الحيوانات الأليفة.. «مؤثرون» ينافسون على نجومية مواقع التواصل
تمسك نيكولي لينهارت، وهي متدثرة بوشاح وثير، آنية تحتوي على بودنج الأرز الدافئ، وتبتسم لآلة التصوير، وأيضاً لنحو 45 ألفاً من المتابعين لها على موقع «إنستغرام»، بينما يجلس بجوارها بشكل ينم عن الوفاء كلبها الضخم، ومن المرجح أن يكون الكلب قد تناول طعامه الخالي من الحبوب، الذي نشرته لينهارت على الموقع منذ يومين.
وبمساعدة من صديقها الكلب، ومن شركائها في مجال الإعلانات، حققت لينهارت درجة كبيرة من النجاح بنشر صورها ومقاطع الفيديو الخاصة بها بشكل يومي، في وسائل التواصل الاجتماعي، لدرجة أنها أصبحت قادرة على ترك وظيفتها.
وصار عالم «الحيوانات الأليفة المؤثرة» يتضمن ليس فقط الكلاب والقطط المحبوبة، بل إن القائمة تتضمن أيضاً الخيول والأرانب والقنافذ والحشرات، وأصبحت تحصد ملايين المتابعين من جميع أنحاء العالم، وقد يكون النجم في هذا المجال حيواناً يتلقى علاجاً من الديدان، أو قطة جذابة نائمة على فراش من تصميم فنان متخصص، أو كلباً من فصيلة الباك المتميزة بالتجاعيد والوجه القصير يتناول أطعمة عضوية.
ويقول يوناس فولف من وكالة «بالس» المتخصصة في تسويق الحيوانات الأليفة المؤثرة على مواقع التواصل الاجتماعي، ومقرها هامبورغ، إن «الناس يريدون مشاهدة شيء إيجابي، ويريدون رؤية معلم جديد يخرجهم من النمطية»، وأسهمت جهود موقع «إنستغرام» في جعل التدوينات والصور أكثر شفافية، في مزيد من دفع وتحفيز هذا الاتجاه.
ويمكنك أن تتخيل لينهارت وميلو وهما يعيشان في الواقع بالطريقة نفسها التي تم نشرها على «إنستغرام»، غير أن بعض أنواع الحيوانات الأليفة المؤثرة تجعل النشطاء المدافعين عن حقوق الحيوان يشعرون بالقلق.
إذ تقول الطبيبة البيطرية مويرا جيرلاش، من رابطة رعاية الحيوان الألمانية «القلق هنا يأتي عندما تقوم بإضفاء الصفة الإنسانية على الحيوانات، وعندما تقوم بوضع ملابس عليها لتضحك عليها، وأحياناً تحظى الحيوانات المهجنة أو الدميمة بالنجاح بشكل خاص على (إنستغرام)».
وتوضح مويرا أن «هذه الحيوانات تعاني بروزاً في أسنانها أو أعيناً جاحظة، وربما لا تكون قادرة على التنفس بشكل جيد، أو مضغ طعامها بشكل مناسب».
غير أن اهتمام الجمهور بهذه النوعية من الحيوانات الأليفة، سواء كانت جذابة أو مخيفة الشكل، قد أوجد سوقاً رائجة تمول صناعة كاملة من الوكالات والمستشارين، وتعد لينهارت وكلبها ميلو من بين كبار «المؤثرين» على مواقع التواصل في ألمانيا.
لكن الكلب الأشهر في هذا المجال ينتمي إلى الولايات المتحدة، فمثلاً نجد أن الكلب جيفبوم، وهو من فصيلة بومرينيان صغيرة الحجم وطويلة الشعر، يحظى بنحو 9.8 ملايين متابع، كما صار يمتلك مجموعته التجارية الناجحة، ويقدر أن صاحبه يحصل على مبلغ يراوح بين 45 ألفاً و150 ألف يورو، مقابل كل صورة تنشر له على «إنستغرام». ولم تصل الحيوانات المؤثرة في ألمانيا إلى تحقيق ما يقترب من هذا المبلغ بعد، ويقول أندريه كاركاليس، مؤسس وكالة «توني» للحيوانات المؤثرة «إنها ليست سوقاً تجعلك تحصل على المال بسرعة»، غير أن هذه السوق تنمو بسرعة.
وأصبح مجال الحيوانات الأليفة في ألمانيا، الذي يضم 9.4 ملايين كلب، و14.8 مليون قط، مهتماً إلى حد كبير بالإمكانات التي تتيحها منصات التواصل الاجتماعي في التسويق، فمثلاً يقدر أن إجمالي مبيعات التجزئة لأطعمة الحيوانات الأليفة والمنتجات الخاصة بها بلغ 4.2 مليارات يورو (4.6 مليارات دولار) في عام 2018، مع عدم حساب المبيعات على الإنترنت، ويقول كاركاليس إن «الهدف الذي ترمي السوق إلى تحقيقه هائل».
وأحد النجوم اللامعة في هذا المجال في ألمانيا هو القنفذ ذو البطن البيضاء، الملقب «السيد بوكي»، وبعد نفوقه استبدلته صاحبته تاليثا جيرنوس بقنفذ آخر يدعى هيربي، وحفز نجاح القنافذ التي تمتلكها جيرنوس على تأسيسها شركة للسلع على الإنترنت منذ ثلاث سنوات، تبيع من خلالها أجندات وتقاويم وغيرها من المنتجات. ويوضح فولف أن الترويج لمنتج يحتاج إلى دمجه مع لقطات تنشر يومياً وصور احترافية، وإذا حظي الحيوان بشعبية كافية، فيمكنك أن تستخدم صورته لبيع الكتب والملصقات وأغطية الهواتف أو قمصان الـ«تي شيرت».
ويقف موقع «إنستغرام» وراء رواج مبيعات كل من لينهارت وجيرنوس، ولكن كيف تحصل على العدد الكافي من المتابعين الذين يريدون شراء السلع التي تطرحها؟
وتجيب لينهارت على هذا السؤال بقولها «يجب عليك أن تعيد اختراع نفسك مرة تلو الأخرى، ويجب أن تنتهج الأصالة في ذلك، كما يجب أن تميط اللثام عن شيء خاص بك، وعليك في المقام الأول أن تتجنب الإعلانات الكثيرة والفجة، كما يتعين أن يكون بمقدور المتابعين أن يشعروا بأنهم يتماثلون معك».
- أحد النجوم اللامعة في ألمانيا هو القنفذ ذو البطن البيضاء الملقب «السيد بوكي».
- الناس يريدون مشاهدة شيء إيجابي، ورؤية معلم جديد يخرجهم من النمطية.
- «جيفبوم» كلب من الولايات المتحدة يحظى بنحو 9.8 ملايين متابع، ويمتلك مجموعته التجارية الناجحة، ويحصل صاحبه على 45 إلى 150 ألف يورو مقابل كل صورة له على «إنستغرام».