«ويتصنداي».. جنة مرسومـة بالألوان المائية
تُعد جزر ويتصنداي بمثابة جنة طبيعية من الشعاب المرجانية الساحرة، إذ تزخر الجزيرة الواقعة قبالة سواحل ولاية كوينزلاند الاسترالية بتكوينات مرجانية تتخذ أشكالاً مختلفة، ومن بينها شكل القلب. كما أنها تمنح السياح إحساس الصفوة والمشاهير، إذ يصل إليها السياح على متن طائرة مائية ويستمتعون بشواطئ خلاّبة تنعم بالهدوء بعيداً عن صخب الحياة العصرية، وضجيج المدن الكبرى.
رمال تصدر صريراً يستقبل شاطئ وايتهافن بيتش السياح بأصوات صرير، ويقول الطيار دان بولتون: «تمتاز رمال الشاطئ بأنها ناعمة للغاية، لدرجة أنها تصدر صريراً عندما يمشي السياح عليها». ويضيف مساعد الطيار، تشاد بانفيلد، أنه «لا داع لارتداء أحذية عند السير على هذه الرمال، لأنها تتمتع بتركيبة خاصة تجعلها لا تسخن حتى تحت أشعة الشمس الساطعة. وفي تلك الأثناء قدم دان بولتون وتشاد بانفيلد للسياح أكواب المكسرات. وبمجرد أن سقطت إحدى هذه المكسرات على الأرض، التقطها طائر النورس على الفور». ويتجول السياح على الشاطئ المهجور، ويتجاذبون أطراف الحديث بكلمات تحاول أن تصف هذه الجنة المتفردة. وبعد ساعة من الاستمتاع بشاطئ وايتهافن بيتش يقوم مساعد الطيار ببعض الأعمال التحضيرية لإقلاع طائرة سيسنا من سطح الماء. وتسود أجواء هادئـة مقصورة الطائرة بعد أن يجلس السياح على مقاعدهم وهم يلقون نظرة الوداع على هذه البقعة الساحرة من العالم.
شعاب مرجانية رائعة تتخذ شكل القلب. د.ب.أ |
وعندما يتوجه السياح إلى مدينة إيرلي بيتش على متن إحدى طائرات سيسنا الأميركية، يمكنهم الاستمتاع بساعات من الاسترخاء والمتعة في أحضان الطبيعة الخلابة. كما يمكنهم معايشة التجارب الرائعة التي مر بها جيمس كوك، الذي اكتشف الجزيرة في عام 1770 خلال «يوم أحد الفصح»، لذلك أطلق على هذا الممر اسم ويتصنداي في وقت لاحق.
وعند الوصول إلى هذه الجزر تنخفض الطائرة إلى أن تقترب من سطح الماء، ثم ترتطم به، ويشعر الركاب بأن الماء صلب للغاية. ولكن لا داع للذعر أو الهلع، بل يجب على السياح الاستعداد لمعايشة أجواء الإثارة والمتعة الخالصة.
وفي البداية ينزلق السياح على المقاعد الجلدية بالطائرة المائية ذهاباً وإياباً، وتشرأب أعناقهم لمشاهدة المناظر الطبيعية الساحرة.
منظور عين الطائر
يبدأ الاستمتاع بجزر ويتصنداي من الجو، إذ يشاهد السياح مناظر خلابة للتكوينات والشعاب المرجانية من منظور عين الطائر، ولا تتوافر هذه الإطلالة الساحرة على الإطلاق لعشاق الرحلات البحرية على متن السفن. وتتشابه هذه التكوينات المرجانية مع نمط الصور التي يتم رسمها بالألوان المائية، خصوصا عند استخدام درجات اللون الأخضر والأزرق. ويمكن للسياح معايشة متعة الإبحار ما بين جزر ويتصنداي لأسابيع ممتدة على متن اليخوت الشراعية. ولكن مَن يفتقر إلى الوقت اللازم للقيام بجولة سياحية طويلة حول القارة الخامسة، يمكنه الاستمتاع بهذه المناظر الطبيعية الخلابة في جولة سريعة بمعنى الكلمة، إذ توجد هناك العديد من الشركات الصغيرة المتخصصة في رحلات الطيران بواسطة الطائرات المروحية أو الطائرات المائية.
وطالما أن الأحوال الجوية تسمح بالطيران فإن طائرات شركة آير ويتصنداي تقلع يومياً من أحد المطارات الصغيرة الخاصة في إيرلي بيتش. ولا توجد نقاط تفتيش أمنية في هذا المطار، لكن الطيار يقوم بإجراء هذا التفتيش بنفسه وبسرعة قبل ركوب الطائرة. والسؤال الأهم الذي يوجهه الطيار للسياح هو: هل اصطحبتم كاميراتكم معكم؟ نظراً لروعة المناظر الطبيعية التي تنتظر السياح، إذ يمكنهم التقاط صور لا مثيل لها لهذه الجزر من أعلى. وتتكلف هذه الجولة السياحية، التي تمتد لخمس ساعات، نحو 488 دولاراً أميركياً للشخص.
وهبطت طائرة سيسنا كارافان على سطح الماء واستقرت في المحيط على بعد 70 كيلومتراً من ساحل ولاية كوينزلاند الاسترالية، وتحيط الشعاب المرجانية بالطائرة من جميع الاتجاهات، ويمتد اللون الأزرق الفيروزي إلى ما لا نهاية، ولا تلوح أمام السياح أي يابسة في الأفق. ويقفز الطيار دان بولتون ومساعده تشاد بانفيلد على العوامة، ويقومون بسحب الطائرة على حبل إلى أن تتوقف الطائرة بجانب القارب الراسي في منطقة هاردي لاغون.
ويمتاز هذا القارب بأنه مزود بجدران زجاجية تتيح للسياح استكشاف العالم تحت الماء بشكل أفضل من الغوص.
أسماك نابليون
في تلك الأثناء يشاهد السياح أسماك نابليون وهى تسبح أمامهم، إضافة إلى أسراب من أسماك الببغاء الملونة. وتتوالد الحيتان الحدباء في هذه المياه خلال الفترة من مايو إلى سبتمبر. وبعد فترة قصيرة من الاستمتاع بهذه المناظر الطبيعية الساحرة، تنطلق طائرة سيسنا كارافان في الهواء مرة أخرى، وتحتاج عملية الإقلاع من سطح الماء لفترة أطول مقارنة بإقلاع الطائرات من المدرجات الأرضية.
وبعد سماع أزيز المراوح بقوة أقلعت الطائرة. وبعد دقائق معدودة وصل السياح إلى وايتهافن بيتش. وتروّج شركات السياحة لهذا الشاطئ البديع، الذي يمتد لمسافة ثمانية كيلومترات، بأنه «أكثر الشواطئ الرملية بياضاً في العالم».
وهنا يتسابق السياح لالتقاط بعض الصور الفوتوغرافية المتفردة لهذا الشاطئ من منظور عين الطائر قبل أن تحط الطائرة رحالها فوق سطح الماء.
وبعد أن توقفت الطائرة نزل الطيار ومساعده في سراويل السباحة إلى الماء الذي كان يصل إلى ركبتهما، من أجل مد يد العون للسياح أثناء النزول من الطائرة.