدمان السلوكي.. أعراضه وسُبل علاجه
يطل الإدمان بأوجه متعددة، منها إدمان المخدرات والمشروبات الكحولية والإدمان السلوكي، مثل إدمان الإنترنت. ومن السهل تعريف مفهوم وتشخيص أعراض إدمان المخدرات والكحوليات، في حين يصعب ذلك مع الإدمان السلوكي. ويعكف علماء النفس حالياً على وضع مفهوم دقيق للإدمان السلوكي، وتحديد أعراضه وسبل علاجه.
ويقول البروفيسور أندرياس هاينز إن من الصعوبة بمكان تعريف مفهوم إدمان بعض السلوكيات، كإدمان ألعاب الكمبيوتر، معللاً ذلك بقوله «الإدمان السلوكي عادةً لا تكون له أعراض جسدية ظاهرة، على الرغم من أنه يمتاز برغبة ملحة، وفقدان السيطرة والتحكم، مثل حالات الإدمان المرتبطة بالمواد المخدرة أو المشروبات الكحولية».
ويستدرك هاينز، من عيادة الطب النفسي والعلاج النفسي بمستشفى شاريتيه الجامعي بالعاصمة الألمانية برلين، قائلاً «لكن هذه الرغبة في حد ذاتها لا تكفي لتشخيص حالة الإدمان السلوكي».
ويعكف العلماء في جميع أنحاء العالم حالياً على وضع المعايير الخاصة بتشخيص حالات الإدمان السلوكي وتعريفها بدقة. وفي هذا السياق يجري حالياً تنقيح التصنيف الدولي للأمراض.
المقامرة المرضية
الجمعية الألمانية للطب النفسي والعلاج النفسي والطب النفسجسدي وعلم الأعصاب بالعاصمة برلين، أوضحت أن تصنيفات الأمراض السابقة تشتمل على حالة المقامرة المرضية فقط، ومع ذلك فإنها ليست مدرجة في فصل الإدمان؛ نظراً لأنها توصف حالياً على أنها اضطرابات في السيطرة على الدوافع. ومن المتوقع أن يتغير هذا التصنيف قريباً؛ نظراً لأن معايير تشخيص حالة المقامرة المرضية تتداخل بدرجة كبيرة للغاية مع تشخيص حالات إدمان المواد المخدرة، مثل النيكوتين والكحول والهيروين. وأوضح البروفيسور كارل مان، من المعهد المركزي للصحة النفسية بمدينة مانهايم الألمانية، قائلاً «هناك ستة من تسعة معايير تتطابق مع إدمان المواد المخدرة، وتشمل هذه المعايير إلى جانب الضغوط الناجمة عن الإدمان، ازدياد الجرعة باستمرار، وفقدان السيطرة والتحكم، بما في ذلك مخاطر تهدد العلاقات الاجتماعية، والاعتماد على الألعاب وسيلة للهروب من المشكلات، إضافة إلى أن نتائج الدراسات العصبية الحيوية في السنوات الأخيرة أظهرت أن إدمان الألعاب يؤثر بالسلب في نظام المكافأة في الدماغ، مثل تعاطي المواد المخدرة تماماً.
ولايزال الخبراء منقسمين حول ما إذا كان الإفراط في استخدام الإنترنت يمثل حالة إدمان في حد ذاته. ويشير البروفيسور كارل مان إلى أن العلماء في الولايات المتحدة الأميركية يعتقدون بأنه لا توجد أدلة كافية لتشخيص الإفراط في استخدام الإنترنت بأنه حالة إدمان.
أعراض الانسحاب
أوضح فلوريان ريهباين، من معهد البحوث الجنائية بولاية سكسونيا السفلى، أنه يمكن تقسيم إدمان الإنترنت إلى بعض الجوانب الفردية. ويضيف الخبير الألماني أن معايير تشخيص الحالة التي تعرف باسم اضطراب ألعاب الإنترنت تشتمل على أعراض مثل الانشغال العقلي، بسبب الرغبة في اللعب، وظهور أعراض الانسحاب النفسية، مثل الخوف والقلق، علاوة على أنه يتم استخدام الألعاب للحد من التوتر، وإخفاء المشاعر السلبية، والهروب من الواقع، بل يصل الأمر إلى حد فقدان الأموال والوظيفة.
وقد أظهرت نتائج الدراسات أن القدرة على الأداء تتأثر بشدة جراء إدمان ألعاب الكمبيوتر، فلا يتمكن الشباب مثلاً من أداء واجباتهم المدرسية بشكل جيد، علاوة على أنهم يكونون أقل اندماجاً مع أقرانهم في الفصل، إضافة إلى زيادة الخوف من الذهاب إلى المدرسة، والغياب كثيراً، وهو ما يؤدي في النهاية إلى الحصول على درجات منخفضة في الاختبارات المدرسية.
وغالباً لا يلجأ الشباب الذين يعانون إدمان ألعاب الكمبيوتر للحصول على مساعدة، إلا بعد ملاحظتهم انخفاض التحصيل الدراسي، كما أن تحذيرات صاحب العمل المتكررة أو حتى إنهاء خدمة الموظف تعد من العلامات الواضحة على تأثير إدمان الإنترنت.
العلاج المعرفي
يوفر العلاج النفسي بصفة خاصة وسيلة مساعدة للتخلص من هذه المشكلة. وأوضح البروفيسور كارل مان «يتم تقييم العلاج المعرفي السلوكي بشكل جيد في جميع أنحاء العالم». ويتعلم المرضى من خلال هذا العلاج كيفية التغلب على الإجهاد والتوتر العصبي بطريقة صحية، أو التعامل مع الأموال بمسؤولية، علاوة على أن المقابلات التحفيزية تعد طريقة ثانية للتخلص من إدمان الإنترنت وألعاب الكمبيوتر.
وأضاف الطبيب الألماني أنه يمكن استخدام الأدوية والعقاقير التي تحد من الرغبة في تناول المشروبات الكحولية أو المواد المخدرة، نظراً لأنها قد تحد من الرغبة في اللعب، لكن هذا الموضوع لايزال قيد الدراسة والبحث.