«بابا إسكندر» وجبة السلطان مراد تلقى رواجاً في الإمارات

يأتي الطاهي «العثماني» بثوبه الأنيق وطربوشه الفاخر، وشنبه المبروم، ويقف عند باب السلطان بايزيد الأول في يوم ربيعي من عام 1398، حاملاً ما لذ وطاب من الأطعمة، ويدخل ليفاجأ بأن السلطان فاقد للشهية، فيطلب منه السماح بالانصراف ليأتيه بما يعيده إلى سابق عهده من حب للأكل والأطباق الفريدة.

متحف

يقع مطعم «سلطان بابا إسكندر» في شارع الجميرا بدبي، الذي يشتهر بمطاعمه، التي تتنافس في تقديم وجبات ومأكولات شهية تستقطب الزبائن من كل حدب وصوب، وإلى جانب الوجبات التركية الشهيرة، يقدم المطعم أجواء عثمانية مستوحاة من عصر السلاطين، يجسدها متحف صغير في قلب المطعم يضم أواني منزلية، كالقدور وفناجين القهوة الأنتيك ومواقد الطهي، التي كانت تستخدم في عصر السلطان عبدالحميد، والتي تم جلبها من بورصة خصيصاً لعرضها في المطعم. ويعرض المطعم لوحات حيكت من أجود أنواع الحرير التركي الخالص، والتي تصوّر حياة القصور والحرملك في العصور العثمانية السالفة، فضلاً عن لوحات تصور شخصيتي «كراكوز وعيواظ»، أشهر شخصيات مسرح الدمى في التراث التركي.

تبدأ من هنا حكاية الطبق العثماني الشهير «بابا إسكندر»، وهو عبارة عن شرائح لحم مطهوة بهدوء على الفحم، مختلفة الشكل والكثافة، وممزوجة بخلطة الطاهي الشهير، الذي أذهل السلطان وأعاد إليه شهيته للطعام، وصولاً إلى عصرنا الحاضر الذي تمكنت الوثائق والمدونات من الحفاظ على سر هذا الطبق الآتي من مدينة «بورصة».

قد تبدو حكاية اختراع هذا الطبق قديمة، ومر عليها زمن طويل، لكنها بشكل أو بآخر لعبت دوراً في تقريب المسافة بين مدينة بورصة، التي اشتهرت بكونها العاصمة المزدهرة للدولة العثمانية عبر التاريخ، وبين دبي الإمارة التي باتت محط أنظار العالم.

ومع انتشار الدراما التركية عبر القنوات الفضائية، وفي الوقت الذي تقوم فيه قناة دبي ببث المسلسل التركي «السلطانة قسم»، وهو امتداد لدراما «حريم السلطان»، الذي انتهت من بثّ أجزائه العام الماضي، فُتحت شهية المقيمين والزوّار في الإمارات عموماً، ودبي تحديداً، للأكلات التركية ذات الأصول الضاربة في القدم، والتي تعود إلى الزمن العثماني، وتعكس نمط حياة السلاطين والولاة، حيث الذوق الرفيع في تناول الطعام الذي يجمع بين الفوائد الصحية والنكهات الشهيّة. ويلقى طبق «بابا إسكندر»، أو «إسكندر كباب» في لوائح الطعام التركية الشهيرة، على وجه الخصوص، إقبالاً كبيراً من قبل الزبائن في دبي، حيث يترددون على مطعم «سلطان بابا إسكندر» في جميرا، الذي يقدم هذه الوجبة حصرياً بالوصفة التاريخية نفسها التي لاقت استحسان السلطان مراد الأول، وبقيت مصدر فخر أهالي مدينة «بورصة»، ويتمتعون بطعمها الفريد المكون من رقائق اللحم المطهو على قطع الفحم القادم من تركيا، والخبز المشبع بمرق الطماطم والزبدة التركية المذابة، ويعيشون الأجواء العثمانية القديمة بتناول وجبة يعود تاريخها إلى القرن الثالث عشر.

تطوير للطبق

طبق «إسكندر كباب» تم تطويره في عام 1867، حينما أضاف إليه محمد إسكندر أفندي اللبن الطازج، ليخفف حدة مرق الطماطم فيه، وكان ذلك في مدينة بورصة التركية، التي اعتبرت عاصمة الخلافة العثمانية في وقت من الأوقات، وقد حافظ مطعم «سلطان بابا إسكندر» على تقديم هذه الوجبة على أصولها، دون أي إضافات ليقدمها لزبائنه كأنها صنع منزلي. ويقول صاحب المطعم، فولكان ساهينكايا، عن هذه الوجبة: «رغم أننا نقدم في مطعمنا العديد من الوجبات التركية الشهية، وتتضمن الكباب والمشاوي، فضلاً عن الخبز التركي الطازج، والفطائر والمخبوزات الشهية، إلا أن وجبة (إسكندر)، هي الوجبة الأكثر تميّزاً لدينا، وهي التي تلقى رواجاً من قبل الزبائن، الذين يأتون من جميع إمارات الدولة لتناولها». وأشار مدير المطعم، تولغا ألوغلو: «تلقى الأطباق التركية التي نقدمها إعجاب الزبائن، لاسيما أننا نستخدم منتجات تركية 100%، نقوم باستيرادها من تركيا، كما نقوم ببيعها للزبائن الراغبين في ذلك، بالإضافة إلى أننا استقطبنا أفضل الطهاة من مدينة بورصة التركية، التي تشتهر بألذّ الأطباق التركية، والتي تطهى وفق الطرق التقليدية، ما يجعلها ألذّ وأشهى، كأنها طهيت في المنزل».

الأكثر مشاركة