البهاق.. ليس سبباً يدعو إلى الحرج
يتعرض المصابون بمرض البهاق لمواقف محرجة تسبب لهم ألماً نفسياً رهيباً، حيث سرعان ما تظهر علامات الفزع على وجوه الآخرين عند رؤية البقع البيضاء المميزة له، ومن ثم يتجنبون التعامل مع المريض خشيةً على أنفسهم من العدوى. إلا أن البهاق في حقيقة الأمر ليس مرضاً معدياً، وإذا نجح المريض في التعايش معه، فلن يكون أيضاً سبباً يدعو إلى الحرج.
وأوضحت الجمعية الألمانية لمساعدة مرضى البهاق أن البهاق المعروف أيضاً باسم (البرص)، يُعد أحد أمراض المناعة الذاتية، وهو مرض ليس معدياً. وأضافت الجمعية أن الإصابة بالبهاق لا تتسبب في شعور المرضى بالألم، لكن فقط تلك النظرات الصادرة من الأشخاص المحيطين بهم هي التي توقعهم تحت ضغط نفسي كبير. وصحيح أنه توجد بعض الإمكانات العلاجية لهذا المرض، إلا أنه لا يُمكن الشفاء منه بشكل تام، لذا ينبغي على المصابين به التعايش معه.
وأوضحت الجمعية الألمانية أنه غالباً ما يرجع سبب الإصابة بالبهاق إلى التعرض لعبء نفسي شديد، لافتةً إلى أنه إذا تعرض المريض لضغوط إضافية في العمل أو في محيط عائلته، سيزداد حينئذٍ عدد البقع البيضاء على جسده. وأوضحت الطبيبة الألمانية آنكه هارتمان من قسم الأمراض الجلدية بمستشفى إرلانغن الجامعي، أن الإصابة بالبهاق غالباً ما تُعزى إلى عوامل جينية، موضحةً «يحدث البهاق غالباً بسبب حدوث تغير جيني، كالذي ينتج عن وجود تلوث بيئي مثلاً». وأردفت طبيبة الأمراض الجلدية أن الميل عموماً إلى الإصابة بأمراض المناعة الذاتية ومنها «البهاق» يرجع إلى عوامل وراثية، حيث ثبت أن ثلث مرضى البهاق تقريباً لديهم أقارب مصابين في عائلتهم. وأشارت الجمعية الألمانية إلى أن هذا المرض يتخذ مساراً مختلفاً لدى كل مريض، لافتةً إلى أنه غالباً ما تظهر أعراض الإصابة به على الوجه أو الأيدي أو القدمين في البداية، ثم تنتشر بعد ذلك في أماكن أخرى من الجسم.
أمراض مصاحبة
أضافت الجمعية أنه لا توجد أية أعراض أخرى للإصابة بالبهاق باستثناء البقع البيضاء هذه، لكن يعقبه الإصابة بالكثير من الأمراض المصاحبة، غالباً ما تتمثل في الإصابة باضطرابات في الغدة الدرقية أو بأحد أمراض المناعة الذاتية الأخرى وربما ينتج عنه أيضاً الإصابة بالسكري أو بأحد الأمراض الروماتيزمية أو بمرض الصدفية، الذي يندرج ضمن الأمراض الجلدية.
ويؤكد طبيب أمراض الجلدية الألماني رافائيل شيمشوني ضرورة استشارة الطبيب على الفور بمجرد ظهور الأعراض الأولى للإصابة بالبهاق، حيث يُمكن بذلك منع انتشار البقع البيضاء في أجزاء أخرى من الجسم بشكل مبكر. وأشار الطبيب الألماني إلى أنه غالباً ما تبدأ الإصابة بمرض البهاق في مرحلة الطفولة، حيث ثبت أن نصف المرضى أُصيبوا به قبل بلوغهم 20 عاماً. ونظراً لأن 1٪ من سكان العالم مصابون بمرض البهاق، يُعد هذا المرض واحداً من أكثر اضطرابات الصبغة اللونية شيوعاً على مستوى العالم.
الإشعاع الموضعي
أوصت طبيبة الأمراض الجلدية هارتمان - بناءً على خبرتها الشخصية - بأنه من الأفضل استخدام تقنية العلاج بالإشعاع الموضعي، الذي يتم خلاله تسليط الأشعة فوق البنفسجية ضيقة النطاق على المناطق المصابة بالبقع، حيث ثبت أن هذه الأشعة تعمل على إعادة الصبغة اللونية العادية إلى البقع البيضاء، إذا ما تمت العملية بنجاح. وأردفت هارتمان أن استخدام الكورتيزون أو نوعيات خاصة من المراهم يُمكن أن يُساعد في ذلك أيضاً. بينما أوضح الطبيب الألماني شيمشوني أن هناك بعض التقنيات العلاجية البديلة كالخضوع للمعالجة المثلية أو الوخز بالإبر، لافتاً إلى أن هناك بعض الأشخاص لا يستجيبون لأي من التقنيات العلاجية السابقة. لذا أوصاهم شيمشوني بمحاولة إخفاء هذه البقع من خلال الخضوع لعملية تسمير أو وضع الماكياج، بالنسبة للنساء.
وإلى جانب اتباع التقنيات العلاجية السابقة، أكدّ الأطباء جميعاً أهمية العامل النفسي في مسار العلاج، لذا أوصوا المرضى بضرورة تقبل مرضهم والبقع الناتجة عنه بكل رضا وممارسة حياتهم بشكل طبيعي دون التأثر بالنظرات المزعجة الصادرة من الأشخاص المحيطين بهم أو منحها أي اعتبار، فبذلك لن يمثل البهاق لهم سبباً يدعو إلى الحرج. كما حذروا المرضى من تركيز تفكيرهم على المرض، إذ لا يتسبب ذلك إلا في الوقوع تحت مزيد من الضغط العصبي وظهور بقع جديدة في الجسم.