طلاء الأظافر.. لون خاطئ قد يودي بحياتك
قد يبدو الجلوس في مركز تجميل أنيق، وانتظار جهاز الأشعة فوق البنفسجية المسلط على أظافرك أن ينهي مهمته في تجفيف وتثبيت الطلاء اللماع الذي قمت باختياره من بين مئات الدرجات والألوان والأنواع المصفوفة بترتيب أمامك، وقراءة هذه المعلومات التالية تعد أمراً مثيراً للدهشة، خصوصاً إن علمت بأن اختيارك للون طلاء الأظافر الخاطئ في الصين القديمة، قد يكون سبباً يودي بحياتك.
لطالما كان الجمال محور اهتمام البشر منذ القدم، وبين أنماط الموضة، والماكياج، والعطور، والإكسسوارات، وصولاً إلى طلاء الأظافر، كانت الألوان، والتزين بها، أحد أهم العناصر التي تم الاعتماد عليها في إبراز صورة أو رسالة أو فكرة محددة، سواء للإعلان عن حالة أو مناسبة ما، أو إبراز الحالة الاجتماعية، كما هو الحال في الصين، وتحديداً عام ٣٠٠٠ قبل الميلاد، حيث كان يتم طلاء أظافر الأسر الحاكمة والمقربين من البلاط بألوان قوية وبارزة، ما كان حصرياً تماماً عليهم، أما الأسر من الطبقات المتدنية، فكان يسمح لهم باعتماد ألوان فاتحة، بينما كان وضع طلاء بدرجة غير مسموحة أمراً أقرب إلى تزييف المكانة أو الهوية ما تصل عقوبته إلى حد الموت.
أما البابليون، فكانوا يقضون ساعات في شحذ وتلوين أظافرهم وتلوين شفاههم في طقوس خاصة استعداداً للمعركة، وهو ما قد يكون بعيداً تماماً عن أهداف كليوباترا التي كانت تفضل تلوين أظافرها بالحناء القاتمة، لتصل إلى اللون المفضل لها، وهو الأحمر الدموي، وهو أيضاً ما وجد على أظافر عدد من المومياءات.
لمعة الذهب
أحد أقدم أنواع طلاء الأظافر في الصين كان مزيجاً من شمع النحل، والصبغ المكون من الجيلاتين وبياض البيض الممزوج بزهور الأوركيد، والورود، والتي كان يتم تركها على الأظافر لساعات بهدف ترك بقع من اللون عليها، وكان اللونان الأحمر والأسود هما الأشهر، بحسب المخطوطات القديمة، بالإضافة إلى تعزيز اللون بتأثير معدني مكون من غبار أو بودرة معدنية من الفضة أو الذهب، فكانت الأظافر الملونة، رمزاً واضحاً ومهماً لعكس السلطة والثروة.
انتقلت موضة تلوين الأظافر من الصين إلى الهند ومنها إلى الشرق الأوسط وإفريقيا، إلا أنها لم تنتقل إلى أوروبا إلا بعد سنوات طويلة لاحقة، وتحديداً في القرن التاسع عشر، مع ازدهار التجارة القادمة من تلك المناطق، إلا أن الأمر كان لايزال مقتصراً بشكل حصري على الأثرياء، إلى أن تم افتتاح أول مركز للتجميل في القرن العشرين في عاصمة الجمال الفرنسية باريس، ولم يتم حتى تلك اللحظة تطوير طلاء الأظافر إلى نسخته السائلة حتى الآن، بل كان الأمر مقتصراً على أنواع الزيوت والبودرة التي كانت تلمع بها الأظافر لترك طبقة وردية فاتحة، أو أخرى حمراء (للجريئات فقط)، وكانت الأخيرة الدرجة المفضلة للأميرة دي فوسيني لوسين، التي كانت تشتهر بكونها أيقونة للموضة آنذاك بلون أظافرها القرمزي.
مانيكيور ماري
كحال أغلب ما نعرفه، لم يخرج طلاء الأظافر عن نسخته الكلاسيكية المتعارف عليها آنذاك إلى أن وصل إلى أميركا، ليتخذ تقنيات وأشكال متنوعة تم تطويرها على مختلف المراحل والعقود، وافتتح أول مركز أميركي لتزيين الأظافر في مانهاتن بنيويورك عام 1878، على يد سيدة تدعى ماري كوب، التي تعلمت فن الـ«مانيكيور» في فرنسا، لتنقله إلى أميركا، وتطور تقنيتها الخاصة، وتخرج بمنتجها الخاص، وبالرغم من كل ذلك، إلا أن «مبرد الأظافر» قد يكون أهم اختراعاتها حتى يومنا هذا.
قامت لاحقاً شركة أميركية متخصصة في العناية بالأظافر «كيوتكس» بإنتاج عدد من أنواع الطلاء، سواء تلك المعتمدة على المعجون، أو البودرة، أو أقلام الألوان، حتى ظهور طلاء الأظافر السائل في مطلع القرن العشرين، وفي عام 1925، كان الأخير، هو المنتج الوحيد المعتمد في الأسواق، والذي بدأ خلال الحرب العالمية الأولى.
خلال الحرب العالمية الأولى، استولت القوات الأميركية على مصنع ألماني للمواد الكيميائية، الأمر الذي أدى لاحقاً إلى انتشار واعتماد مادة كيميائية دخلت في الأسواق الأميركية، وتم اعتبارها واحدة من أهم المواد المعتمدة في طلاء السيارات في عشرينات القرن الماضي، والذي كان بداية الفكرة التي استوحت منها خبيرة التجميل الفرنسية ميشيل مينارد، التي كانت تعمل لدى شركة تشارلز ريفزون آنذاك، أول طلاء أظافر سائل، وتم تغيير اسم الشركة لاحقاً لتصبح «ريفلون»، والتي تحولت إلى واحدة من أوائل الشركات في صناعة المواد التجميلية، وبدأت «ريفلون» بيع طلائها للأظافر بدرجات وألوان مختلفة، لتوسع عملياتها لاحقاً وتبدأ بإنتاج خط للماكياج.
عيادة الأسنان
لم تقف تكنولوجيا طلاء الأظافر عند نسخته السائلة فقط، بل تطورت خلال حقبة الخمسينات، مع دخول تقنية لف الأظافر، إضافة إلى تقنية إطالة الأظافر باعتماد مادة الـ«أكريليك»، التي بدأت عن طريق المصادفة البحتة، وتحديداً في عيادة للأسنان، حيث كسر طبيب الأسنان فريدريك سلاك ظفره خلال عمله في العيادة، سواء بسبب عدم وجود ما يكفي من المرضى في ذلك اليوم، أو بسبب فضوله الزائد، قرر الطبيب سلاك أن يصلح ظفره المكسور باستخدام طبقة من ورق الألمنيوم، ومادة الأكريليك المستخدمة في طب الأسنان آنذاك من مختبره، ليقوم بتشكيل ظفر مستعار مقارب أشبه بالحقيقي، ما شجع الطبيب على أن يتعاون مع شقيقه لتطوير وتسجيل اختراع الأظافر المستعارة من الأكريليك.
مانيكيور فرنسي
في ثمانينات القرن الماضي، أراد خبير التجميل الأميركي جيف بينك، المؤسس للعلامة التجارية «أورلي»، أن يخرج بفكرة لطلاء أظافر كلاسيكي، يمكن أن يكون مناسباً لمختلف الأعمار والأذواق، ويحمل لمسة كلاسيكية يمكن أن تنافس بقوة، ومن هنا، ابتكر بينك فكرة «المانيكيور» الفرنسي، وظهر لأول مرة على منصة عرض الأزياء الباريسية، وتحول منذ تلك اللحظة إلى إحدى أشهر صيحات طلاء الأظافر التي لاتزال منتشرة ومرغوبة حتى يومنا هذا.
اليوم، هناك أنواع مختلفة من منتجات طلاء الأظافر التي تتناسب ومختلف الاحتياجات، سواء تلك المعروفة باسم الـ«جل» التي غالباً ما تتميز بكونها تدوم بشكل أطول من الأخرى الكلاسيكية، إضافة إلى تلك سهلة التقشير، التي تلتصق على الأظافر كطبقة متكاملة، أو التي يتم تركيبها فوق الأظافر الطبيعية، أو تلك ذات الألوان الفسفورية، التي تنير في الظلام، أو حتى تلك التي تسمح بدخول الماء والهواء إلى الأظافر للوصول إلى تلك التي تدّعي بكونها أنواع «حلال» لا تمنع الماء من الوصول إلى الأظافر أثناء الوضوء، وغيرها الكثير.
250 ألف دولار
بالرغم من أن أنواع طلاء الأظافر المعتادة غالباً ما تراوح أسعارها بين 20 و30 درهماً فقط، إلا أن ذلك لم يمنع من ابتكار طلاء أظافر وصل سعره إلى 250 ألف دولار أميركي، (أي ما يزيد على 918 ألف درهم إماراتي)، وهو تحديداً ما يعرف باسم «بلاك دايموند كينغ» المكون من 267 قيراطاً من أحجار الألماس السوداء، وهو ما طوره مصمم المجوهرات الشهير «أزاتور» عام 2012.
ووصف المصمم، الذي زينت تصاميمه شهيرات هوليوود من أمثال بيونسيه وريهانا، ابتكاره بـ«الجوهرة المثالية»، الذي أولى إليه اهتماماً مشابهاً لذلك الذي يوليه خلال تصميم مجوهراته.
ريتا هيوورث
مع ظهور التلفزيون الملون، استطاعت الممثلة الأميركية ريتا هيوورث، أن تشعل حمى طلاء الأظافر بين السيدات، ولاحقاً في نهاية القرن ذاته، وتحديداً عام 1994، تحول اللون الأحمر الداكن من «شانيل»، وتحديداً درجة «شانيل فامب»، الذي وضعته الممثلة الأميركية إيما ثورمان في فيلم «بلب فيكشن»، إلى إحدى أشهر درجات طلاء الأظافر حتى يومنا هذا، وأحد أكثر منتجات الدار التجميلية طلباً.
3000
قبل الميلاد، كان يتم طلاء أظافر الأسر الحاكمة، والمقربين من البلاط، بألوان قوية وبارزة.