من أمراض العيون الشائعة لدى كبار السن
الضمور الشبكي.. الاكتشاف المبكر هو الحل الوحيد
يُعد الضمور الشبكي المرتبط بتقدم العمر - كما يتضح من اسمه - من أمراض العيون الشائعة لدى كبار السن. وعلى الرغم من أنه لا يمكن الشفاء من هذا المرض الذي يصيب شبكية العين، إلا أن اكتشاف هذا المرض، الذي يُعرف أيضاً باسم التنكس البقعي، وعلاجه في الوقت المناسب يمكن أن يساعد على إبطاء وتيرة تقدمه.
وأوضح البروفيسور بيرند بيرترام، أن مرض الضمور الشبكي عبارة عن تآكل للبقعة التي تغطي مساحة بضعة ملليمترات مربعة في منتصف الجزء الخلفي من شبكية العين. وفي هذه المنطقة توجد المخاريط في خلايا حسية متخصصة عالية الكثافة. وهذه المخاريط هي المسؤولة عن حدة الإبصار ورؤية الألوان، وأضاف بيرترام، رئيس الجمعية الألمانية لأطباء العيون «تتعرض هذه الخلايا للإجهاد الشديد على مدار العمر وتخضع لمراحل الشيخوخة».
نوعان
هناك نوعان من الضمور البقعي المرتبط بتقدم العمر، أولهما النوع الجاف والآخر النوع الرطب، ويقول شتيفان هورله، المدير الطبي لمستشفى العيون «أرتميس» الألمانية، «في حالة النوع الجاف يتوقف نشاط الطبقة المغذيةللخلايا شبكية العين، وبالتالي يتعذر إزالة السموم الناتجة عن عملية الأيض من شبكية العين بصورة سليمة، وعندئذ تموت الخلايا في شبكية العين تدريجياً». ويظهر النوع الجاف لدى 80 إلى 85% من المرضى الذين يعانون الضمور الشبكي المرتبط بتقدم العمر.
وغالباً ما يكون النوع الرطب ناتجاً عن الإصابة بالنوع الجاف من الضمور البقعي المرتبط بتقدم العمر. وأوضح البروفيسور بيرترام «يحاول الجسم إجراء نوع من آلية الإصلاح، التي ليس لها معنى؛ حيث يقوم بإنشاء خلايا جديدة من الطبقة الموجودة أسفل الخلايا البصرية، التي تُعرف باسم غلاف العين المشيمي، وتنمو هذه الخلايا الجديدة داخل الطبقة البصرية».
ومع ذلك تكون هذه الأوعية الدموية أقل ثباتاً واستقراراً، حيث يتسرب الدم والمياه منها بسهولة، وبالتالي تتضخم البقعة الشبكية. وقد يحدث أن تبرز طبقة الصباغ بشبكية العين عن القاعدة. وأضاف البروفيسور الألماني «مع هذا النوع من الضمور الشبكي يفقد المرء حاسة البصر بشكل أسرع، وقد يحدث ذلك في غضون أسابيع أو شهور قليلة».
وغالباً ما ترجع التغيرات في شبكية العين إلى وجود خلل جيني، فضلاً عن أن هناك العديد من عوامل الخطر الأخرى مثل التدخين وتعرض العين لإجهادات مكثفة بسبب الضوء أو الأشعة فوق البنفسجية أو ارتفاع ضغط الدم. ولم يتوصل الطب الحديث حتى الآن إلى وسائل تمنع ظهور هذا المرض.
وعلى الرغم من عدم وجود علاج ناجع لكلا النوعين من مرض الضمور الشبكي المرتبط بتقدم العمر، إلا أنه يمكن التأثير في مراحل تطور المرض، لذلك فإن اكتشاف المرض بشكل مبكر يعتبر من الأمور المهمة للغاية. وينصح البروفيسور الألماني بيرترام قائلاً «إذا لاحظ المرء أن الرؤية لديه أصبحت مشوشة أو إذا تعذرت عليه الرؤية المركزية باستمرار أو إذا تدهورت القدرة على الإبصار بوجه عام، فيتعين عليه الاهتمام بالأمر والتوجه إلى طبيب عيون».
وفي البداية يقوم طبيب العيون بفحص العين، ويقول الخبير الألماني شتيفان هورله «وبعد ذلك يقوم طبيب العيون بوضع بعض القطرات في العين لتوسيع الحدقة (البؤبؤ)، ثم يقوم بفحص قاع العين بواسطة مجهر القرنية». وإذا كان هناك شك في أن التغيرات الواضحة في حاسة البصر ترجع للإصابة بالنوع الجاف من الضمور الشبكي المرتبط بتقدم العمر، عندئذ يتم إجراء فحص صبغ العين أو التصوير المقطعي لطبقات شبكية العين (OCT) بشكل إضافي. ويتعلق الأمر هنا بطريقة فحص بالتصوير عن طريق أشعة الليزر.
وعند تشخيص حالة المريض بأنه يُعاني الإصابة بالنوع الجاف من الضمور الشبكي المرتبط بتقدم العمر، فعندئذ لا يمكن للمريض أن يفعل شيئاً حيال هذا الأمر. ولكن ظهرت في الآونة الأخيرة اثنتان من الدراسات الأميركية الكبيرة التي أثبتت أن المواد المضادة للأكسدة مثل الزنك وفيتامين C وE واللوتين يمكن أن تكون مؤثرة عند درجات معينة من الإصابة بالنوع الجاف من مرض الضمور الشبكي المرتبط بتقدم العمر.
نظام متوازن
أوضح الخبير الألماني شتيفان هورله، أن «هذه الدراسات ساعدت على انتعاش مبيعات المكملات الغذائية، لكن هذه المنتجات تحتوي في بعض الأحيان على مكونات لم يتم اختبارها في الولايات المتحدة على الإطلاق، وعلى الجانب الآخر فإن الجرعة تكون مختلفة». ولذلك ينصح الخبير الألماني المرضى بعدم تناول أية مُكملات غذائية، مشدداً على ضرورة اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن.
وعلى الجانب الآخر يوفر الطب الحديث العديد من الإمكانات عند الإصابة بالنوع الرطب من الضمور الشبكي المرتبط بتقدم العمر، حيث يوجد العديد من المستحضرات الطبية التي يتم حقنها في تجويف الجسم الزجاجي للعين في ظل أجواء معقمة في غرف العمليات.
وتعمل هذه المستحضرات الطبية على منع نمو الأوعية خلف شبكية العين، وتؤدي في بعض الأحيان إلى ضمور الأوعية الموجودة بالفعل. وبهذه الطريقة يمكن أن تستقر حالة المريض أو أن تتحول الحالة من الإصابة بالنوع الرطب إلى النوع الجاف.
وعند الإصابة بالنوعين الرطب والجاف من مرض الضمور الشبكي المرتبط بتقدم العمر يتعين على المرء مراعاة أن تلف الخلايا المخروطية يعني أنها فُقدت بشكل نهائي. غير أن الإصابة بالضمور الشبكي المرتبط بتقدم العمر لا تعني فقدان حاسة البصر تماماً، حيث يظل المرء محتفظاً بمجال الرؤية الخارجي. وبالنسبة للمرضى تتغير الحياة بشكل كامل، ويقول فرانز بادورا، رئيس جمعية المساعدة الذاتية «برو ريتينا ألمانيا» بمدينة آخن «يمكن استخدام وسائل المساعدة التقنية على نطاق محدود للغاية، مثل النظارات المكبرة وأجهزة قراءة التلفاز أو حتى برامج اللغة».
ومع ذلك فإن فقدان حدة الإبصار تعني أكثر من مجرد انعدام القدرة على تمييز بطاقات الأسعار في المتاجر أو التعرف على المواعيد في جدول الحافلات. وأضاف فرانز بادورا «عندما يفقد المرء مستوى كاملاً من عمليات التواصل غير اللفظية أو عندما يتعذر عليه رؤية تعابير الوجه بالشخص الذي أمامه أو أنه لم يعد بإمكانه التعرف إلى الجيران عندما يمرون في الشارع من أمامه، فكل هذه الأمور تتسبب في ظهور حالات السخط والضيق، وفي الحالات القصوى قد تؤدي إلى حالة من العزلة الاجتماعية».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news