خبراء في «زايد الدولية للبيئة»: تغليف الطعام يُلوّثه ويُهدّد الصحة
فرض التطوّر الكبير في طرق إعداد الطعام وتنوّع عادات استهلاكه، تعدد أنواع وأشكال مواد التعبئة والتغليف بصورة كبيرة، ورغم استفادتنا من هذه المواد، خصوصاً أن مزاياها تلائم إيقاع حياتنا السريع وتسهم في التقليل من إهدار الطعام، إلا أنها تؤثر في جودة الطعام ومدة صلاحيته وصحة الإنسان على المدى الطويل، حيث إن ملامستها للأغذية ملامسة مباشرة، يجعل من هذه المواد وسيلة لنقل وتسرب السموم إلى الجسم، وقد أكد خبراء بيئيون في مؤسسة زايد الدولية للبيئة، أن تغليف الغذاء يرتبط بأمراض خطيرة، لاسيما وأن مجموعة من الكيماويات المستخدمة في مئات المنتجات بما في ذلك تغليف الأطعمة، تتراكم في جسم الإنسان ولا يستطيع الجسم التخلص منها بالسرعة الكافية.
الوجبات السريعة
وقالت الأمين العام لمؤسسة زايد الدولية للبيئة الدكتورة مشكان العور: «تُعد مواد تغليف الوجبات السريعة وأوانيها من أهم مصادر الكيماويات السامة، إذ كشفت دراسة لوكالة الغذاء والدواء الأميركية انتقال هذه المواد من الأغلفة إلى الغذاء وتلويثه، خصوصاً الأطعمة الدهنية، ووجدت مركبات الفلور في 40% من أغلفة الوجبات السريعة التي خضعت للدراسة وشملت السندويتشات والبيتزا والدجاج المقلي والحلويات، كما أنها وجدت في أكياس الفشار ومياه الشرب وكيماويات التجميل والملابس، وهذا سبب آخر لتفادي الوجبات السريعة والأغذية الدهنية الجاهزة، خصوصاً بالنسبة للأطفال والحوامل، لأن التأثير في الأجنة والأطفال أكبر بكثير من سرعة نموهم وصغر أوزانهم مما يجعل التركيز أكبر، والأطفال بطبيعتهم أكثر تعرضاً للكيماويات عن طريق حليب الأمهات الملوث أو حركتهم ولمسهم لكل الأشياء حولهم، ومن ثم إدخال أيديهم في فمهم».
خلل هرموني
ودعت الأمين العام لمؤسسة زايد الدولية للبيئة، إلى وجوب الحذر من أحبار الطباعة التي يمكن أن تلوث الأطعمة مسببة خللاً هرمونياً، وقالت: إن «أواني الورق المعاد تدويره قد تحتوي على كيماويات سامة من عائلة الافثالات، تسبب مشكلات في الجهاز الهضمي، وهي (داي ايزوبيوتايل افثالات) أو (di-isobutyl phthalate)، و(داي ان بيوتايل افثالات (di-n-butyl phthalate)، علاوة على أن الأواني البلاستيكية تعد الأكثر جدلاً في الأوساط العلمية لاحتوائها على كيماويات ارتبطت في بعض الدراسات بالتأثير السلبي في نمو الدماغ والجهاز التناسلي لدى الأطفال، كما إن البلاستيك الذي يدخل في صناعة كرتون الحليب والعصير والمعروف بالبولي أوليفين (polyolefins) الذي يحتوي على مركب البنروفينون (benzophenone)، والذي يؤثر بدوره سلباً في الجهاز التناسلي للمرأة».
قوانين
وأشادت الأمين العام لمؤسسة زايد الدولية للبيئة، بالتحرك الدولي لمطالبة الصناعات الغذائية بمراجعة وتغيير مبدأ ومفهوم تغليف الغذاء من أساسه، وقالت: «تم التوقيع في ولاية واشنطن الأميركية على أول قانون ولائي يمنع استخدام مركبات الفلور السامة في تغليف الأغذية في شهر مارس عام 2018، وفي مدينة سان فرانسيسكو يتم التحضير لقانون يمنع استخدام هذه الكيماويات (PFAS) في الأدوات والأوعية البلاستيكية التي تُستخدم لمرة واحدة، بل إن ولاية كاليفورنيا في طور التشريع لإجبار صناعات أغلفة وأواني الطعام على أن تطبع تحذيراً على المنتجات التي تحتوي على هذه المجموعة من الكيماويات».
تأثير
من جانبه، أوضح الدكتور عيسى محمد عبداللطيف كبير المستشارين بمؤسسة زايد الدولية للبيئة، أن هناك مجموعة من الكيماويات تسمى اختصاراً (PFAS) لا تذوب في الماء ولا في الدهون ولا تلتصق بالطعام، وتستخدم في مئات المنتجات بما في ذلك تغليف الأطعمة، وقد ثبت ارتباطها بأمراض خطيرة بسبب تراكمها في جسم الإنسان الذي يتناولها يومياً مع الماء والغذاء، وقال: «وُجدت هذه الكيماويات في الدم والبول وحليب الأمهات ودم الحبل السري للأجنة، بل إنها منتشرة في أجسام البشر من كل الجنسيات، وثبت تأثيرها في الكبد والإخصاب والنمو، وتم ربطها بالأورام وخلل الغدة الدرقية وعمل الهرمونات، كذلك زيادتها من احتمال إصابة الحوامل بارتفاع الضغط ونوبات التشنج وتقليلها من فاعلية تطعيم الأطفال».
الأغطية المعدنية
وأوضح عبداللطيف، أن الزجاج يعتبر من الأواني الآمنة، إلا أن الأغطية المعدنية ربما تحتوي مادة (الافثالات) أو (Phthalate)، التي تعرقل عمل الهرمونات، وعلب الألمنيوم قد تحتوي على مضاد حيوي مسرطن ومهيج للحساسية من مركبات الفينول.
تلوث الوجبات السريعة
للحد من تلوث الأطعمة، فإنه يتوجب غسل اليدين بشكل متكرر لمنع نقل الجراثيم من غذاء إلى آخر، وعدم إعداد اللحوم والأسماك على السطح نفسه الذي تستخدمه لإعداد أطعمة أخرى، تفادياً لخطر التلوث، إضافة إلى ضرورة تخزين الطعام بشكل آمن داخل الثلاجة، مع مراعاة عدم بقاء الطعام لفترة طويلة في الهواء أو حتى بقاء الطعام المُغلف داخل السيارة طويلاً، لأن ذلك يجعله غير صالح للأكل، مع التأكيد على أن بقايا وجبات المطاعم أسوأ خيار قد يفكر الإنسان به، لاسيما أن تلوثها بالبكتيريا وروائح الدخان في المطاعم والأتربة في الجو، كل ذلك قد يسبب انتقال الأمراض المعدية، خصوصاً أن العطس أو الكحة أمران واردا الحدوث خلال تناول الطعام.