الجمباز في مصر... رياضة أم موضة ووجاهة اجتماعية

بدأ كثير من الأسر المصرية أخيراً يحرص على اختيار نوع رياضة مناسبة لأبنائه بمجرد بلوغهم سن الثالثة، وفي بعض الأحيان قبل ذلك أيضاً.

ومن الملاحظ أن رياضة الجمباز بدأت تهيمن بقوة على عقول الكثير من الآباء والأمهات من مختلف الطبقات، في شتى المحافظات المصرية. فهل يعود السبب وراء ذلك إلى ما يمنحه هذا النوع من الرياضة من قوة عضلية وبنية جسدية للاعبيها، أم لأنها أصبحت بمثابة موضة ووجاهة اجتماعية في مصر حالياً، ولاسيما في ظل انتشار الأكاديميات والصالات الرياضية، إلى جانب النوادي.

ويقول الكابتن أحمد نادي، وهو مدرب جمباز وصاحب أكاديمية رياضية «أرى أن الجمباز هو أساس لأي رياضة، لأنه يعد البنية الجسدية للطفل بحيث يكون مميزاً في الرياضات الأخرى، كما يساعده على الاعتماد على النفس وإثبات الذات».

ويضيف المدرب الشاب المتخصص في تدريبات الجمباز الفني والايروبكس: «ولكن من ناحية أخرى، يعتبر الجمباز رياضة صعبة، لأنها تحتاج إلى مجهود كبير ما يجعل ممارسة الأطفال لها أمراً ليس بالسهل، بالإضافة إلى كونها مرتبطة بعنصر الوقت الذي يتطلب من الأطفال إتقان حركات رياضية معينة عند كل بطولة، ما يضع الطفل تحت ضغط نفسي وجسدي يفوق سنه الصغيرة».

وتقول مروة وهي أم لإحدى البطلات الصغيرات لرياضة الجمباز الفني، والتي تبلغ من العمر سبع سنوات: «بدأت لارين في ممارسة الجمباز الفني منذ أن كانت في الثالثة من عمرها.. لقد عانت كثيراً في البداية بسبب صعوبة اللعبة والكم الهائل الذي تتطلبه من صبر من جانب اللاعب والمدرب والأهل أيضاً، بالإضافة إلى خطورة بعض الأجهزة المستخدمة في اللعبة».

وينتقد بعض أولياء الأمور ممارسة الجمباز في كثير من الأماكن في مصر من دون مهنية، حيث لا يتم التعامل مع الأطفال الموهوبين على النحو الأمثل، كما ينتقدون الاستغلال المادي والمعنوي من جانب بعض الأكاديميات والصالات الرياضية.

من ناحية أخرى، تقول سارة، والدة أحد لاعبي الجمباز: «في كثير من الأحيان يلجأ المدربون إلى تعنيف المتدربين بصورة مبالغ فيها عندما لا يقومون بأداء الحركات الرياضية المطلوبة منهم بطريقة سليمة، ما يجعل الطفل ينفر من اللعبة بعد أن كان هو من اختارها بنفسه في البداية وأصر على ممارستها».

أما لمياء، وهي أم لمتدربة أخرى من بطلات الجمباز تدعى كرمة، فتقول: «أتكبد الكثير من المال لكي تمارس ابنتي رياضة الجمباز التي أصبحت حالياً مكلفة جداً بسبب ما تتطلبه من مصاريف كثيرة، تتضمن شراء الأدوات المستخدمة في التمرين، وتسجيل اللاعبين لخوض البطولات، وشراء ملابس وإكسسوارات البطولة باهظة الثمن، بالإضافة لتكاليف الأكاديمية التي تقوم بتدريب ابنتي».

وتضيف: «أتفهم جيداً أن الشيء لزوم الشيء، فأنا بإمكاني أن أمرن ابنتي في أماكن بسيطة تتقاضى قدراً معقولاً نسبياً من المال، ولكنني أعرف أن ابنتي لن تحصل على التدريب المناسب والكافي لجعلها بطلة، لذلك أضحي بالمال من أجل ضمان حصولها على تمرين جيد في مكان مناسب وعلى أيدي مدربين أكفاء».

ورغم أن الكثير من الأسر المصرية ترفض استمرار بناتهن في ممارسة الجمباز، خصوصاً عند بلوغهن سن المراهقة، وذلك لأسباب اجتماعية، نظراً لما تفرضه تلك الرياضة على لاعباتها من ملابس بمواصفات معينة، تكشف جزءاً كبيراً من الجسم، تعتبر الكثير من الأسر الجمباز واجهة اجتماعية راقية ومشرفة لها ولبناتها. كما ترى تلك الأسر أن الجمباز يضفي الكثير على شخصية بناتهن ويزيد من ثقتهن بأنفسهن بين قريناتهن، كما يعزز روح المنافسة لديهن.

وتقول نرمين وهي أم للاعبة جمباز إيقاعي وهو نوع من الجمباز يحتاج من لاعباته مرونة إضافية، ويتم باستخدام كرات وشرائط وأطواق خاصة: «لطالما كنت أرى أن هذه الرياضة راقية جداً، وكنت أحلم بأن تمارسها ابنتي عندما كنت أشاهد عروض البطولات الدولية على شاشات التلفزيون».

من ناحية أخرى، يقول أشرف، والد لاعبة أخرى من بطلات الجمباز الفني: «رشح لي أحد أصدقائي أن تمارس ابنتي مايا رياضة الجمباز، لكنني ترددت في البداية عندما رأيت كمّ المعاناة - الأقرب إلى التعذيب - التي كانت تعاني منها، وبسبب المجهود الذي كنت أبذله في إقناعها بالذهاب إلى التمرين، لكن مع أول بطولة خاضتها ابنتي وحصولها على الميدالية الذهبية، رأيت في عينيها فرحة الفوز التي دفعتني للاستمرار معها».

ويضيف: «لكنني عاودت التفكير مجدداً في التوقف عن هذه الرياضة المتعبة والخطيرة، ولاسيما مع ازدياد صعوبتها وخطورتها بعد كل بطولة كانت تخوضها، إلا أن ما انعكس عليها من قوام ممشوق وقوة جسدية كبيرة جعلت الكثير من مدربي الرياضات الأخرى يسعون جاهدين لضمها إلى فرقهم الرياضية، بسبب إدراكهم لحجم مهاراتها الكفيلة بتحقيق النجاح لها ولهم أيضاً - والتي يعود الفضل الأكبر فيها للجمباز بالطبع - ما زادني إصراراً على استمرارها في تلك اللعبة، لكن لا أعلم إلى متى».

وتقول أم أخرى تدعى نهى: «لم أكن أفكر من قبل في أن يحترف أي من أبنائي رياضة الجمباز، وكن عندما رأيت مدى إقبال مرتادي النادي الخاص بأبنائي، للاشتراك لأبنائهم في نشاط الجمباز، بدأت التفكير في إلحاق ابنتي بها لما شعرت به من أهمية للعبة بين الأمهات».

وعن سعر زي الجمباز المستخدم في يوم البطولة، فعادة ما يبدأ من نحو 300 جنيه، بحد أدنى 18 دولاراً، ويصل إلى 1000 جنيه للقطعة الواحدة. أما بالنسبة للجمباز الإيقاعي الذي يتميز بزيه الأكثر بهجة، فإن سعر القطعة الواحدة يبدأ من 1000 جنيه كحد أدنى ويصل إلى 5000 جنيه.

وتتنافس الأندية والأكاديميات الرياضية على تمييز فرقها في يوم البطولة باستخدام الإكسسوارات المميزة التي تعمل على توحيد الشكل العام للاعبين. وكلما زاد تميز شكل اللاعبين، أظهر ذلك مدى رقي مستوى النادي أو الأكاديمية المشاركة في البطولة.

أولياء أمور انتقدوا الاستغلال المادي والمعنوي من جانب بعض الأكاديميات.

أسر ترفضها لأسباب اجتماعية، وأخرى تعتبرها واجهة راقية لها ولبناتها.

رياضة الجمباز بدأت تهيمن بقوة على عقول الكثير من الآباء والأمهات من مختلف الطبقات وشتى المحافظات.

الأكثر مشاركة