جارة الصين وكورونا.. كيف حمت نفسها حتى الآن بـ«صفر وفيات»؟

على الرغم من وقوعها على الحدود مع الصين، استطاعت فيتنام التي اتخذت قرارات حاسمة، وأجرت اختبارات مكثفة، وطبقت إجراءات الحجر الصحي والوحدة الاجتماعية بقوة، أن تتجنب حتى الآن الدمار الذي لحق بأوروبا والولايات المتحدة.

وبعد تسجيلها حالات إصابة بفيروس كورونا (كوفيد-19) بالمئات فقط، أشادت منظمة الصحة العالمية بطريقة تعامل فيتنام مع الأزمة.
وأظهرت الإحصاءات الرسمية أنه يوجد حالياً أكثر من 75 ألف مواطن قيد الحجر الصحي أو العزل المنزلي. وأجرت البلاد حتى الآن أكثر من 121 ألف اختبار، تم تأكيد إصابة 260 حالة بالفيروس فقط من بينها.

وحتى الآن لم تسجل حالات وفاة بالفيروس، كما أن حالات الإصابة مازالت أقل من نظيراتها في كوريا الجنوبية وسنغافورة وحتى تايوان، وهى الدول التي حظيت بإشادة واسعة في وسائل الاعلام العالمية لتعاملها الفعال مع جائحة كورونا.

ويعتقد ممثل منظمة الصحة العالمية في فيتنام، كيدونج بارك، أن رد فعل فيتنام المبكر تجاه الأزمة كان حاسماً. وقال «كان رد فعل فيتنام مبكراً وفعالاً تجاه تفشي الفيروس. فقد أجرت أول عملية تقييم للمخاطر مطلع يناير الماضي، بعد بدء تسجيل حالات الإصابة بالفيروس في الصين».

وأضاف بارك أن فيتنام شكلت على الفور لجنة توجيه وطنية للحماية من فيروس كورونا المستجد والسيطرة عليه تحت إشراف نائب رئيس الوزراء الذي طبق على الفور خطة مواجهة وطنية.

وعلى الرغم من تسجيل عدد حالات إصابة منخفضة بفيروس كورونا، فرضت فيتنام إجراءات إغلاق في الأول من أبريل الجاري، وهو رد فعل أسرع وأكثر حزماً من رد الفعل في بريطانيا وإيطاليا اللتين سجلتا حالات إصابة بالآلاف قبل إغلاق الحياة العامة.

وفي دول أخرى فرضت الحكومات إجراءات إغلاق للتعامل مع أزمة الوباء الموجودة بالفعل. وفعلت فيتنام ذلك لمنع اندلاع أزمة في أنحاء البلاد يمكن تجنبها.

ويمكن أن يرجع معظم نجاح فيتنام إلى وحدتها الاجتماعية. وكان رئيس الوزراء نجوين شوان فوك قد وصف مؤخراً جهود فيتنام لاحتواء الفيروس "بالهجوم العام الربيعي لعام 2020" في إشارة متعمدة لهجوم تيت الحاسم عام 1968 الذي شنته حركة فيت كونج خلال الحرب الفيتنامية.

وكانت المدارس الفيتنامية قد أغلقت أبوابها منذ يناير الماضي، وبدأت إجراءات الحجر الصحي الجمعي منذ 16 مارس الماضي. ومنذ ذلك الحين وضع عشرات الآلاف من الأشخاص، القادمين من الدول الأكثر تضرراً من الفيروس، في حجر صحي إلزامي في مخيمات كبيرة ذات طابع عسكري. وبحلول 25 مارس الماضي، توقفت الرحلات الجوية الدولية تماماً.

ولا يبدو أن تخفيف القيود يلوح في الأفق في فيتنام، إذ وقفت أغلبية الرحلات الجوية الداخلية ورحلات القطارات والحافلات، ويوضع أي شخص يغادر هانوي، بؤرة تفشي فيروس كورونا في فيتنام، بالحجر الصحي بمجرد وصوله في أي إقليم أخر تقريباً.

وفسرت المديرة السابقة لإدارة الطب الوقائي بوزارة الصحة الفيتنامية، نجوين هوي نجا،  نجاح البلاد في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي. وقالت «فيتنام لم تشهد تفشياً مجتمعياً قوياً حتى الآن، لذلك عدد المسنين المصابين قليل».

وأضافت «مرضانا قليلون لذلك لدينا جميع المنشآت والأدوية والأطباء لعلاجهم. بالإضافة لذلك، لدينا خبرة في تطوير نظم علاجية»، مشيرة إلى تعامل فيتنام السابق مع متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد (سارس).

يذكر أن فيتنام كانت أول دولة خارج الصين تؤكد تسجيل حالة إصابة بسارس خارج الصين عام 2003، ومع ذلك كانت أول دولة تؤكد منظمة الصحة العالمية أنها تمكنت من احتواء تفشي الفيروس.

وقال بارك «تقوم السلطات كمرحلة أولى بالعزل والعلاج في مستشفيات للأشخاص الذين تأكدت إصابتهم بالفيروس أو من تظهر عليهم أعراض الإصابة، الذين يشتبه في أنهم أصيبوا بالفيروس». وأضاف أنه يتم وضع أي شخص له صلة مباشرة بحالات إصابة مؤكدة في الحجر الصحي الإجباري. وامتد هذا الإجراء إلى المخالطين للأشخاص الذين لهم صلة بحالات إصابة مؤكدة، إذ يٌطلب منهم عزل أنفسهم ذاتياً.

وفي المرحلة الأخيرة، يفرض الحجر الصحي على الشوارع أو المباني أو المناطق، التي تأكد تسجيل حالات إصابة بالفيروس فيها.

ويتسم رد الفعل الفيتنامي في بعض الأحيان بالشدة. فقد وقع مسؤولون في مدينة هو شي مينه تحذيراً مفاده أنه في حال اكتشاف أن أي شخص لا يرتدي كمامة نقل عدوى مرض خطير لشخص آخر قد يواجه عقوبة السجن لمدة تصل إلى 12 عاماً. وصدر حكم بسجن فيتنامي لتسعة أشهر في التاسع من مارس الماضي بعد رفضه الشديد ارتداء الكمامة.

الأكثر مشاركة