إطلالات..خالد الصاوي: «جلال أرسطو» شخصية استثنائية في «ليالينا 80»
على امتداد أيام الشهر الفضيل، يتبارى نجوم الدراما في العالم العربي، ليس فقط في تقديم أهم الأدوار الفنية، بل وفي رهانات الاختلاف والتنوع في جذب جمهور الشاشة الفضية وعشاق الدراما كل عام، في الوقت الذي فرض فيه العزل المنزلي، بسبب انتشار فيروس «كورونا» المستجد، للمرة الأولى، ظروف متابعة استثنائية، ستوجه دفة الاهتمام والإقبال نحو الدراما العربية على وجه الخصوص، لتضاعف مشاهدات جميع الأعمال المتسابقة هذا العام، التي نقف اليوم على أبرز مميزاتها، وأكثر شخصياتها الفنية فرادة وخصوصية.
بعد غياب طويل عن ساحة الدراما الرمضانية، وانسحاب اضطراري تجاوز ثلاثة مواسم، يعود النجم المصري خالد الصاوي مجدداً إلى الشاشة هذا العام، ليلفت انتباه الجمهور المصري والعربي في دور جديد كلياً هذه المرة، جذب إليه الأنظار منذ المشاهد الأولى لمسلسل «ليالينا 80»، للكاتب أحمد عبدالفتاح والمخرج أحمد صالح، مكرساً تفاصيل شخصية درامية معقدة تعشق الحياة وتكابد في تضميد جراح الغياب، فتتأرجح بين الماضي والحاضر وتضيع بينهما، في الوقت الذي تواجه من الجانب المقابل بقسوة من حولها، وأنانيتهم المفرطة، وعدم تفهمهم لأزماتها النفسية، التي برع الصاوي في إقناع المشاهد بضراوتها، مرتكزاً في ذلك على أداء متقن ومهارة استثنائية في ضبط اختلاجاته وردود أفعاله في هذا العمل الجديد، الذي يتشارك فيه البطولة مع كوكبة من النجوم، أبرزهم غادة عادل وإياد نصار وصابرين، وعدد من الوجوه الفنية الجديدة، في عودة مفعمة بالحنين إلى حقبة الثمانينات من القرن الماضي.
إطارات مجددة
إطلالة الصاوي التلفزيونية، وجدها الكثيرون مجددة هذا العام، سواء على صعيد الشكل، الذي بدا فيه الصاوي مكتنز المظهر، مختلف التفاصيل، قريباً إلى أجواء الثمانينات، سواء على صعيد الملابس أو الديكورات التي يتحرك فيها داخل العمل، أو حتى على صعيد مضمون شخصية «جلال أرسطو»، مدرس الفلسفة الجامعي المرموق والمثقف، الذي تجبره ظروف الحياة القاسية على الانعزال القسري ومواجهة مرضه النفسي الذي عانى فيه حالة نكران دائمة لموت زوجته وحبيبته نتيجة حادث سير أليم ومفجع. ما يدفعه إلى التقاعد المبكر، بسبب عدم أهليته للتدريس، وانسحابه المفاجئ من الحياة المهنية، ما ضخم وحدته وضاعف تدريجياً أحزانه، وجعله ينغمس في متاهات الخيال مع زوجته الراحلة منذ أكثر من خمسة أعوام، التي تظل تشاركه كل تفاصيل حياته ويومياته، وحتى لحظاته السعيدة، وتناقشه في بعض تفاصيل علاقته بشقيقه الأصغر، الذي يؤدي شخصيته النجم الأردني، إياد نصار، إلى جانب زوجته، وابنتهما مريم التي تتعرض لحادث سيارة تفقد على إثره بصرها.
أما أداء خالد الصاوي فجاء متزناً، متناغماً ووفياً لشخصية رجل العقل وأستاذ الفلسفة «جلال أرسطو»، المتمسك بحبال المنطق رغم اعتلاله وشعوره الدائم بالوحدة. وهذا ما يتجلى واضحاً في اقترابه الكبير من ابنة أخيه، وتعلقه الدائم بها الذي زاد بعد أزمة فقدانها للبصر، وانتقال زوجة أخيه وابنتها للعيش معه في منزل العائلة الكبير، الذي رافق عودة شقيقه مجدداً إلى أحد بلدان الخليج للعمل.
تتوالى الأحداث وتنكشف معها الرموز المبهمة ورحلة المشاهد الممتعة في ثنايا شخصية «جلال أرسطو» الأخاذة، التي يؤكد معها الصاوي في كل حلقة، مقدرة فريدة على التنويع والتنقل بسلاسة المبدع المتمرس بين متطلبات «حركة تطور» شخصيته الدرامية الجديدة، ومساراتها النفسية المتشعبة، بأداء بديع مغرق في الجمالية والإدهاش، وقادر على الاستحواذ على المشاعر بتعويذة، وخفة يمسك فيها الصاوي بأدق تفاصيل الدور، ليكسب ليس فقط تعاطف المشاهد مع أزمته النفسية، وإنما إعجابه بهذه الشخصية التائهة بين الماضي والحاضر بكل تفاصيلها المعقدة والغرائبية، النابعة من وفائها الدائم لذكرى الزوجة، وإنسانيتها المفرطة التي جسدها البطل عبر محاولاته الدائمة لمساعدة من حوله، خصوصاً ابنة أخيه المكفوفة، لإخراجها من عزلتها، معتمداً في ذلك على ذخيرته من علوم المنطق والفلسفة.
الدراما الرمضانية
يعتبر خالد الصاوي نجماً سينمائياً بامتياز، حيث قدم ما يزيد على 43 فيلماً سينمائياً، أبرزها: عمارة يعقوبيان، ميكانو، أدرينالين، الفيل الأزرق، الأصليين، صندوق الدنيا، وغيرها من الأفلام. إلى جانب تعدد مواهبه، سواء في مجال التمثيل أو الإخراج، أو التأليف القصصي والمسرحي، بالإضافة إلى أعماله الشعرية.
بالإضافة إلى ذلك، شارك الصاوي في ما يزيد على 21 مسلسلاً تلفزيونياً، مثل مسلسل «قانون المراغي» في عام 2009، الذي قدم فيه شخصية محامٍ انتهازي معروف. فيما تألق النجم بشخصية «حسن» في مسلسل «أهل كايرو» عام 2010، وفي مسلسل «خاتم سليمان»، ومسلسل «على كف عفريت»، كما قدم في عام 2015 دوراً مميزاً في مسلسل «الصعلوك»، الذي جسد فيه شخصية الفقير الذي يقيم في إحدى الحواري بمنطقة عشوائية، وينتقل للعمل في قصر أحد رجال الأعمال، وصولاً إلى آخر أعماله التلفزيونية «هي ودافنشي» في رمضان 2016، الذي اجتمع فيه بالنجمة ليلى علوي ليقدم شخصية الرسام.
- بعد غياب طويل عن ساحة الدراما الرمضانية وانسحاب اضطراري تجاوز ثلاثة مواسم يعود خالد الصاوي ليلفت انتباه الجمهور في دور جديد كلياً.